السلفية الجهادية بالأردن

شاب يرفع علم التيار السلفي الجهادي في اعتصام باربد مطلع نيسان ابريل

سلفيون أردنيون أثناء اعتصام في مدينة إربد (الجزيرة نت)

 ظهر التيار السلفي الجهادي في الأردن منتصف تسعينيات القرن الماضي مع محاكمة الأردن لما عرف بتنظيم "بيعة الإمام" في 1994.
 
وحوكم حينذاك عدد من أفراد التيار على رأسهم منظره عصام البرقاوي (أبو محمد المقدسي), وأحمد فضيل الخلايلة (أبو مصعب الزرقاوي), ويومها كان يسمى تيار "الموحدين".
 
وشكلت المحاكمة أول ظهور للتيار في الأردن، وظهر المقدسي والزرقاوي كقائدين للتيار، وشكل السجن أول محطة خلاف بين القياديين, وبرز فيما بعد كخلاف منهجي في قيادة التيار ومساره.
 
بعد الإفراج عنهما عام 1999 في عفو ملكي عقب تولي الملك عبد الله الثاني الحكم, خرج الزرقاوي من السجن متجها لأفغانستان فيما اتجه المقدسي للتنظير والعمل الدعوي الذي انتهى به إلى السجن مجددا نهاية 1999 في قضية "تفجيرات الألفية" التي بُرّئ منها بعد سنة من الاعتقال.
 

undefined

جناحان
ظل الخلاف بين جناحي التيار واضحا خاصة بعد انتقال الزرقاوي إلى العراق, وقيادته تنظيم القاعدة هناك حيث انضم إليه مئات السلفيين الجهاديين بالأردن, فيما كان آخرون قد انخرطوا في معارك القاعدة في الشيشان وأفغانستان.
 
تمكن الزرقاوي من السيطرة على التيار, واستمال الشبان للانضمام للقاعدة في العراق في غياب المقدسي الذي كان معتقلا من 2002 حتى 2005, وهي الفترة التي شهدت محاكمة مئات من شباب التيار أمام محكمة أمن الدولة بتهم يتعلق معظمها بتجنيد الشباب للجهاد في العراق.
 
بعد خروج المقدسي من السجن في 2005, أعلن خلافه مع منهج الزرقاوي من خلال ما عرف برسالة "المناصرة والمناصحة" التي وجهها للزرقاوي, وأنكر فيها عليه الكثير من أعمال القاعدة في العراق خاصة استهداف الشيعة والمسيحيين.
 
وأيد هذه الرسالة عدد من قادة التيار في الأردن مما شكل تحولا في مسار هذا التيار, وبداية نهاية قيادة الزرقاوي لمساره.
 
نفذت خلية تابعة للزرقاوي تفجيرات 2005 في عمان مما عرض التيار لضربات أمنية استمرت بعد اغتيال الأميركيين للزرقاوي في يونيو/حزيران 2006.
 

المقدسي منظر التيار (الجزيرة)
المقدسي منظر التيار (الجزيرة)

تنظّم بعد تشرذم
تشرذم التيار وظل بلا قيادة من 2006 حتى مارس/آذار 2008 عندما أفرجت المخابرات الأردنية للمرة الثانية عن المقدسي الذي أعاد تنظيم صفوف التيار على أسس معلنة هي:
 
1- العودة إلى سلمية الدعوة في الأردن لكن بصورتها الراديكالية المعروفة المفارقة للواقع السياسي والثقافي والاجتماعي العام.
 
2- ترتيب البيت الداخلي والحد من نزعة الغلو في التكفير, ومن المبالغة في القسوة في التعامل مع الآخرين، والسعي إلى توحيد مصادر المرجعية الفقهية والفكرية.
 
3- العمل على نقل "الدعوة" إلى غرب النهر (فلسطين), وبناء حركة تعلن الجهاد هناك على منهج السلفية الجهادية.
 
رغم نجاح المقدسي في جمع غالبية أبناء التيار على هذه الأسس, ظلت مجموعة محدودة تصر على ضرورة التطابق مع تنظيم القاعدة ورؤيته، بيد أنها مجموعة مضيق عليها أمنيا وغير مؤثرة في مسار التيار.
 
يعتبر المقدسي المنظر الأبرز للتيار, لكن تعرضه لمضايقات أمنية, وسجنه بشكل متكرر حالا دون استكمال مسار مراجعات التيار فبرزت قيادات التيار في الأردن, ومنها منظره في شمال الأردن أبو محمد الطحاوي، والقياديان في مدينة السلط جراح الرحاحلة ولقمان الريالات، وفي عمان الدكتور سعد الحنيطي وجواد الفقيه, وفي معان محمد الشلبي (أبو سياف) وصخر المعاني، وغيرهم من القيادات في مدينة الزرقاء التي تعتبر المركز الرئيس للتيار في الأردن.
 
يتوزع التيار في الأردن بالترتيب من حيث الانتشار على مدن الزرقاء, وعمان, وإربد, ومعان, والسلط, ومخيم البقعة للاجئين.
 
المفاهيم
تقوم القاعدة الحاكمة لفكر التيار على مفهوم "الحاكمية" التي تقوم على الكفر بالدساتير والنظم والمؤسسات السياسية والأمنية والعسكرية في العالم الإسلامي باعتبارها لا تلتزم بالتوحيد.
 
والمفاهيم الحاكمة لدى السلفية الجهادية تقوم على التأسيس للمشروعية الدينية والتاريخية، وإبراز الحاكمية لله مقابل الجاهلية المعاصرة وفقا للرؤية التي طرحها المفكر الإسلامي سيد قطب.
 
اعتصام لأتباع التيار السلفي في الزرقاء(الجزيرة نت)
اعتصام لأتباع التيار السلفي في الزرقاء(الجزيرة نت)

كما تقوم على الكفر بالديمقراطية والمجالس النيابية, والكفر بالطاغوت ونزع الشرعية عن الحكومات، والولاء والبراء في التنشئة السياسية، واعتماد تقسيم دار الإسلام ودار الكفر لتسويغ الأحكام والفتاوى، والتمايز عن الحركات الإسلامية الأخرى من خلال مفهوم الطائفة المنصورة، واعتبار الجهاد العمود الفقري لأيديولوجيا التيار وعمله.

 
برز التيار منذ مطلع عام 2011 على وقع الثورات العربية بخروجه بمسيرات واعتصامات سلمية في عمان والزرقاء وإربد ومعان والسلط، كما عقد أول مؤتمر صحفي له.
 
أعلن التيار في مسيراته واعتصاماته السبعة -قبل اعتصام المواجهة في الزرقاء في أبريل/نيسان الماضي 2011- مطالبه وهي تحكيم الشريعة الإسلامية, والإفراج عن معتقلي التيار في السجون الأردنية وعددهم ثلاثمائة تقريبا.
 
قدرت مصادر مستقلة عدد أفراد التيار في الأردن في 2011 بنحو ألف فرد دون اعتبار أسرهم.
 
واعتقل الأمن الأردني في أبريل/نيسان 2011 نحو 160 من أعضاء وقادة التيار, وقرر تحويلهم لمحكمة أمن الدولة بتهم مختلفة بعد المواجهة التي حصلت معهم في مدينة الزرقاء منتصف الشهر نفسه.
المصدر : الجزيرة