يشكلها أعضاء من المستوطنات والتيارات الحريدية والصهيونية الدينية.. أين ستقود حكومة نتنياهو المتطرفة المرتقبة إسرائيل؟

swearing-in ceremony for the new Israeli parliament the 25th Knesset
اليمين المتطرف سيسيطر على حكومة نتنياهو المقبلة (رويترز)

القدس المحتلة- يمهد انتخاب ياريف ليفين رئيسا للكنيست الإسرائيلي الطريق أمام رئيس حزب الليكود بنيامين نتنياهو لتشكيل حكومته السادسة، وذلك عبر احتواء الصراعات الخفية داخل حزبه وتأجيل توزيع المناصب الوزارية والبرلمانية على أعضاء الليكود، الأمر الذي يمكنه من تشكيل لجان برلمانية مؤقتة تبحث بالتشريعات القضائية، ويسرع عملية تشريع القوانين اللازمة من أجل تنفيذ الاتفاقيات الائتلافية.

واشترطت الأحزاب الشريكة في الائتلاف المستقبلي، وهي "شاس" و"يهودية التوراة" و"عظمة يهودية" "والصهيونية الدينية"، إقرار القوانين كشرط لأداء اليمين في الحكومة الجديدة، والإعلان رسميا عن الحكومة التي تحظى بدعم 64 من أعضاء الكنيست من معسكر اليمين.

وفي عودة إلى تركيب وتشكيل الكنيست الـ25، أظهر إحصاء لجمعية "كيرم نفوت" التي ترصد النشاط الاستيطاني في الضفة الغربية المحتلة، ارتفاعا في عدد النواب المستوطنين في الكنيست إلى 14 عضوا، وهو ما يعادل 12% من مجمل أعضاء الكنيست البالغ عددهم 120 عضوا، علما أن 38 من أعضاء الكنيست الذين سيشكلون الحكومة المقبلة ينحدرون من المستوطنات والتيارات الحريدية والصهيونية الدينية.

وبدا تركيب الكنيست والأحزاب والتيارات التي تهيمن عليه من أبرز التحديات للفلسطينيين -وفقا لمحللين إسرائيليين- وذلك بسبب انعكاس هيمنة المستوطنين على المشهد السياسي ومقاليد الحكم، وتداعيات هذه الهيمنة على التطرف السياسي والأمني الإسرائيلي تجاه الفلسطينيين.

بيد أن هذه التركيبة الائتلافية والبرلمانية ستكون أيضا -وفقا لمحللين- بمثابة التحدي الأكبر أمام نتنياهو الذي سيجد نفسه في سباق محموم أمام الأحزاب الحريدية وتحالف الصهيونية الدينية، التي ستتمادى في انحيازها للمستوطنين، وللقيم اليهودية التوراتية على حساب اليهود العلمانيين.

تشريعات وتعهدات

وإلى حين مواجهة هذه التحديات، سيسرع انتخاب رئيس الكنيست تخطي العديد من العراقيل البرلمانية وتشريع رزمة من القوانين للوفاء بتعهدات والتزامات الليكود لأحزاب اليمين، وحل القضايا والإشكاليات القانونية العالقة التي تحول دون إخراج الاتفاقيات الائتلافية إلى حيز التنفيذ، وذلك بعد أن وافق الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ على طلب نتنياهو منحة مهلة 10 أيام إضافية تنتهي في 20 ديسمبر/كانون الأول الجاري.

وتتمحور القوانين والتشريعات القضائية العالقة التي تحول دون تنفيذ الاتفاقيات الائتلافية حول تعديل "قانون أساس الحكومة"، بحيث يسمح التعديل بتعيين رئيس حزب "شاس"، أرييه درعي، المدان بالفساد، وزيرا، إذ من المفروض أن يشغل منصب وزير المالية.

وكذلك تشريع قانون آخر يقضي بتوسيع صلاحيات وزير الأمن الداخلي "الأمن القومي"، رئيس حزب "عظمة يهودية"، إيتمار بن غفير، ومنحه صلاحيات واسعة في جهاز الشرطة منها تعيين كبار الضباط، ونقل كتائب "حرس الحدود" بالضفة الغربية إلى إمرته.

ويسعى الائتلاف إلى تقويض صلاحيات المحكمة العليا الإسرائيلية من خلال تشريع قانون "التغلب" الذي يمنع المحكمة من شطب قوانين شرّعها الكنيست، إلى جانب مشروع قانون عودة المستوطنين إلى بؤرة "حوميش"، والتحلل من خطة الانفصال عن قطاع غزة وشمال الضفة الغربية عام 2005.

