تونس 2007.. مواجهات مسلحة نادرة وأزمة حقوقية متفاقمة
1/1/2008
عكر مطلع عام 2007 حالة الأمن والاستقرار التي تعيشها تونس، بمواجهات مسلحة بين رجال الأمن ومسلحين سلفيين أسفرت عن سقوط ضحايا من الجانبين لأول مرة منذ سنة 1980 (أحداث قفصة).
وتعد هذه المواجهات الحدث الأبرز خلال عام 2007 باعتبار أن حصيلة القتلى كانت مرتفعة إذ بلغت 14 قتيلا بينهم رجلا أمن، وباعتبار أن المتهمين في الأحداث -وهم من الإسلاميين السلفيين- استعملوا أسلحة متطورة كما أظهروا مهارات قتالية عالية حسب السلطات.
ونظرا لخطورة المواجهات استعانت الجهات الأمنية بمروحيات عسكرية ووضعت حواجز ونقاط تفتيش بكثافة في جميع الطرق الرئيسية والفرعية ودخلت البلاد وقتها حالة تأهب قصوى.
وصدرت أحكام بالإعدام على اثنين من المتهمين في القضية وبالسجن المؤبد على 18، والسجن 30 عاما على سبعة آخرين، بعد جلسة سادها صخب واحتجاج شديدان.
ووجهت للمعتقلين تهم التآمر على أمن الدولة ومحاولة تنفيذ الهجمات بهدف قلب النظام والقتل العمد واستخدام أسلحة والانخراط في منظمة إرهابية.
الإفراج عن إسلاميين
وغير بعيد عن موضوع الحركات الإسلامية، تميز عام 2007 بالإفراج عن تسعة إسلاميين كانوا مسجونين منذ أزيد من 16 عاما، من بينهم قيادات في حركة النهضة الإسلامية المحظورة.
ويأتي ذلك في خطوة تكاد تكون روتينية من قبل النظام دأب على القيام بها في الذكرى السنوية لما يسمى "تحول السابع من نوفمبر" وهو التاريخ الذي أقصى فيه بن علي سلفه الحبيب بورقيبة أول رئيس للجمهورية، عن السلطة.
ومن بين الأشخاص المفرج عنهم عبد الكريم الهاروني وعلى شنيتر ولطفي السنوسي ومحمد صالح قسومة، وهم من قيادات الحركة وقد حكم عليهم بالسجن المؤبد عام 1991 بتهم التآمر على أمن الدولة والانتماء لعصابة مفسدين.
وكان بن علي قد أصدر عفوا عن 21 معارضا بينهم قياديون نهضويون أيضا بمناسبة احتفال البلاد بذكرى إعلان الجمهورية. وبين الذين أفرج عنهم ستة من القياديين المحكوم عليهم بالسجن المؤبد عام 1991 لا سيما محمد القلوي منسق النهضة ودنيال زروق المتهمين بالانتماء لحزب النهضة الإسلامي ومحاولة الاستيلاء على السلطة بالقوة.
وأفرج أيضا في ذات المناسبة التي توافق 25 يوليو/تموز عن المحامي المعارض محمد عبو الذي منع بعد نحو شهر من إطلاق سراحه المشروط، من السفر إلى لندن حيث كان مدعوا من طرف قناة الجزيرة للمشاركة في برنامج حول وضع حقوق الإنسان في تونس.
الأزمة الحقوقية
ولم تغط هذه الخطوات التي تصفها السلطات بأنها إيجابية على طريق الديمقراطية في البلاد، استمرار الأزمة بين الحكومة وبين بعض الجمعيات الحقوقية والشخصيات والأحزاب السياسية.
ومن أبرز ملامح هذه الأزمة مواصلة منع الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان من عقد اجتماع مجلسها الوطني والتحقيق مع أعضائها ومحاصرة وإغلاق مكاتب المجلس الوطني للحريات.
هذا إضافة إلى التضييق المتواصل على الصحفيين المعارضين، ومن ذلك إيقاف مدير قناة الحوار التونسي والمشرف على موقع آفاق تونسية الطاهر بلحسين ومحاكمة مدير تحرير مجلة "كلمة" الإلكترونية عمر المستيري.
وتمادت السلطات -حسب منظمات حقوقية- في مضايقتها للصحفيين ومنعت الصحفي المعارض لطفي حجي من دخول مقر الحزب الديمقراطي التقدّمي في تونس، كما حكم بالسجن عاما على الصحفي سليم بوخذير -الذي اشتهر بمعارضته للنظام التونسي- وذلك بتهمة رفضه الامتثال لطلب التحقق من بطاقة هويته والاعتداء اللفظي على ضابط شرطة.
وعلى صعيد الضغط المتواصل الذي تتعرض له الأحزاب المعارضة الفعلية، يمكن اعتبار قضية إخلاء مقر الحزب التقدمي الديمقراطي القضية الأبرز، فقد باشرت الأمينة العامة للحزب مية الجريبي ومدير صحيفة الموقف المعارضة محمد نجيب الشابي إضرابا عن الطعام في العشرين من سبتمبر/أيلول أوقفاه بعد شهر، وكان تعبيرا عن احتجاجهما على القرار القضائي الذي وصفاه بأنه صدر بإيعاز من السلطات لإخلاء المقر.
استثمار عملاق
وبعيدا عن السياسة استطاعت تونس جلب الأضواء سنة 2007 اقتصاديا بعد نجاحها في استقطاب استثمار عملاق اعتبر الأضخم في شمال أفريقيا.
ويمثل الاستثمار مشروع "مدينة القرن" المقدرة قيمته بـ14 مليار دولار. وتمتد المدينة على 830 هكتارا، وتندرج في إطار التعاون الثنائي بين الجمهورية التونسية ودولة الإمارات العربية المتحدة، وتنفذ المشروع شركة "سما دبي".
وستنتج عن المشروع تدفقات استثمارية بمعدل مليار دولار سنويا وذلك على امتداد خمس عشرة سنة أي أكثر من معدل 750 مليون دولار سنويا من الاستثمارات الأجنبية المسجلة بين 2002 و2005.
كما أن المشروع سيحقق أثناء مرحلة بنائه فرص شغل تتراوح بين 8 و9 آلاف فرصة سنويا، وأكثر من 130 ألف موطن شغل مباشر وغير مباشر خلال فترة الاستغلال.
يشار إلى أن حدثين مؤلمين عاشتهما تونس هذا العام، حيث قتل تسعة أشخاص وفقد تسعة آخرون عندما فاجأتهم الأمطار الغزيرة وهم داخل سياراتهم في منطقة سبالة بن عمار بالضاحية الشمالية الغربية للعاصمة. كما قتل سبعة وجرح 32 آخرون بتدافع في حفل مجموعة "ستار أكاديمي" بمسرح الهواء الطلق بمدينة صفاقس جنوب البلاد.
وفي المقابل جلبت الرياضة كعادتها لتونس التميز الذي كان هذه السنة عربيا وأفريقيا وعالميا بفضل إحراز النجم الساحلي التونسي كأس رابطة الأبطال الأفريقية ومشاركته في كأس العالم للأندية باليابان واحتلاله المركز الرابع فيها، كما فاز مواطنه النادي الصفاقسي بكأس الاتحاد الأفريقي.
المصدر : الجزيرة