هنا أبو ديس.. شاهد "عاصمة ترامب" للفلسطينيين


فادي العصا- القدس

تردد اسم بلدة أبو ديس شرق القدس المحتلة كثيرا في الفترة الأخيرة كعاصمة للفلسطينيين، وفق خطة السلام التي طرحها الرئيس الأميركي دونالد ترامب المعروفة إعلاميا باسم "صفقة القرن".
 
توجهت الجزيرة نت إلى البلدة لترى واقعها، وهل تصلح بالفعل عاصمة للفلسطينيين، وما الذي يدفعهم لرفض ذلك؟ خاصة أن واضعي الخطة يبررون ذلك بقربها الشديد من البلدة القديمة في القدس المحتلة التي تضم الأماكن المقدسة.
 
لم يشأ رئيس بلدية أبو ديس أحمد صالح أبو هلال الحديث للجزيرة نت في مكتبه، وقال "سترون لماذا نرفض أن تكون أبو ديس أو غيرها من قرى وبلدات القدس العاصمة".
 
على سطح منزل في تلة عالية بالبلدة من جهتها الغربية، قبل أن نلتفت غربا وإذا بقبة الصخرة تتلألأ بلونها الأصفر، ترى من هنا كثيرا من تفاصيل القدس العتيقة أمام عينك، ولكنك لا تستطيع الوصول إلى هناك.
 
ويعود السبب في ذلك إلى الجدار الذي بنته إسرائيل والذي يمتد نحو عشرة كيلومترات ويمر بشكل ملتوٍ بين منازل الفلسطينيين في أبو ديس، وقد أخرج جزءها الغربي الذي يشكل قرابة ثلث المساحة المبنية لتصبح جهة القدس، والباقي في الضفة الغربية، حيث فصل المباني والسكان عن بعضهم.
‪(الجزيرة)‬ جانب من جدار الفصل  الذي يمر من وسط الأحياء والشوارع في بلدة أبو ديس والذي فصلها عن مدينة القدس 
‪(الجزيرة)‬ جانب من جدار الفصل  الذي يمر من وسط الأحياء والشوارع في بلدة أبو ديس والذي فصلها عن مدينة القدس 

ابتلاع
يعتبر أبو هلال، أبو ديس البوابة الشرقية للقدس حيث تبلغ مساحتها التاريخية قرابة 36 ألف دونم وتصل حدودها إلى البحر الميت، ويسكنها اليوم قرابة ثلاثين ألف نسمة، من أهالي البلدة والطلبة والأساتذة في "جامعة القدس"، المبنية على أراضيها التي تبقى منها 3600 دونم فقط، وفق المخطط الهيكلي للبلدية بعد الجدار والاستيطان والمصادرات التي نفذها الاحتلال الإسرائيلي.

 
لم يبقِ الجدار والاستيطان أي مساحات زراعية في أبو ديس كما يحاصران تجمعاتها السكانية، فمن الجهة الشرقية للبلدة أقام الاحتلال مستوطنات "معالية أدوميم" و"كيدار 1″، و"كيدار 2″، ويبني اليوم مستوطنة "كدمات زيئون" خلف الجدار من جهة القدس، ويحاصرها من جميع الجهات.

عضو مجلس بلدية أبو ديس عبد السلام عياد أشار إلى مقر لمحافظة القدس قائلا إن "إسرائيل استولت   عليه عام 2002 وأصبح مقرا لجيش الاحتلال في البلدة".

ويتابع "سمعنا من المؤيدين للصفقة أنه لا تبعدنا سوى مسافة قصيرة عن قلب القدس، وهذا كلام صحيح، ونحن نرى كل صباح ومساء قلب المدينة، ولكن هذا يزيدنا حسرة أنك تراها ولا تصل إليها، فنحن في منطقة محاصرة بشكل كامل، ولا يُسمح لنا بالدخول إلى عاصمتنا وقدسنا، وآلاف من الفلسطينيين لا تسمح لهم سلطة الاحتلال بالتنقل سوى بتصاريح لا تصدرها لهم أصلاً".

جدار الفصل العنصري ومحيطه الذي يمر من بلدة أبو ديس ويظهر عليها محاولات الحرق والثقب (الجزيرة)
جدار الفصل العنصري ومحيطه الذي يمر من بلدة أبو ديس ويظهر عليها محاولات الحرق والثقب (الجزيرة)

الجدار
بعد الخروج من المكان، وصلنا إلى منطقة "رأس قبسا" التي كانت سابقا الأقرب إلى منتصف البلدة، واليوم تشكل الحدود الغربية لـ "أبو ديس" التي فصل الجدار شارعها إلى قسمين.

كان من ينتقل من هذه النقطة إلى البلدة القديمة في القدس لا يحتاج سوى خمس دقائق فقط للوصول إلى القدس، ولكن المنطقة أغلقها الاحتلال بشكل كامل، وأصبح الوصول إلى القدس يحتاج ساعة كاملة حيث يتعين عليه عبور الحاجز القريب في منطقة العيزرية والسير مسافات طويلة.

تندلع المواجهات كثيرا بين جنود الاحتلال والفلسطينيين عند منطقة "رأس قبسا"، وحول  الجدار الفاصل المكسو باللون الأسود، بسبب إشعال الإطارات قربه، وما زالت بقايا الرصاص الحي وقنابل الغاز منتشرتين في المكان.

يمتلئ الجدار بثقوب نفذها الشبان الفلسطينيون في بلدة "أبو ديس" الذين اعتقل الاحتلال كثيرا منهم، بسبب احتجاجاتهم على الجدار الذي يفصلهم عن أهلهم، وعن قلب عاصمتهم.

ويقول عبد السلام عياد "أتوقع أنكم ستحصلون على إجابات كثيرة إذا ما أمعنتم النظر في حال الجدار المهترئ بالحريق والحفر، ولماذا يرفض الفلسطينيون صفقة القرن كلها، ولماذا يرفضون أن تكون أبو ديس أو غيرها من بلدات القدس عاصمة لهم".

المصدر : الجزيرة