"الانبطاح بأبشع صوره".. هكذا وصف المقدسيون مشاركة خليجيين بطقوس عيد الأنوار اليهودي

10-صورة عامة أخرى لساحة البراق التي تواجد بها الإماراتيون واحتفلوا بإضاءة شمعدان الحانوكاه اليهودي(الجزيرة نت)
ساحة البراق التي احتفل فيها إماراتيون بإضاءة شمعدان الحانوكاه اليهودي (الجزيرة)

لم تمر مقاطع الفيديو التي ظهر بها شبان خليجيون أثناء مشاركتهم بإشعال شمعدان "الحانوكاه" في حائط البراق الذي يمثل الجزء الجنوبي من السور الغربي للمسجد الأقصى مرور الكرام على المقدسيين، كما لم تمر الصور والمقاطع الأخرى الذي ظهر بها الأشخاص أنفسهم وهم يتغنون بـ "إسرائيل" خلال زيارتهم لها.

لا يعرف المقدسيون إن كان الوفد المطبع الزائر يعلم أن عيد الأنوار (الحانوكاه) يحتفل به اليهود لإحياء ذكرى "تدشين الهيكل الثاني" في القدس عام 164 قبل الميلاد، بعد تدنيسه من قبل عساكر المملكة السلوقية، وإعادة حرية العبادة للشعب اليهودي بعد حقبة من القهر القاسي.

لكن ما يعلمه المقدسيون جيدا وعبروا عنه على المنصات الاجتماعية بأنهم لم يتوقعوا هذا المستوى من "الانبطاح" الذي تُرجم بالمشاركة في أحد أبرز طقوس هذا العيد وتقاليده وهو إشعال الشموع في الشمعدان الثماني بعد غروب الشمس في حائط البراق، وما تخلله من تلاوة صلوات خاصة "لإحياء ذكرى تحرير القدس وإعادة تكريس الهيكل ومعجزة الزيت".

مشاركة غير جائزة شرعا

عقّب خطيب المسجد الأقصى المبارك ورئيس الهيئة الإسلامية العليا الشيخ عكرمة صبري على هذه المشاركة بقوله إن "هذه الأعياد الدينية خاصة باليهود ولا يجوز شرعا للمسلم أن يشارك بها". ووصف مشاركة الخليجيين بها بالأمر المؤلم والمؤسف.

ويضيف الشيخ صبري متحدثا للجزيرة نت أن "هناك فرقا بين اتفاقيات السلام وبين الهرولة للتطبيع المجاني المستهجن وغير المسبوق الذي يترجم على الأرض بتصرفات غير عقلانية".

وينوه الشيخ صبري إلى ضرورة التأكيد في كل مرة يحدث بها انتهاك في حائط البراق أنه للمسلمين لا لليهود، وعلى من يريد زيارة أي مكان مقدس في القدس أن ينسق مع دائرة الأوقاف الإسلامية التابعة للمملكة الأردنية صاحبة الوصاية على المقدسات في المدينة المحتلة.

ويعلق خطيب المسجد الأقصى على تجرؤ المتطرفين على وضع شمعدان "الحانوكاه" ملاصقا لباب الأسباط بعد أيام من نصبه والاحتفال بالعيد في دبي بقوله "لا شك أن الهرولة من بعض العرب تُجرئ الاحتلال على القيام بإجراءات عدوانية بحق الأقصى والقدس".

ويضيف "كل ديانة لها حرية ممارسة طقوس العبادة لكن ليس على حساب الآخرين، ولا يجوز أن تسيس الأعياد الدينية لصالح الاحتلال وتثبيت مشروعيته على الأرض".

1-المقدسية فاطمة خضر ترفع العلم الفلسطيني في باحات الأقصى (الجزيرة نت) أرشيفية
فاطمة خضر ترفع العلم الفلسطيني في باحات الأقصى تستهجن مشاركة عرب في احتفال ديني للاحتلال الإسرائيلي  (الجزيرة)

أما الناشطة المقدسية فاطمة خضر فتساءلت "إن كانت المجموعة الخليجية التي شاركت بالاحتفالات تعلم أنها تقف على أنقاض حي المغاربة الذي هدمته إسرائيل بمجرد احتلال الشطر الشرقي من المدينة عام 1967".