نفوذ وصلاحيات

لا يستبعد المحلل السياسي المتخصص بالشأن الإسرائيلي محمد مجادلة أن يكون انتخاب ليفين رئيسا للكنيست ثابتا وليس مؤقتا مثلما أعلن نتنياهو، علما أن ليفين هو القيادي الثاني في حزب الليكود، ويعتبر الداعم لنتنياهو في المشهد الحزبي الإسرائيلي.

وأشار مجادلة -في حديثه للجزيرة نت- إلى أن الانتخاب المؤقت لرئيس الكنيست، يبدو كمناورة من نتنياهو للإبقاء على ليفين بشكل ثابت في رئاسة البرلمان، بهدف تجنب الخلافات في حزب الليكود على هذا المنصب، وهو ما يمكّن نتنياهو من تشريع القوانين والالتزام بتعهداته للشركاء في الائتلاف للإعلان عن تشكيل وتثبيت الحكومة.

ويعتقد المحلل السياسي أن انتخاب ليفين رئيسا للكنيست سيكون عونا ودعما لنتنياهو بالوفاء بالتزاماته للأحزاب الحريدية وتحالف أحزاب "الصهيونية الدينية"، من أجل التوصل نهائيا إلى الاتفاقيات الائتلافية التي تمكن من توزيع المناصب الوزارية، وتحديد الصلاحيات وبلورة سياسة الحكومة المقبلة.

وعزا مجادلة ذلك إلى النفوذ والقدرات التي يتمتع بها ليفين داخل الليكود وأحزاب الائتلاف الحكومي المستقبلي، وأيضا لدى مجمل الأحزاب الممثلة بالكنيست، وهو ما يمكنه من التسريع في تقديم مشاريع القوانين لشركاء نتنياهو بالائتلاف الحكومي، ويمكن نتنياهو من تشكيل حكومته السادسة.

وعن الحضور الكبير للمستوطنين وللمتدينين بالكنيست، قال مجادلة إن "الاتجاه المستمر للمجتمع الإسرائيلي نحو اليمين المتطرف، وتراجع قوة معسكر المركز، وغياب اليسار الصهيوني، أسهم في تنامي قوة وشعبية الصهيونية الدينية وعظمة يهودية".

وأوضح أن هذه التيارات استغلت بالعقد الأخير حكومات نتنياهو وعززت من نفوذها وحضورها في مختلف مؤسسات الدولة والحكومة وحتى الجيش، وتحولت من الهامش إلى المركز، والآن تريد أن تكون هي صاحبة القرار والتأثير في القضايا السياسية والأمنية والاجتماعية والدينية، وهوية الدولة اليهودية ونظام الحكم.

صراع وصدام

ويتفق المحلل السياسي عكيفا إلدار مع هذا الطرح، ويقول إن ثمة انتقادات واسعة في المشهد السياسي الإسرائيلي والمعسكر المعارض لحكومة نتنياهو المقبلة، إذ تتمحور هذه الانتقادات حول سياسة الحكومة الإسرائيلية تجاه السلطة الفلسطينية، وسياسة الاحتلال، والقضايا الإسرائيلية الداخلية.

وأوضح المحلل السياسي أن الشركاء في حكومة نتنياهو سيضعون على الأجندة الكثير من الملفات الساخنة، وأبرزها ضم الضفة الغربية والأغوار، والاستيطان، وهي المحاور التي تشغل جل اهتمام أحزاب الائتلاف التي تتنافس فيما بينها لتطبيقها على أرض الواقع، وهو التنافس الأمني والسياسي الذي سيدفع ثمنه الفلسطينيون.

لكن إلدار يشير -في حديثه للجزيرة نت- إلى أنه "في الوقت الذي بدا أن حكومة نتنياهو السادسة ستحكم قبضتها الأمنية والسياسية بمزيد من التطرف والعنصرية تجاه الفلسطينيين، فإن هناك الكثير من القضايا الداخلية التي توحي بصدام بين الأحزاب والتيارات والمجتمعات اليهودية".

وعزا ذلك إلى توجه أحزاب اليمين المتطرفة لتقويض صلاحيات المحكمة العليا والجهاز القضائي، والاستحواذ على جهاز التربية ومناهج التعليم الدينية والتوراتية ومظاهر تديين الحيز العام، وذلك على حساب الحريات والتيار العلماني.

ورجح أن يكون تقويض صلاحيات المحكمة العليا والجهاز القضائي وتدعيم القوة السياسية للكنيست والأحزاب التي تتركب منها، بمثابة نقطة تحول في المشهد السياسي الإسرائيلي، وهو ما سينعكس على الصراع مع الفلسطينيين، ولعل الأهم تداعيات ذلك على الشؤون الداخلية، والحريات، والانتهاكات للحقوق، والتطرف في ظل تنامي مظاهر العنصرية بإسرائيل.

المصدر : الجزيرة