شارك الآلاف من المسيحيين في احتفالات عيد الفصح في كنيسة القيامة بالبلدة القديمة في القدس للمرة الأولى منذ إعادة افتتاح قبر المسيح، بحسب الأناجيل، أمام الزوار الشهر الماضي.
أسيل جندي-القدس المحتلة
وقبل أيام انطلق الصوم الأربعيني للطوائف المسيحية الغربية والشرقية، وبدأت الاستعدادات لاستقبال السياح، لكن فيروس كورونا أربك المشهد، بعد أن ألغى السياح حجوزهم في الفنادق شرقي المدينة وغربيها.
وقال فراس العمد صاحب أحد الفنادق في المدينة إن نسبة إشغال الفندق كانت 78%، لكنها هبطت فجأة إلى 35% مع إلغاء كثير من السياح حجوزهم، ومن المتوقع أن تهبط هذه النسبة أكثر في ظل توسع دائرة البلدان التي حظرت إسرائيل دخول السياح منها.
وأضاف العمد -الذي يبعد فندقه بضعة أمتار عن البلدة القديمة في القدس- أن الكثير من السياح الإندونيسيين حولوا رحلاتهم الجوية إلى مصر بعد إيقاف السعودية دخول المعتمرين، وكان يفترض أن يصل هؤلاء إلى القدس عبر معبر طابا الذي أغلق أيضا مع ظهور أول حالة إصابة بالفيروس في مصر.
ورغم أن المسيحيين الأقباط لم يلغوا حجوزهم حتى اللحظة، فإن العمد توقع أن تصل حجم الخسائر التي سيتكبدها بسبب إلغاء حجوز مارس/آذار وأبريل/نيسان حوالي 350 ألف دولار، مضيفا "واجهنا انتكاسات كثيرة بسبب أوضاع أمنية سابقا، لكن هذه هي المرة الأولى التي تنتكس بها فنادق القدس بسبب فيروس عالمي".
تجارة التحف
وإلى جانب أصحاب الفنادق المتأثرين، يأتي التجار المقدسيون المتخصصون في بيع التحف السياحية، حيث يبلغ عدد المحال العاملة في هذا المجال 122 محلا في البلدة القديمة.
ويقول رئيس "جمعية تجار التحف الشرقية" جواد أبو عمر إنهم ينتظرون هذا الموسم كل عام بفارغ الصبر، مضيفا أنه وبقية التجار في حارة النصارى بدؤوا يشعرون بشح حركة السياح داخل البلدة القديمة في الأيام الأخيرة.
وبشأن الخسائر التي ستلحق بهم بسبب تلك الحالة، قال "كثير منا اشتروا البضائع لهذا الموسم وتراكمت عليه الديون التي من المفترض أن يسددها التجار بعد البيع، لكن النتيجة بضاعة متكدسة وديون وانعدام للحركة الشرائية".
وامتدت آثار الخوف من كورونا لتشمل مظاهر الاحتفالات الرئيسية في المدينة، وفي مقدمتها الاستعراضات الكشفية التي تعد جزءا أساسيا من مظاهر الاحتفال بعيد الفصح، حيث تجوب المسيرات شوارع المدينة وأزقتها العتيقة على مدار أسبوع، وتبدأ بما يعرف بـ"أحد الشعانين".
ويتوقع قائد مجموعة "كشافة الكاثوليك العرب" في القدس جورج سعادة إلغاء كافة الاحتفالات الجماهيرية في المدينة، والتي كانت تشارك فيها 11 فرقة كشفية فلسطينية من القدس والضفة الغربية.
ويقول "تصل المدينة فرق من بيت لحم وبيت جالا وبيت ساحور والزبابدة في جنين ومن رام الله وقرية عابود، وبعض هذه الفرق يمنع وصولها للقدس الآن بسبب تفشي فيروس كورونا في محافظة بيت لحم".
انحسار
ويبلغ عدد أعضاء الفرق الكشفية التي تشارك في احتفالات الفصح نحو ألفي شخص، يضاف إليهم آلاف السياح والمسيحيين الذي يجوبون معهم شوارع المدينة في أحد الشعانين.
وتنطلق هذه المسيرة من جبل الزيتون وصولا لكنيسة "القديسة آن" داخل أسوار البلدة القديمة، ثم تبدأ الفرق الكشفية بالعزف حول سور القدس التاريخي، بدءا من باب الأسباط مرورا ببابي الساهرة والعامود وانتهاء بباب الجديد، وهو بروتوكول سنوي ممتد منذ عقود طويلة يشارك فيه آلاف المسيحيين الفلسطينيين والسياح.
وحول إمكانية إلغاء هذه الطقوس، علق سعادة "إلغاء المسيرات الكشفية يعني إلغاء بهجة العيد المقدس لدى المسيحيين".
أما أمين عام "البطريركية اللاتينية" في القدس الأب إبراهيم الشوملي، فيقول "القدس هي أهم مكان مسيحي على وجه الأرض، لأنها مكان موت وقيامة سيدنا يسوع المسيح وهي المرجع الأساسي لإيماننا المسيحي"، بحسب المعتقد المسيحي.
ويضيف "الإلغاء لا يقتصر على مكاتب السياحة والفنادق، نحن في بطريركية اللاتين لدينا الكثير من الزوار على مدار العام، لأسباب متعددة، والآن جميع هؤلاء ألغوا زيارتهم لنا، وفي حال بقي الوضع على ما هو عليه فإن رجال الدين والكنائس لن يعرضوا حياة الناس للخطر، سواء المقيمون أو الحجاج الزائرون للمدينة وكنيسة القيامة بالتحديد".
وتمنى الشوملي أن تنتهي أزمة فيروس كورونا مع حلول موعد الاحتفال بعيد الفصح "ليتمكن الجميع من الاحتفال به بشكل طبيعي".