مدير المسجد يروي للجزيرة نت ما جرى.. شاهد كيف اقتحم المستوطنون الأقصى بعد 19 يوما من التوقف بسبب صواريخ المقاومة

بعد إغلاق استمر 19 يوما، أعاد الاحتلال صباح اليوم الأحد فتح باب المغاربة (أحد أبواب المسجد الأقصى) أمام المتطرفين اليهود، وسط انتشار مكثف لشرطة الاحتلال والقوات الخاصة في ساحات المسجد، التي اعتدت على المصلين والمرابطين بالمسجد.

وطردت قوات الاحتلال كافة الشبان الذين تمكنوا من الوصول للمسجد الأقصى، وفتحت باب المغاربة في الفترة الصباحية لتسهيل اقتحام نحو 125 متطرفا لساحات المسجد الأقصى.

وشددت قوات الاحتلال إجراءاتها لتأمين اقتحامات المستوطنين منذ منتصف الليلة الماضية، من خلال نشر تعزيزات من قوات الاحتلال في الأروقة المؤدية إلى المسجد ومحيطه، وقبيل صلاة الفجر بدأت الاعتداءات على كل من يقترب من أبواب الأقصى، وسُجل معظمها أمام باب الأسباط.

قوات الاحتلال اقتحمت الأقصى واعتدت على المصلين وسهلت اقتحام المستوطنين له بعد 19 يوما من التوقف (رويترز)

منع الشباب

وقال مدير المسجد الأقصى المبارك عمر الكسواني إنه كان من المتوقع وصول الآلاف لأداء صلاة الفجر في المسجد، لكن عدد مَن أدوها داخله لم يتجاوز 400 مصل، وجميعهم من كبار السن.

وأضاف الكسواني -في حديثه للجزيرة نت- أن كلا من باب السلسلة والمجلس وحطّة تفتح أمام المصلين لصلاة الفجر يوميا، لكن مع التشديدات العسكرية لم يسمح لكثيرين من الدخول عبرها لأداء الصلاة، وفي الدقيقة الرابعة بعد السابعة فتحت الشرطة الإسرائيلية البوابة الحديدية للجسر المؤدي إلى باب المغاربة أمام المتطرفين، ونشرت أكثر من 80 عنصرا من القوات الخاصة والشرطة تحضيرا للاقتحام.

وتطرق الكسواني إلى استهداف موظفي الأوقاف منذ الصباح بحملة اعتقالات من الأقصى، بينهم الحارس فادي عليان وموظف مركز ترميم المخطوطات علي وزوز، بالإضافة إلى كل من عيسى الدباغ وباسم زغير من لجنة الإعمار في الأقصى.

إعاقة عمل الحراس

وقال "تم اعتقال الحارس عليان لتصويره اقتحام المجموعة الأولى من المتطرفين، وهذه من مهامه كحارس أن يوثق الاعتداءات داخل المسجد، كما تم الاعتداء على طلبة وأحد مدرسي المدارس الشرعية الواقعة داخل الأقصى بعد إعاقة دخولهم للمدارس".

وعلق الكسواني على إعادة الاقتحام اليوم بالقول إن الاحتلال يريد أن يحافظ على ما وصل إليه من تغيير للوضع القائم في الأقصى، وتابع "نحن كأوقاف طلبنا أن يعود الوضع في المسجد إلى ما كان عليه قبل عام 2003 بأن إدخال غير المسلمين للأقصى يتم من خلال دائرة الأوقاف الإسلامية فقط، مع منع اقتحام هؤلاء المتطرفين".

6-الاعتداء على أحد المقدسيين أمام المصلى القبلي(الأوقاف الإسلامية)
قوات الاحتلال تعتدي على أحد المقدسيين أمام المصلى القبلي (مواقع التواصل)

3 أبعاد

ويرى الباحث في شؤون القدس والمسجد الأقصى زياد ابحيص أن هناك 3 أبعاد مهمة لاستئناف اقتحامات المتطرفين للمسجد الأقصى المبارك صباح اليوم.

ويكمن البعد الأول في "أن الإحلال الديني في الأقصى هدف مركزي للحكومة الإسرائيلية، وهي لم توقفه إلا مؤقتا أمام الإرادة الشعبية المقدسية في العشر الأواخر من رمضان، وتحت ضربات المقاومة المباشرة بعده".

ويشير ابحيص إلى أن حكومة الاحتلال استأنفت الاقتحامات بمجرد زوال سبب الردع، "وهذا يؤكد أن الحماية الحقيقية للأقصى لن تتحقق إلا بتحريره، وأنه ما دام محتلا فلن تتوقف محاولات تهويده وطمس هويته، وهذا سيبقي الأقصى محركا لمزيد من الثورات والهبات، ولم يكن متوقعا بأي حال من هذه المواجهة وحدها أن تنهي الاقتحامات وتحمي الأقصى في ظل معادلة كهذه".

أما البعد الثاني -كما يقول ابحيص- فإنه على المدى الأقصر تريد الحكومة الإسرائيلية من هذا القرار أن تؤكد أنها لم تلتزم بشيء في القدس في التهدئة، وأن تضرب معنويات أعدائها باعتبارها عادت للمربع الأول، وكأن رمضان ومن بعده الحرب لم تغير شيئا.

"لكن هذا لن يمحو حقيقة أنها باتت تدرك استحالة الحسم في القدس والأقصى، وأنها باتت مقيدة بمعادلة ردع ثلاثية تبلورت تدريجيا منذ عام 2014 بالهبات الشعبية والعمليات الفردية والمقاومة المسلحة من غزة، وأنها باتت محكومة بالخوف من عناصر هذه المعادلة في كل تقديراتها وقراراتها في القدس".

7- مدير المسجد الأقصى عمر الكسواني(الجزيرة نت)
مدير المسجد الأقصى عمر الكسواني: الاحتلال منع الشبان وسمح فقط بدخول 400 من كبار السن لأداء صلاة الفجر اليوم (الجزيرة نت)

منع التراجع

وأكد ابحيص أن استئناف هذه الاقتحامات اليوم يأتي للحفاظ على المكتسبات ومنع المزيد من التراجع، وهذا يدعو اليوم إلى مواصلة الرباط واستحضار الإرادة الشعبية للبناء على ما تحقق في رمضان وفي معركة "سيف القدس"، وإجبار الاحتلال على مواصلة التراجع في المدينة.

أما البعد الثالث، فيجزم ابحيص أنه موجه نحو الداخل الإسرائيلي، وتحديدا جمهور اليمين الحاكم؛ في محاولة لترميم الصورة واستعادة الثقة بعد أن اضطر الاحتلال مرغما لإغلاق الأقصى أمام الاقتحامات 19 يوما، وفشل في فرض اقتحام 28 رمضان أمام المرابطين رغم استنفاد كل المحاولات، واضطر لإغلاقه في "عيد الأسابيع" التوراتي تحت النار، وهي كلها مستجدات لم تحدث منذ فتح باب الاقتحامات اليومية في منتصف عام 2003.

ولخص الباحث ابحيص بأن ما حصل اليوم في المسجد الأقصى هو محاولة جماعات المعبد المتطرفة تعزية نفسها باعتبار استئناف الاقتحامات نصرا، وهذا بحد ذاته اعتراف ضمني بأن المقاومة فرضت نفسها بالفعل كجزء من معادلة القدس رغم مرور 54 عاما على احتلالها، ومرور 4 أعوام على قرار الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب إعلان القدس عاصمة لإسرائيل.

المصدر : الجزيرة