تزامن مع هبة المقدسيين في المسجد الأقصى.. إفطار مقدسي على مائدة الأسر المغربية

الإفطار المقدسي مناسبة للتأكيد على محورية القضية الفلسطينية وأهميتها عند الشعب المغربي، وتحرص الأسر من خلاله على تعميق الصلة بين الشعبين الفلسطيني والمغربي، وإرسال رسائل مفادها أنهم ليسوا وحدهم في معركة صيانة التراث والهوية الفلسطينية.

المقلوبة الفلسطينية تتوسط مائدة أسرة المغربي مصطفى بوخليفة (الجزيرة)

تنهمك الطفلتان المغربيتان مروة وأميمة في رسم وتلوين معالم من القدس في فناء البيت، يشرف والدهما مصطفى بوخليفة على ورشة الرسم، بينما تعد الأم مليكة وجبة إفطار خاصة للمشاركة في مبادرة دعت إليها الهيئة المغربية لنصرة قضايا الأمة بعنوان "أنا مغربي إفطاري مقدسي".

وأعدت السيدة مليكة نوكيد مقلوبة فلسطينية، وتعلمت هذه الطبخة -كما حكت للجزيرة نت- من حماة صديقتها الفلسطينية، التي كانت جارتها في مدينة أغادير (جنوب المغرب)، حتى أتقنتها وصارت وصفة معتمدة لديها.

مشاركة أسرة بوخليفة في الإفطار المغربي المقدسي (الجزيرة)

وتوسط طبق المقلوبة مائدة إفطار الأسرة إلى جانب حساء الحريرة وحلوى الشباكية والتمر، واجتمع أفراد الأسرة حول مائدة الطعام بينما زينت جدران غرفة الجلوس بعلمي فلسطين والمغرب ولافتات تؤكد على مكانة القدس في قلوب المغاربة.

ويحرص بوخليفة كما قال للجزيرة نت، على ربط أبنائه بالقضية الفلسطينية عبر مختلف الوسائل، يعلمهم الأماكن والتراث المقدسي وتاريخ فلسطين والمدن والشخصيات، ففي نظره القدس مدينة كل المسلمين وواجب الشعوب زرع محبتها في قلوب الصغار، وفتح أعينهم على ما يحدث من محاولات طمس معالمها وسرقة ثقافتها وتراثها.

الطفلتان مروة وأميمة ترسمان معالم من القدس تحت إشراف والدهما (الجزيرة)

تنويع أساليب التضامن

وأطلقت الهيئة المغربية لنصرة قضايا الأمة مبادرة الإفطار المغربي المقدسي، ودعت المغاربة للمشاركة فيها في الجمعة الأخيرة من رمضان بإعداد أكلات مقدسية ورفع الأعلام الفلسطينية.

يقول محمد الرياحي الإدريسي، عضو المكتب المركزي للهيئة، إن هذه المبادرة بدأت العام الماضي في إطار تنويع أساليب وأشكال التضامن مع القضية الفلسطينية بشكل عام، والمسجد الأقصى المبارك بشكل خاص.

وأضاف للجزيرة نت أن نسخة الإفطار هذه السنة تزامنت مع الظروف الحرجة، التي تمر بها القضية الفلسطينية بعد إعلان ما سمي بـ"صفقة القرن" التي أريد لها -وفق قوله- الإجهاز على ما تبقى من حقوق الشعب الفلسطيني، واستمرار مخططات التهويد والاستيطان والاعتقال والقتل والتشريد.

ولفت إلى أن الإفطار المقدسي مناسبة للتأكيد على محورية القضية الفلسطينية وأهميتها عند الشعب المغربي، الذي ما فتئ يعبر عن ارتباطه ودعمه للقضية الفلسطينية كلما سنحت له الفرصة، مشيرا إلى أن للمغاربة بابا بالقدس يطل على المسجد الأقصى، وحارة المغاربة التي اختلطت فيها الدماء المغربية بالأرض الفلسطينية المباركة.

تحرص عايدة الطعمي على أن يكون الحديث على مائدة الإفطار مع أبنائها عن الأكلات الشعبية الفلسطينية (الجزيرة)

الحريرة مع العوامة

وشاركت المغربية عايدة الطعمي بدورها في مبادرة الإفطار المقدسي، وبدأت الإفطار مع أسرتها بقراءة الفاتحة والدعاء للفلسطينيين بالنصر في قضيتهم العادلة، كما زينت البيت بالأعلام الفلسطينية وصور لبيت المقدس والمسجد الأقصى.

وتوضح عايدة للجزيرة نت أنها حرصت على أن يكون الحديث على مائدة الإفطار مع أبنائها عن الأكلات الشعبية الفلسطينية، التي قالت إن الاحتلال الصهيوني بعد أن استولى على الأرض يسعى إلى سرقتها ونسبتها له.

وليست هذه المرة الأولى التي يشارك فيها المغربي العربي النجار في هذه الفعالية، فإلى جانب الأعلام الفلسطينية ورسائل التضامن مع أهل فلسطين، تجاور في مائدة إفطار الأسرة حساء الحريرة وكؤوس الشاي المغربي مع أطباق العوامة ودجاج مقرمش على الطريقة الشرقية وحلوى شامية بالمكسرات.

وتعمل أسرة النجار بهذه الطريقة على خلق وصال في المائدة بين الطبخ المغربي والفلسطيني، وتعريف الأطفال بالمطبخ الفلسطيني باعتباره جزءا من الثقافة الفلسطينية التي يسعى الاحتلال لطمسها.

مشاركة أسرة العربي النجار في الفعالية، وقد تضمنت المائدة أطباق مغربية وفلسطينية (الجزيرة)

مشاركة مكثفة

ولقيت دعوة الهيئة المغربية لنصرة قضايا الأمة تفاعلا ملحوظا، وغصت صفحة الهيئة على مواقع التواصل الاجتماعي، الليلة، بصور أسر مجتمعة حول موائد إفطار مغربية مقدسية، وحاولت كل أسرة بذل جهدها لإعداد أطباق فلسطينية، وتزيين بيوتها بصور وأعلام فلسطينية، وإشراك أطفالها في التجهيز لهذه الفعالية.

وقال الرياحي إن إفطار هذه السنة المقدسي تزامن مع هبة المقدسيين في مواجهة الكيان المحتل، ودعوات المستوطنين لاقتحام المسجد الأقصى يوم 28 رمضان، وارتفاع وتيرة التطبيع الرسمي العربي مع الصهاينة، وهو ما جعل -وفق تعبيره- المشاركة مكثفة من مختلف المدن المغربية، أطفالا ورجالا ونساء وشيوخا، وحّدهم شعار" أنا مغربي إفطاري مقدسي" دعما لصمود الفلسطينيين، الذين يقفون في خط المواجهة الأولى أمام سلطات الاحتلال.

وتحرص الأسر من خلال هذه الفعالية على تعميق الصلة بين الشعبين الفلسطيني والمغربي، وإرسال رسائل مفادها أنهم ليسوا وحدهم في معركة صيانة التراث والهوية الفلسطينية؛ بل إن المغاربة إلى جانبهم في معركتهم.

المصدر : الجزيرة