الجيش التونسي وثورة الشعب

نجح الجيش التونسي في الحفاظ على سمعته الجيدة لدى الأوساط الشعبية، حيث سعى -منذ خروجه من ثكناته العسكرية إبان الاحتجاجات الاجتماعية التي انطلقت شرارتها من ولاية سيدي بوزيد منتصف الشهر الماضي- لمنع تفجر الأوضاع أكثر، وعمل على حماية مؤسسات البلاد وأمن العباد.

ويرى المراقبون أن وقوف أفراد الجيش سدا بين قوات الأمن التونسية التي أطلقت النار والمتظاهرين، كان عاملا محوريا في زيادة احترام الشعب لهذه المؤسسة، التي التزمت منذ الاستقلال بالابتعاد عن الحياة السياسية وفقا لما ينص عليه الدستور.

أدوار متعددة
وهكذا اقتصر أداء الجيش التونسي على حماية حدود الوطن، والمساهمة في البنية التحتية للبلاد، إضافة إلى تمثيل تونس خارجيا ضمن قوات السلام التابعة لـلأمم المتحدة في عدة مناطق من العالم.

ويرى البعض أن الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي لم يهتم كثيرا بتطوير الجيش التونسي الذي لم يتجاوز عدد أفراده 35 ألفا، خاصة على اعتبار أنه لا حاجة تقتضي توفر البلاد على جيش قوي ما دام أنها تعيش حالة سلام مع دول الجوار.

وفي المقابل، اهتم بن علي بتأسيس جهاز أمني قوي عماده تشكيلات مختلفة من الشرطة، عملت -بصحبة جهاز المخابرات- على ضبط الوضع الداخلي وكبت الأصوات المعارضة، وأمعنت فيها تنكيلا وتعذيبا، حسب تقارير دولية.

جندي تونسي يلوح بيده لكي تتوقف قوات الشرطة عن إطلاق الغاز المدمع  (الأوروبية)
جندي تونسي يلوح بيده لكي تتوقف قوات الشرطة عن إطلاق الغاز المدمع  (الأوروبية)

استقبال بالورود
في ظل هذا الواقع، بقي العسكر بعيدين عن السياسية -خلافا لنماذج في المحيط الإقليمي القريب- وبقيت علاقتهم مع المواطن التونسي يسودها الاحترام، وهذا ما يدل عليه استقبال المواطنين في عدد من المدن والقرى التونسية بالورود والترحيب لقوات الجيش لدى انتشارها.

وخلال أوج هذه الأزمة مع فرار بن علي من البلاد واندلاع عمليات نهب واسعة، قام الجيش بدعوة المواطنين عبر أرقام هواتف -تم تداولها بشكل واسع- إلى التبليغ عن أي مخاطر يتعرضون لها بهدف التدخل وحمايتهم منها.

كما سعى أفراده من خلال الصور المنقولة عبر القنوات الفضائية والمواقع الاجتماعية إلى دعوة المتظاهرين للهدوء ومنع وقوع مواجهات مع قوات الأمن.

ومع انتهاء عهد وبداية آخر، يحسب للجيش التونسي خروجه فائزا بعد أن كسب احترام وتقدير المواطنين، وهو احترام يزداد مع مرور الأيام ومواصلة قوات الجيش انتشارها العسكري، سعيا لاستتباب الأمن في مختلف أرجاء البلاد.

المصدر : الجزيرة