انتقادات لخطة موريتانية لمواجهة الغلاء

من سوق الحبوب والخضروات بالعاصمة نواكشوط- تقرير "انتقادات لخطة موريتانية لمواجهة الغلاء"
تسعى الحكومة لفتح 600 دكان في مختلف أنحاء البلد لبيع منتجات مدعومة (الجزيرة نت) 
أمين محمد-نواكشوط
 
تعرضت الخطة التي أعلنتها الحكومة الموريتانية أمس لمواجهة آفة الغلاء وارتفاع الأسعار، لانتقادات شديدة قبل أن يبدأ تنفيذها الأسبوع القادم، وسط حالة من الترقب والانتظار تسود الشارع الموريتاني لمعرفة مدى نجاعة وتأثير هذه الخطة التي تأتي في وقت يشتد فيه الغلاء ويؤثر بشكل قوي على حياة الناس.
 
ورفضت المعارضة الموريتانية الخطة الحكومية، ووصفها حزب اتحاد قوى التقدم -الذي يعتبر أحد أبرز أحزاب المعارضة- "بالعملية الديماغوجية الجوفاء"، و"بغير المدروسة وغير المناسبة"، في حين قالت الحكومة إنها خطة "غير مسبوقة".
 
وتقضي الخطة الحكومية بفتح 600 دكان في مختلف أنحاء البلد لبيع الأرز والسكر والزيت ودقيق القمح بأسعار مدعومة، كما تتضمن إجراءات "ترمي إلى توسيع فرص التشغيل وتشجيع زراعة المواد الغذائية والنشاطات المدرة للدخل".
 
وسيبدأ تنفيذ هذه الخطة مطلع الأسبوع القادم ولمدة أشهر لم يحدد البيان الحكومي عددها، كما لم يحدد السقف المالي المرصود لتنفيذ هذه الخطة، مكتفيا بالإشارة إلى أن الدكاكين الـ600 سيتم تزويدها شهريا بـ3600 طن من السكر، و7200 طن من الأرز، و1800 طن من الزيت، و7200 طن من دقيق القمح.
 
تجربة فاشلة
وقال حزب اتحاد قوى التقدم المعارض إن تجربة الدكاكين التي ترتكز عليها هذه الخطة أثبتت فشلها في الماضي، حيث لا تغطي سوى حيز محدود في كل مقاطعة، ولا توفر للمواطن الذي يتحمل الإهانات وينتقل نحو النقاط المحددة بشق الأنفس إلا كميات زهيدة.
 
وأضاف الحزب في بيان أن التجربة أثبتت أن المستفيد الوحيد من تلك الدكاكين هم التجار المقربون حيث يحصلون على مبالغ طائلة من ميزانية الدولة من أجل توفير المواد بعيدا عن أي رقابة, إضافة إلى تسهيلات وإعفاءات جمركية وضريبية غير مبررة.
 
وأوضح أن أي خطة جادة تسعى إلى تخفيض الأسعار وجعلها في متناول المواطنين المنهكين ينبغي أن تقوم على تشاور حقيقي مع أهم الفاعلين الاجتماعيين من نقابات وجمعيات الدفاع عن المستهلكين، مؤكدا أن ما يطالب به السكان هو تخفيض أسعار المواد الاستهلاكية في عموم البلاد.
 
وكانت موريتانيا قد نفذت عدة خطط موسمية خلال السنوات الأخيرة للحد من تأثير ارتفاعات الأسعار، من أهمها تلك التي أقرت عام 2008 بسقف مالي بلغ 150 مليون دولار إبان موجة الغلاء العالمي حينها.

المستفيد الوحيد من دكاكين بيع المنتجات المدعومة هم التجار (الجزيرة نت) 
المستفيد الوحيد من دكاكين بيع المنتجات المدعومة هم التجار (الجزيرة نت) 

تساؤلات
ويعتقد الخبير الاقتصادي محمدنا ولد خطاري أن الخطة الحكومية -وبسبب الظروف التي ولدت فيها من ضغط داخلي وإقليمي معروف- جاءت غير مدروسة بما فيه الكفاية، حيث إنها لم تكشف عن مصادر أو حجم الأموال التي ستنفق فيها، كما لم تكشف عن تفاصيل الدعم المخصص للخضراوات والغلال في بلد يستورد من الخارج أكثر من 80% من حاجياته من هذه المواد، وهو ما يدفع للتساؤل عن مدى قدرة الحكومة على الاستمرار بهذه الخطة.

 
وخلص ولد خطاري في تصريحه للجزيرة نت إلى أنه لكل تلك الأسباب ستفيد الخطة على المدى القصير، لكنها ستفشل في الحد من تأثير ارتفاعات الأسعار في المديين المتوسط والطويل.
 
وشدد على أن أي حل للغلاء لا بد أن يبدأ بتخصيص نسب كبيرة للجانب الاجتماعي في الموازنة السنوية، عكسا لما هو قائم حاليا حيث خصصت موازنة 2011 نحو 15% فقط للجانب الاجتماعي، مقابل أكثر من 60% مخصصة لهذا الجانب في موازنة بلدين جارين هما المغرب وتونس في العام الجاري.
 
موسم فساد
بدوره يرى الخبير وأستاذ الاقتصاد بجامعة نواكشوط المصطفى السجاد أن هناك تناقضا بين إعلانات الحكومة وأفعالها، فهي تعلن خطة للتخفيض وترفع أسعار الوقود 11 مرة في العام المنصرم، علما بأن الطاقة مكون أساسي في الأسعار.
 
كما أن العلاجات التي تعلنها الحكومة -يضيف السجاد- موسمية سطحية ولا تعالج جذور المشكلة، مؤكداً أنه رغم كون الغلاء عالميا فإن هناك عوامل محلية تساهم فيه من بينها: التضخم، وانخفاض سعر العملة، وهي إشكالات عجزت الحكومة الحالية في نظره عن اتخاذ قرارات جوهرية لمعالجتها.
 
وأضاف السجاد للجزيرة نت أن الخطة الحالية تعاملت مع الشعب وكأنه مخيم لاجئين، متسائلا عن معنى وجدوى تخصيص 600 دكان لنحو خمسة ملايين ساكن.
 
وخلص إلى أن المشكلة أكبر من كل ذلك إذ إن مثل هذه الخطط بمثابة مواسم جديدة للفساد والإثراء في ظل البنية الإدارية الضعيفة والفاسدة، تماما مثل ما حدث في مشاريع أخرى كالطرق.
المصدر : الجزيرة