أحدث سياسات تهويد الأقصى.. تنظيم رحلات مدرسية للطلبة اليهود في رحابه بزعم أنه "جبل الهيكل"
يتفرغ عدد من أعضاء الكنيست المتطرفين للعمل على فرض أمر واقع جديد في الأقصى، إما بتوثيق عقود زواج للمتطرفين داخل الساحات أو بتعمد أداء الصلوات التوراتية وطقس "السجود الملحمي"، وغيرها من الانتهاكات التي يريدون من خلالها إشعال حرب دينية.

القدس المحتلة- في أحدث الانتهاكات الإسرائيلية للمسجد الأقصى المبارك، أقرّت لجنة التعليم في الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) إلزام المدارس التابعة لوزارة المعارف الإسرائيلية، بإدراج الأقصى ضمن جولاتها التعليمية للطلبة اليهود بزعم أنه "جبل الهيكل".
يأتي هذا القرار بعد جلسة عقدتها اللجنة برئاسة السياسية الناشطة في جماعات الهيكل شارن هسكل، وأُتيحت فرصة المشاركة في حلقات النقاش لجماعات الهيكل المتطرفة، وجاء في نص القرار "يجب تضمين جبل الهيكل في المواقع الإلزامية لجولات وزارة التربية والتعليم".
اقرأ أيضا
list of 4 itemsذكرى إحراق الأقصى.. 28 صاروخا هُرّبت على الحمير لقصف أهداف إسرائيلية
الجسر الخشبي المؤدي للأقصى من ساحة البراق.. ما تاريخه وأسباب ترميمه ولماذا هو خطير؟
ذكرى اندلاع الانتفاضة الثانية.. مقدسيون يروون مشاهد اليوم الدامي في باحات الأقصى
وللمضي قدما في تطبيق القرار التعسفي الجديد، طلبت لجنة التعليم من وزارة الأمن الداخلي أن تزودها بإحصائية تتضمن عدد الطلبات التي قدمت لها من المدارس خلال السنوات العشر الماضية، وتطلب من خلالها "اقتحام" الأقصى.
مدير المسجد الأقصى المبارك عمر الكسواني عقّب على القرار الجديد بقوله إن دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس تنظر بعين الخطورة لهذا التحريض على المسجد الأقصى الذي هو حق خالص للمسلمين لا يقبل القسمة ولا الشراكة.
للانتهاكات أوجه مختلفة
وأضاف الكسواني -في حديثه للجزيرة نت- أن عددا من أعضاء الكنيست المتطرفين يتفرغون للعمل على فرض أمر واقع جديد كل فترة في الأقصى، إما بتوثيق عقود زواج للمتطرفين داخل الساحات أو بتعمد أداء الصلوات التوراتية وطقس "السجود الملحمي"، وغيرها من الانتهاكات التي يريدون من خلالها إشعال حرب دينية.
ويواصل حديثه بالقول "بالإضافة للحرب الدينية، فإن الاحتلال يحاول باستمرار سحب السيادة من الأوقاف الأردنية على هذا المقدس، عبر التدخل بشؤونها ورعايتها الممتدة منذ عقود".
وحول كيفية مقاومة هذا القرار الجديد وغيره من المخططات الرامية لتهويد المسجد الأقصى، يتطرق الكسواني لأهمية شدّ الرحال لأولى القبلتين والتواجد الكبير في ساحاته على مدار الساعة، وهو ما يعزز الهوية العربية والإسلامية للمكان.
ويشير إلى أن ذلك يجب أن يكمل دور أوقاف القدس الماضية في توثيق الانتهاكات ورفعها لوزارة الأوقاف الأردنية وللدول العربية والإسلامية، لتقوم بدورها في صد التحريض المستمر على المسجد.
الأردن المسؤول الأول
الكاتب والباحث في شؤون القدس مازن الجعبري، قال في الإطار ذاته إن هذا الموضوع سياسي بامتياز وتقع المسؤولية الكبيرة في مواجهته على المملكة الأردنية صاحبة الوصاية على المقدسات في القدس، ومنها المسجد الأقصى.
