احتلال فوق احتلال.. تعرف على المنزل المسلوب الذي سيقيم به رئيس الوزراء الإسرائيلي الجديد؟

1-منزل حنا سلامة في حي الطالبية غربي القدس الذي انتقل للسكن به رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد وعائلته(صحيفة هآرتس)
صورة نشرتها صحيفة هآرتس لمنزل الفلسطيني حنا سلامة في حي الطالبية غربي القدس الذي انتقل يائير لبيد للسكن به

القدس المحتلة- في أحد أرقى أحياء غربي القدس وفي بيت هُجر أصحابه قسرا خلال النكبة عام 1948 سيعيش رئيس الوزراء الإسرائيلي الجديد يائير لبيد مع عائلته في منزل رجل الأعمال حنّا سلامة الذي لجأ إلى العاصمة اللبنانية خلال الحرب، وتوفي فيها بعيدا عن منزله الذي بناه بطراز عصري في ثلاثينيات القرن الماضي.

"بداية جديدة" أرفقت عقيلة رئيس الوزراء ليهي لبيد هذه العبارة مع صورة من المنزل على موقع إنستغرام، معلنة انتقال العائلة للعيش في العقار المسلوب في حي الطالبية على تقاطع شارعي بلفور وغزة.

في كتاب "الطالبية القطمون.. الحي اليوناني" لمؤلفه المهندس المعماري الإسرائيلي الباحث في التراث المعماري بالقدس ديفيد كرويانكر جاء أن هذا المنزل بني عام 1932 لرجل الأعمال حنّا سلامة الذي كان وكيلا لشركة السيارات الأميركية "جنرال موتورز" في فلسطين والأردن.

2-صورة أرشيفية لمنزل حنا سلامة كما جاءت في كتاب _الطالبية القطمون.. الحي اليوناني_ لمؤلفه المهندس المعماري الإسرائيلي الباحث في التراث المعماري بالقدس ديفيد كرويانكر
صورة أرشيفية لمنزل حنا سلامة كما جاءت في كتاب "الطالبية القطمون.. الحي اليوناني"

طراز عصري وحياة هادئة

وصُمم المنزل وفقا للطراز العالمي العصري لتلك الفترة بارتفاع طابقين ونصف بالإضافة لطابق تسوية، وفي التفاصيل جاء أن المنزل ضم غرفتين كبيرتين خُصصتا للضيوف إحداها في الطابق الأول والأخرى في الثاني لكثرة تردد الضيوف من رجال الأعمال العرب على منزله.

ومن الملامح الرئيسية لطراز منزل سلامة كانت المنحنيات في وسط الواجهة الأمامية، والمظلات الخرسانية فوق بعض النوافذ، والزوايا المحدبة للجدران على جانبي المدخل الرئيسي، والعوارض الخرسانية الأفقية على شرفة السطح العلوي.

وحُفر على البوابة الحديدية لمدخل المنزل عبارة "Villa Salameh" (فيلا سلامة) التي لم تدم حياة صاحبها فيها لأكثر من 15 عاما بعد تحوله للاجئ بين ليلة وضحاها، وبعد تهجيره وضعت دائرة "حارس أملاك الغائبين" الإسرائيلية اليد على عقارات الحي وأصبحت هي الوصية على هذا العقار بطبيعة الحال.

رئيس حزب "يش عتيد" (هناك مستقبل) يائير لابيد (الصورة عن صفحة فيسبوك لابيد)
يائير لبيد ينتهك بروتوكولا طويل الأمد سار عليه كثير من أسلافه الذين رفضوا العيش في منازل بناها العرب وهُجروا منها (مواقع التواصل الاجتماعي)

تعددت الاستخدامات والحقيقة واحدة

تعددت استخدامات هذا المنزل لاحقا فعلى مدار سنوات شغلته قوات مشاة البحرية الأميركية (المارينز) الذين أوكلت لهم مهمة حراسة وتأمين القنصلية الأميركية، ثم أصبح مقر السفارة الغواتيمالية في إسرائيل، ومع انتقال كافة السفارات من مدينة القدس إلى تل أبيب عام 1980، عاد المبنى لاستخدام الدولة.

وفي عام 1989 تم عرض المبنى للبيع واشتراه آنذاك المقاول تسيون باروخ الذي بنى طوابق إضافية للمبنى وأجره للدولة.

ويقع المنزل في مربع أمني لقربه من منزل رئيس الوزراء الإسرائيلي الذي أراد لبيد أن ينتقل للسكن به فور بداية ولايته لكن بسبب القضايا الأمنية والتجديدات التي ستتم قريبا فيه تقرر أنه وعائلته سيعيشون في منزل "حنّا سلامة" المسلوب.

وينتهك لبيد في هذه الخطوة بروتوكولا طويل الأمد سار عليه كثير من أسلافه الذين رفضوا العيش في منازل بناها العرب وهُجروا منها خلال حرب عام 1948، ومن بين هؤلاء ديفيد بن غوريون وليفي إشكول باعتبار أنه "من غير المناسب أن يكون عقار الغائبين بيت رئيس الوزراء".

الباحث والموثق المقدسي طارق البكري وبعد سبره أغوار رحلة الراحل حنّا سلامة استهل حديثه للجزيرة نت بالقول إنه "القيادي والوجيه الذي سيقيم رئيس وزراء دولة الاحتلال في منزله".

فبالإضافة لعمله وكيلا لشركة سيارات "جنرال موتورز" كان سلامة قياديا فلسطينيا ترأس اتحاد النادي الأرثوذكسي العربي في القدس، وكان من بين المناضلين والمعارضين لهيمنة الكنيسة اليونانية في فلسطين، وقاطع البطريرك اليوناني آنذاك.

وخلال بحثه في الأرشيف وصل البكري لبيانات مختلفة أصدرها حنّا عندما شغل منصب رئيس الاتحاد، ووجه في أحدها رسالة لأعضائه قائلا "تجتاز فلسطين اليوم مرحلة فاصلة في تاريخها الدامي وما كان ذلك إلا نتيجة لقرار هيئة الأمم الجائر والقاضي بتقسيم البلاد المقدسة والوطن المحبوب".

وأضاف في البيان ذاته "تنادى جميع شباب هذا البلد من مسلمين ومسيحيين وجميع عرب الأقطار الشقيقة لبذل المهج والأموال لدرء هذا الخطر، لهذا آمل أن يبذل الأعضاء المحترمون جميع ما في وسعهم بذله من مال وخبرة وأي مساعدة ممكنة وذلك بالاشتراك في الجمعيات الخيرية أو فرق الإسعاف الأولية أو الفرق الكشفية ليساهم كل فرد منا في خدمة الوطن على قدر طاقته".

يذكر أن عائلة سلامة كانت تملك 6 عقارات كبيرة على الأقل في حي الطالبية الذي يقول البكري إن معظم ساكنيه كانوا من الفلسطينيين المسيحيين كون أراضيه تتبع للكنيسة الأرثوذكسية.

وانتعش البناء بحي الطالبية في أوائل عشرينيات القرن الماضي عندما بدأ سكان المدينة المقدسة يتوسعون في البناء خارج البلدة القديمة، ولم تكن نهاية حكاية منازل الحي الأخرى أقل ألما من نهاية حكاية منزل حنّا سلامة إذ سكنت رابع رئيسة وزراء إسرائيلية جولدا مائير في منزل حنّا بشارات المسلوب في الحي ذاته.

المصدر : الجزيرة