تحذير أميركي من العنف بالعراق

TOPSHOTS - Iraqis inspect the damage after a wave of attacks in Baghdad killed at least 57 people on December 22, 2011. The apparently coordinated blasts were the first major sign of violence in a row that has threatened Iraq's fragile political truce and heightened sectarian tensions just days after US forces completed their withdrawal. AFP PHOTO/KHALIL AL-MURSHIDI

حذرت وكالات استخبارات أميركية من ارتفاع وتيرة العنف الطائفي في العراق بعد الانسحاب الأميركي الذي اكتمل في الأسبوع الماضي بعد نحو تسع سنوات من الغزو.

وقدمت موجة التفجيرات -التي شهدتها بغداد أمس الخميس- مزيدا من الأدلة على تدهور الوضع الأمني بعد أيام من انسحاب آخر القوات الأميركية في العراق.

ويخشى الكثير من العراقيين أن تكون هذه الهجمات -التي تمت بتنسيق عال وفي وقت متزامن وراح ضحيتها 72 قتيلا وأكثر من مائتي مصاب- بداية لسيناريو الكابوس الذي يتمثل في انهيار التحالف الهش في الائتلاف الحاكم، واتساع نطاق العنف والعمليات التي تحمل بصمات تنظيم القاعدة، وسيطرة رئيس الوزراء الشيعي نوري المالكي على السلطات المحدودة الممنوحة للسنة في البلاد.

وقال رئيس لجنة المخابرات بمجلس النواب الأميركي مايك روجرز: "يجب ألا يكون مفاجأة لأحد أن يحدث هذا. الانسحاب السريع للقوات الأميركية يمكن أن يخلق حالة من الفراغ الأمني التي يمكن أن تتسبب ببعض المشاكل التي نراها".

وأضاف روجرز أن انسحاب القوات الأميركية قلل من نفوذ الولايات المتحدة لصالح نفوذ إيران التي تريد أن تبسط نفوذها في المنطقة، مشيرا إلى أنه "كان هناك الكثير من النصح والمشورة والدراسات التحليلية بشأن ما يمكن أن يحدث بعد الانسحاب، وهو ما نرى بداياته الآن".

ويشكل هاجس الفتنة الطائفية تحديا سياسيا لإدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما، التي أنهت الوجود العسكري الذي بدأ مع الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003 على العراق.

وفي مقابلة مع رويترز، هاجم ميت رومني -المرشح الجمهوري المحتمل لرئاسة الولايات المتحدة- الرئيس الأميركي باراك أوباما بسبب عدم إبقاء بعض القوات في العراق للحيلولة دون سقوطها مجددا في دوامة العنف الطائفي.

وكان الرئيس الأميركي السابق جورج بوش قد وافق في الأشهر الأخيرة في منصبه على تحديد نهاية عام 2011، موعدا نهائيا للانسحاب من العراق، وفشلت مفاوضات إدارة أوباما مع الحكومة العراقية بشأن منح عناصر القوات الأميركية حصانة ضد المقاضاة عن أي جرائم ارتكبت هناك، حيث انقسمت النخب السياسية في العراق بشأن الوجود العسكري بعد عام 2011.

وردا على تقارير الاستخبارات، قال مسؤول كبير في الإدارة الأميركية: "كانت هناك انقسامات طائفية في العراق قبل الغزو، ويرجح أن تستمر الصراعات الطائفية بعد مغادرة القوات الأميركية، هذه نقطة واضحة إلى حد ما".

وأضاف المسؤول الأميركي -الذي تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته- "يتم الآن حل الخلافات من خلال السياسة، ومن خلال الحوار. سفارتنا تساعد على العمل على حل تلك الخلافات. القوات المتبقية لن يكون لها أي دور"، مؤكدا أن قوات الأمن العراقية قادرة تماما على توفير الاستقرار الداخلي.

وشدد على ضرورة التفرقة بين توقعات الإدارة الأميركية بهجمات يشنها تنظيم القاعدة في العراق بهدف إفشال اتفاق تقاسم السلطة، والتوترات السياسية القائمة بين قادة البلاد.

كان البيت الأبيض قد علق على لسان سكرتيره الصحفي جاي كارني على تفجيرات أمس الخميس بالقول "إنها لن تعرقل التقدم المستمر في العراق".

يخشى السنة أن تكون مذكرة اعتقال الهاشمي بداية لملاحقة قادتهم في المستقبل (الجزيرة)
يخشى السنة أن تكون مذكرة اعتقال الهاشمي بداية لملاحقة قادتهم في المستقبل (الجزيرة)

سيطرة المالكي
وبعد يوم واحد من استكمال انسحاب القوات الأميركية من العراق، أصدرت الحكومة التي يقودها الشيعة مذكرة اعتقال بحق طارق الهاشمي -نائب الرئيس العراقي، أعلى مسؤول سني في البلاد- بتهمة التورط في أعمال إرهابية، الأمر الذي يهدد تقاسم السلطة بين الطوائف الشيعية والسنية والكردية.

ووفق التقديرات الأميركية الأولية، فإن تفجيرات الخميس قد تعيد شبح الحرب الطائفية بين السنة والشيعة التي دفعت العراق إلى شفا حرب أهلية في عامي 2006 و2007.

وردا على ذلك، قال مسؤول أميركي رفيع المستوى إن العراق استطاع من قبل أن يمر من أزمات سياسية، ويمكنه أيضا تجاوز الأزمة الحالية.

وأضاف "لقد رأينا العديد من الأزمات في النظام السياسي (في العراق)، واستمر هذا البلد يسير بدون حكومة لمدة عام تقريبا في 2010، وتمكن من حل هذه المشكلة، لذا نحن متفائلون".

وتابع المسئول الأميركي "علينا أن نفهم أن منطقة الشرق الأوسط تمر الآن بحالة مختلفة منذ بداية 2011. وأحد أهدافنا هو ضمان أن يبقى العراق محميا من الكثير من هذه الرياح الإقليمية، هذا ممكن، ولكن من المستحيل أن يتم بشكل كامل".

وفي محاولة للبقاء على اتصال مع العراق، تحدث جوزيف بايدن -نائب الرئيس الأميركي- مع الرئيس العراقي جلال الطالباني لدعم الجهود المبذولة لتهدئة العنف الطائفي.

وقال مسؤول أميركي إنه خلال العام الماضي، استعدت إدارة أوباما للانسحاب من العراق، ودرست الاستخبارات المشاكل السياسية المحتملة في البلاد بعد الانسحاب، وخاصة احتمالات الصدام بين السنة والشيعة، وبين العرب والأكراد، وإمكانيات عدم الاستقرار.

ومن جانبه، يرى المحلل السياسي العراقي هادي جالو، إن المالكي قد يواجه تفجيرات الخميس بشن حملة قوية ضد خصومه السياسيين، الأمر الذي سينعكس على تأجيج التوترات الطائفية.

وأوضح جالو أن التخطيط لتفجيرات بهذا التنسيق يستغرق عادة أسابيع، ويبدو أنه كان مخططا لها أن تتزامن مع انتهاء الوجود العسكري الأميركي في العراق، ربما لتقويض مزاعم الولايات المتحدة بأنها تركت وراءها عراقا مستقرا وآمنا.

المصدر : وكالات