ويضيف في حديثه للجزيرة نت "هناك اتفاقية سلام ومعاهدات بين الحكومتين الأردنية والإسرائيلية تتضمن نصا واضحا بأن إسرائيل ستحترم الدور التاريخي للحكومة الأردنية في الأماكن المقدسة، وبالتالي المطلوب من الحكومة الأردنية التحرك خاصة أن لها علاقات سياسية ودبلوماسية مع إسرائيل، والتعاون كبير بين الدولتين بمجالات مختلفة".
ولم يُعفِ الجعبري السلطة الفلسطينية من مسؤوليتها تجاه هذه الانتهاكات أيضا، قائلا إنه يجب عليها التوجه مع الأردن إلى المؤسسات الدولية، لأن كافة المعاهدات والقوانين الدولية تحظر على إسرائيل إحداث تغييرات على "الستاتيكو" (الوضع الراهن) المعمول به منذ عقود.
التحرك في الاتجاه الثالث يلقي الباحث المقدسي مسؤوليته على الدول العربية والإسلامية، لأن هذا المسجد مقدس لكافة المسلمين لا للفلسطينيين وحدهم، ولا بد من التحرك لوقف الانتهاكات خاصة أن العديد من الدول تقيم علاقات مع إسرائيل.
أما الشارع المقدسي فلا يرى الجعبري حاجة لتحريكه، لأنه هو من أفشل مرارا مضي الاحتلال في مخططاته داخل الأقصى، ولعل من أبرز تحركاته الهبّة الشعبية ضد نصب البوابات الإلكترونية على أبواب المسجد صيف عام 2017، والهبّة الشعبية الرافضة لإغلاق مصلى باب الرحمة شتاء عام 2019.
ويضيف أن "المقدسيين من خلال الردع الشعبي يمكنهم إيقاف هذه الخطوات، بالإضافة لدورهم في إعمار المسجد الأقصى والتركيز على التواجد داخله في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها ومحاولات تحويله من مكان مقدس للمسلمين إلى مكان مقدس للمسلمين واليهود، كما حصل في الحرم الإبراهيمي في الخليل".
وعن قرار لجنة التعليم في الكنيست، أكد الجعبري أنه ينسجم تماما مع كل سياسات الحكومة الإسرائيلية منذ عدة سنوات وخاصة فيما يتعلق بتهويد القدس وبسط سيطرة وسيادة الاحتلال على المدينة، ومنها محاولاته تغيير الواقع في المسجد الأقصى.
ويعتقد الجعبري أن "سماح المحاكم الإسرائيلية لليهود بأداء الصلوات الصامتة في المسجد الأقصى شكّل قفزة في إجراءات الاحتلال لتقسيم هذا المقدس زمانيا ومكانيا، وقرار اللجنة أقل ما يوصف بالخطير، خاصة مع رصد ميزانيات ضخمة لانضمام الطلبة اليهود إلى هذه الرحلات والجولات".
تحذير من حرب دينية
بدوره استنكر وكيل وزارة الأوقاف والشؤون الدينية الفلسطينية حسام أبو الرُّب استمرار قرارات الاحتلال الإسرائيلي بحق المقدسات، وآخرها إدراج الأقصى ضمن الرحلات التعليمية لطلبة المدارس الإسرائيلية.
وأكد أبو الرُّب أن الإجراءات والقرارات الإسرائيلية لن تثني الفلسطينيين عن مواصلة دفاعهم عن مقدساتهم الإسلامية والمسيحية، ولن تمنع المسلمين من أداء العبادات بمساجدهم، ولن ترضخهم لسياسة الأمر الواقع وسياسة الاحتلال.
أما مجلس الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية في القدس، فحذر -في بيان له- مما تقوم به الجماعات اليهودية المتطرفة بدعم من الحكومة اليمينية المتطرفة من مساس بأقدس مقدسات المسلمين، بهدف إشعال المنطقة بحروب دينية تتحمل حكومة إسرائيل كافة تبعاتها.
وطالب المجلس المسلمين في كافة أنحاء العالم بشد الرحال إلى المسجد الأقصى المبارك في كل وقت والصلاة فيه.