مؤتمر الدوحة يتصدى لمناهضي مفهوم الأسرة الطبيعية

رانيا الزعبي

حمل مؤتمر الدوحة العالمي للأسرة الذي جرى افتتاحه الاثنين بالعاصمة القطرية بشدة على الأطروحات الفكرية التي تدعو إلى هدم مفهوم الأسرة والقضاء عليه تحت مبررات الحداثة والتطوير.

"
الشيخة موزة: لا علاقة للأفكار الهدامة بالدين أو الحداثة
"

وفي هذا السياق دعت الشيخة موزة بنت ناصر المسند رئيسة المجلس الأعلى لشؤون الأسرة، قرينة أمير قطر، لدى افتتاحها المؤتمر إلى حماية الأسرة من هذه الأفكار، مؤكدة أنها لا تنسجم مع أي من الشرائع السماوية، رافضة قبولها على أساس الحداثة والتغيير، ومشددة على أن الهدف منها هو التحايل على القيم الدينية والاجتماعية والثقافية العريقة التي طالما حمت الأسرة وصانتها.

ودعت الشيخة موزة إلى التفكير بإمكانية إنشاء مركز للبحوث والدراسات الأسرية يكون في مقدمة مهامه اتخاذ المبادرات الهادفة إلى التنسيق والتكامل بين البرامج الوطنية والإقليمية والدولية في مجال الأسرة.

وفي إشارة إلى مدى خطورة الأفكار المطروحة حول تعريف مفهوم الأسرة، أكد مدير المركز العالمي لسياسة الأسرة في الولايات المتحدة الأميركية ريتشارد ويلز أن جميع الدلائل تشير إلى أن صراع الثقافات بات أمرا محتوما وقريبا.

واعتبر الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى أن الفقر والجوع من أهم العوامل التي تهدد بالقضاء على الأسرة، مشيرا إلى الأوضاع السياسية الصعبة في كل من فلسطين والعراق التي تسببت بخلق مشاكل اجتماعية واقتصادية صعبة.


دلالات خطيرة
وفي سياق السعي للحفاظ على الأسرة أكد البروفسور غاري بيكر الحاصل على جائزة نوبل للاقتصاد أن سبب الاهتمام العالمي المتزايد خلال السنوات الأخيرة بالأسرة، هو رغبة الكثير من أصحاب الرأي القضاء على الأسرة، محذرا من وجود بعض الإشارات التي تدل على تمكن أصحاب هذا الرأي من فرض رؤيتهم على أرض الواقع.

واعتبر بيكر أن تدني عدد المواليد في العديد من دول العالم أحد المؤشرات الخطيرة على بدء تفكك الأسرة، وكذلك الأمر بالنسبة لزيادة معدلات الطلاق التي وصلت نسبتها في الولايات المتحدة إلى 50% بالنسبة للزيجات الحديثة.

واتهم بعض الدول بتأميم الأسرة، عبر الهيمنة عليها من خلال القيام بالمهام التي كانت موكلة تاريخيا لها مما ساهم بتفكيك الأسرة وإلغاء الحاجة لوجودها في نظر الكثيرين من أبناء المجتمعات المختلفة.

ومع أن بيكر ركز على أهمية تعليم المرأة فإنه عارض أن تكون نسبة تعليم المرأة في بعض الدول تفوق بكثير نسبة التعليم لدى الرجال، الأمر الذي خلق خللا كبيرا في وظائف كل من الجنسين، كما طالب الحكومات بتشجيع المرأة المتعلمة والمتزوجة على الجلوس في البيت لرعاية أسرتها من خلال توفير بدل مالي لها، على اعتبار أنها تقوم بوظيفة هامة للمجتمع.

وأضاف أن الأرقام العالمية تؤكد أن النساء ربات البيوت يساهمن بنسبة 25% من الدخل القومي في بلدانهن، داعيا الحكومات إلى رفع يدها عن الأسر وعدم التدخل بوظائفها، ضاربا مثلا على ذلك بيوت العجزة الحكومية التي حلت محل وظيفة تاريخية للأسرة، وكذلك عدم تشجيع النساء على الإنجاب خارج المؤسسة الزوجية من خلال توفير الدعم المالي لهن ولأبنائهن.


الإسلام والأسرة

undefinedمن جانبه ركز رئيس الوزراء الماليزي السابق محاضر محمد على خطورة الأفكار التي يحاول البعض طرحها بديلا لمفهوم الأسرة الطبيعية مثل العلاقات الجنسية العابرة، وعلاقات مثليي الجنس، مشددا على خطورة هذه الأفكار على المجتمعات.

وأكد أن الدين الإسلامي ممثلا بالقرآن الكريم والسنة النبوية قدم نموذجا سويا ودائما للأسرة، مشددا على أن جميع الأفكار التي تطرح باسم الدين الإسلامي خارج القرآن والسنة النبوية يجب أن تكون قابلة للنقاش ومن ثم الرفض أوالقبول.

وقال محمد إن الدين الإسلامي سمح للرجل أن يتزوج أربع نساء لكن ضمن شروط معينة، ولم يترك الباب مفتوحا وفقا لشهوات الرجل ورغباته. وطالب بإصدار فتاوى شرعية تضع حدا لبعض المعتقدات الدينية الخاطئة لدى المسلمين والتي من شأنها أن تدمر الأسرة والمجتمع، مثل الطاعة العمياء للزوج من قبل الزوجة في العلاقة الزوجية حتى لو كان الرجل حاملا لمرض الإيدز.

وطالب بضرورة تحديث بعض القيم الإسلامية بما لا يتعارض مع القرآن والسنة النبوية مؤكدا أن الإسلام ليس عقبة في طريق التطور.

يذكر أن مؤتمر الدوحة يعقد في نهاية الاحتفال بالذكرى السنوية العاشرة للأسرة الدولية، وكان قد سبقه ثلاثة مؤتمرات تحضيرية خلال العام الجاري في المكسيك وستوكهولم وجنيف، وذلك في إطار الجهود الدولية لحماية الأسرة بعد طرح أفكار تهدد هذا الكيان خلال مؤتمرات القاهرة للسكان عام 1994 ومؤتمري بكين 1 وبكين 2.

_____________
الجزيرة نت

المصدر : الجزيرة