قصة الدوائر الانتخابية في الكويت

About 30 Kuwaiti reformist lawmakers gather 16 May 2006 outside the parliament building in Kuwait city, where hundreds of members of the elite special forces armed
 
ما هي قصة الدوائر الانتخابية في الكويت التي أثارت كل هذا الجدل؟ وما أهمية أن تكون عشرا كما تطالب الحكومة أو 25 كما هي عليه الآن وكما يريده بعض نواب المعارضة؟ أو حتى دائرة واحدة كما طرح البعض خروجا من المأزق الحالي؟
 
البداية بعشر دوائر
في عام 1961 استقلت الكويت وفي العام التالي مباشرة قسمت البلاد إلى عشر دوائر انتخابية تمهيدا لإجراء أول انتخابات برلمانية وتكوين مجلس للأمة (برلمان)، واعتمد قرار تقسيم الدوائر آنذاك على طبيعة سكان كل دائرة ونسبتهم العددية، فظهرت على خارطة الدوائر الانتخابية سمات مميزة لكل دائرة، فهذه دائرة للشيعة، وتلك للسنة، وهذه دائرة يسيطر عليها التجار، وتلك يغلب عليها الطابع العشائري والقبلي….، واستقرت الأمور بعد ذلك على الدوائر التالية: الشرق، القبلة، الشويخ، الشامية، كيفان، القادسية، الدسمة، حولي، السالمية، الأحمدي.
 
ولم يمنع هذا الوضع المستقر من تغييرات طفيفة كانت تحدث بين الحين والآخر على الحدود الجغرافية لهذه الدائرة أو تلك بناء على التوسع العمراني هنا أو هناك. وبعد 18 عاما أي في عام 1980 شهدت خارطة الدوائر الانخابية تغييرا كبيرا فرضه واقع التوسع العمراني والزيادة السكانية، فأصبح عدد الدوائر 25 دائرة.
 
منذ تلك الفترة وحتى آخر انتخابات برلمانية عام 2003 أي على مدى 23 عاما جرت خلالها العديد من الانتخابات وظهرت على السطح الكثير من السلبيات الناجمة عن هذا التقسيم (25 دائرة)، كانت أبرز هذه السلبيات تتمثل في كثرة عدد الدوائر وقلة عدد الناخبين في الدائرة الواحدة، مما أوجد ظواهر جديدة على المجتمع الكويتي مثل شراء الأصوات ونقل الناخبين من دائرة إلى أخرى، ثم كانت المشكلة الأكبر المتعلقة بكبر عدد الناخبين في دائرة وقلتهم في دائرة ثانية مجاورة مما أخل بالتوازن النسبي بين الدوائر. لهذه الأسباب أصبح الحديث عن إعادة تقسيم الدوائر الانتخابية على مستوى الكويت قضية الساعة.
 

"
الزيادة السكانية والتوسع العمراني أوجدا حاجة لزيادة عدد الدوائر من عشر إلى 25 غير أن هذا أخل بالتوزان النسبي بين الدوائر
"
أفكار لتقسيمات مختلفة
وقد طرحت لمعالجة هذه السلبيات العديد من الأفكار، منها إلزام هيئة المعلومات المدنية بوضع ضوابط للحد من ظاهرة انتقال الناخبين بين الدوائر وذلك بعمل سجلات تحاكي الواقع السكاني في كل منطقة بحيث لا يصوت في الانتخابات إلا أبناء الدائرة القاطنين فيها ويمنع غيرهم من سكان الدوائر أخرى.
 
ومنها أيضا فكرة العودة إلى الدوائر العشر (وهو ما يدور الجدال بشأنه حاليا) مع إعادة توزيع هذه الدوائر وفقا للتوزيع السكاني الجديد. ومنها الاقتصار على خمس دوائر فقط وذلك لتحقيق التوزان النسبي بين أصوات الناخبين، بل وصل الأمر بهذه الأفكار إلى حد طرح بعض النواب فكرة أن تكون الكويت بأكملها دائرة واحدة على أن يتم الأخذ بنظام القائمة النسبية بعد الإقرار بقانون يجيز قيام أحزاب سياسية، غير أن الحكومة اعتبرت أن هذا الاقتراح جاء في غير أوانه.
 
أعلنت الحكومة الكويتية أنها تميل إلى فكرة العشر دوائر مع اشتراط مراعاة النسب العددية لكل دائرة بحيث تضم في إطارها بعض المناطق الواقعة
خارج الكشوف الانتخابية بما يتماشى مع الامتداد الجغرافي للمناطق الحضرية وللمخطط الإداري للدولة.

 
التوجهات السياسية للدوائر
أما طبيعة التوجهات السياسية للدوائر الانتخابية الأبرز في الكويت حاليا فهي على النحو التالي:
 
الدائرة الأولى (الشرق) هي دائرة شيعية نتيجة لنقل أصوات أتباع المذهب الشيعي من دوائر أخرى إلى هذه الدائرة، ولذلك فالتنافس الانتخابي فيها شيعي/شيعي.
 
أما الدائرة الثانية المسماة أم المرقاب فهي دائرة سنية حضرية يدور التنافس الانتخابي فيها عادة بين الليبراليين والإخوان المسلمين.
 
والثالثة (القبلة) يحتدم التنافس فيها بين القوى التجارية والرأسمالية.
 
أما الدائرة الرابعة والخامسة فيدور التنافس بين الشيعة والسنة نتيجة لتقارب عدد الناخبين المنتمين لكلا المذهبين.
 
وفي الدائرة الـ12 (السالمية) فتسيطر عليها قبيلة العوازم.
 
وكذلك الحال بالنسبة للدائرة الـ14 (برق، خيطان) فهي دائرة قبلية تسيطر عليها قبيلة عتيبة مع وجود تنافس من قبيلتي مطير والحضر.
 
هذه الصورة التنافسية المؤسسة في أغلبها على قاعدة قبلية أو طائفية أدت في المجمل إلى تشتت عملية التحديث السياسي المأمول للحياة البرلمانية في الكويت، واتخاذها مسارا بعيدا عن التطور المستند إلى مفهوم المواطنة والمعتمد على الكفاءة الشخصية للمرشح وعلى برنامجه الانتخابي أكثر من أي ولاءات أو إنتماءات أخرى، وقد يكون إعادة رسم خريطة الدوائر الانتخابية مدخلا لتصحيح هذا المسار.
______________
الجزيرة نت
المصدر : الجزيرة