وتتساءل أيضا إن كان هؤلاء يعرفون أنها كمسنة تجرعت وما زالت تتجرع ويلات الاحتلال منذ تهجيرها وعائلتها من حارة الشرف الملاصقة للمكان الذي احتفلوا به مع اليهود في عيدهم.

وتضيف فاطمة خضر للجزيرة نت أن "شعور الخذلان الذي شعرت به وهي تشاهد مقاطع الفيديو عميق، لكنها تواسي نفسها بأن من يشارك في كل هذه السخافات هم شبان غير مثقفين ولا يفقهون بالتاريخ شيئا".

وتؤكد "لا ننتظر كمقدسيين من هؤلاء نصرة ولا مؤازرة لكن الذي يؤلمني أن يحمل أحدهم اسم محمد والآخر أحمد أو محمود ويشاركون بإنارة شمعدان تهويدي فوق أرضنا المسلوبة، أهؤلاء عرب حقا وينتمون لديننا؟".

تجميل صورة الاحتلال

في حين قال المحامي المقدسي حمزة قطينة إن "كلمة تطبيع لطيفة في وصف أفعال هؤلاء الشبان بزيارتهم التي تتنكر لقضية الشعب الفلسطيني والظلم التاريخي الذي تعرض له على يد الاحتلال الذي يصوره هؤلاء بالحمل الوديع".

ويشير قطينة في حديثه للجزيرة نت أن على هؤلاء الالتفات إلى أن حائط البراق الذي وقفوا في ساحته يعتبر وفقا للقانون الدولي مكانا يخضع للاحتلال وهو جزء لا يتجزأ من الأقصى، وأن زيارته المشبوهة لتكريس وجود الاحتلال وتثبيته فيه يعتبر خيانة للأمتين العربية والإسلامية الحريصتين على هذا المقدس.

وتطرق المحامي المقدسي لحالة الغضب التي انتابت الفلسطينيين تجاه الزيارة والتي ترجموها بإعادة نشر المقاطع على مواقع التواصل الاجتماعي والتعليق عليها قائلا "إن كل فلسطيني شعر بأن هذه الفئة منسلخة عن الثقافة العربية والإسلامية، وتجهل قضايا الأمة وهمومها فجاءت النتيجة ببرمجة الاحتلال لها وفقا لرؤيته التهويدية".

ويضيف قطينة "هذه الزيارات تأتي لتثبيت الاحتلال وممارساته على الأرض ولا شك أنها مرفوضة والخيانة هو الوصف الذي يليق بها، وكفلسطيني أتعرض وشعبي لانتهاكات وويلات الاحتلال منذ 70 عاما لا يمكن أن أقبل باحتفال الخليجيين مع محتلي أمامي وعلى أرضي".

الشاب المقدسي عبد العفو زغيّر يقول إنه يؤمن بأن المسجد الأقصى هو صلب عقيدته وشعوره بالغضب الشديد نابع من المشاركة الخليجية في العيد اليهودي عند الحائط الغربي لهذا المسجد.

ويضيف في حديثه للجزيرة نت "العرب الذين لطالما ناديناهم وناشدناهم لزيارة القدس لمناصرتنا ومؤازرتنا أتوا لكن ليضعوا يدهم بيد عدونا الذي يقتلنا ويذلنا ويدنس مقدساتنا".

ويرفض زغيّر فكرة تعميم فكر هؤلاء وتصرفاتهم على كافة أفراد الشعبين البحريني والإماراتي، مؤكدا أن هذه الشخصيات لا تمثل التوجه العام للشعوب العربية.

ويضيف "الشعوب ما زالت تحمل هم القضية الفلسطينية لكن هؤلاء الشبان تم اختيارهم بدقة من جهة، ووسائل الإعلام الإسرائيلية عملت جاهدة ليظهر هؤلاء بالشكل الذي يتناسب مع أجنداتها من جهة أخرى، وعلى الزائرين أن يتحملوا نتائج رفضنا للتطبيع ورفضنا لاستقبال من يأتي ليكرس وجود الاحتلال على أرضنا".

ويختم زغيّر حديثه بقوله إن "كل إنسان حر يرى الحق والظلم واضحين، وإن من يقرر إغماض عينيه وتأييد الظلم وتبريره سيرفض المقدسيون استقباله وسيعتبرون دخوله للمسجد الأقصى اقتحاما كاقتحام المتطرفين تماما".

المصدر : الجزيرة