قريبا من الأقصى.. "الديسي" مسجد صامت يندر رواده

القدس-مسجد الديسي-يعود بناء المسجد إلى العهد الأيوبي ورمم في العهد المملوكي-تصوير جمان أبوعرفة-الجزيرة نت-10-2-2019
مسجد الديسي يعود بناؤه للعهد الأيوبي ورمم بالعهد المملوكي (الجزيرة نت)

 جمان أبو عرفة-القدس المحتلة
 
وصلنا إليه موعدَ صلاة الظهر، وقفنا على بابه فلم نسمع الأذان أو الإقامة، بل سمعنا شتائم بالعبرية من مستوطنين بصقوا كثيرا عندما رأونا، ورددوا خلال شتائمهم كلمة "مسجد".

مسجد الديسي الكائن في حارة الحيادرة، على الطريق الواصل بين حارتيْ الشرف والأرمن في البلدة القديمة بالقدس. الطريق إليه تعجُّ باليهود ودكاكينهم وملامحهم التي ألصقت إبان احتلال المدينة المقدسة عام 1967، بعد طرد أهلها وسرقة بيوتهم وتسمية حاراتهم "حارة اليهود".

‪احتلت حارة الشرف عام 1967 وحوّلت مع حارات مجاروة لحارة يهود‬ احتلت حارة الشرف عام 1967 وحوّلت مع حارات مجاروة لحارة يهود (الجزيرة نت) 
‪احتلت حارة الشرف عام 1967 وحوّلت مع حارات مجاروة لحارة يهود‬ احتلت حارة الشرف عام 1967 وحوّلت مع حارات مجاروة لحارة يهود (الجزيرة نت) 

يصعب على زائر المنطقة تمييز عروبتها وإسلاميتها، إلا بعد البحث مليّا عن مآذن أخفيت بأشجار حديثة، أو دكاكين عربية صغيرة ثبت أصحابها فيها. وبين كل تلك الصبغة اليهودية، يقف مسجد الديسي وسط بنايتين وكأنه حُشر بينهما، حتى لم تتركا له فناء أو مدخلا لائقا.

‪الأوقاف الإسلامية أعادت ترميم المسجد‬ الأوقاف الإسلامية أعادت ترميم المسجد (الجزيرة نت) 
‪الأوقاف الإسلامية أعادت ترميم المسجد‬ الأوقاف الإسلامية أعادت ترميم المسجد (الجزيرة نت) 

3 صلوات فقط
ظهرت قضية المسجد إلى الواجهة بعد ترميمه في الرابع من الشهر الجاري، حيث استبدلت دائرة الأوقاف الإسلامية سجاده المهترئ وطلت جدرانه التي أنهكتها الرطوبة، وجددت إنارته، لترغيب رواده والنهوض بحاله، فهو فارغ تماما بمساحة ستين مترا مربعا، لا يطرقه إلا بضعة تجار أو سائقي أجرة، وقد يمر يومه دون أن يصلي فيه أحد.

تقام صلوات الظهر والعصر والمغرب بالمسجد فقط، ويُغلق فيما بينها، وهو على هذه الحال منذ عام 1967، ويعلل مراقب مساجد القدس مازن أهرام ذلك للجزيرة نت باعتداءات المستوطنين على المسجد وقلة مرتاديه، فمعظم جيرانه من الأرمن واليهود، والأخيرون دأبوا على إزعاج رواده والتجمهر حوله منادين بإغلاقه وسط وابل من الشتائم والعبارات العنصرية.

‪أهرام: الاحتلال ومستوطنوه يواصلون التضييق على المسجد والمصلين‬  أهرام: الاحتلال ومستوطنوه يواصلون التضييق على المسجد والمصلين (الجزيرة نت)
‪أهرام: الاحتلال ومستوطنوه يواصلون التضييق على المسجد والمصلين‬  أهرام: الاحتلال ومستوطنوه يواصلون التضييق على المسجد والمصلين (الجزيرة نت)

تضييق وتهديد
ويؤكد أهرام أن اعتداءات المستوطنين وتهديداتهم تكررت أيضا أثناء ترميم المسجد وبعد ذلك دون أن يحرك الاحتلال ساكنا، بل زاد على فعلهم باعتقال أحد عمال الترميم بالمسجد، وتغريم العاملين بذرائع واهية، كما قام بإجبار الأوقاف على تقليص أنوار المئذنة الخضراء بحجة إزعاج المستوطنين.

ويضيف أن الاحتلال صادر مكبرات الصوت عام 1993 ومنع استخدامها حتى اليوم، وصادر الأرض الوقفيّة المقابلة للمسجد وحوّلها إلى موقف بالأجرة للسيارات، وأكد أنه لولا بناء المسجد لصودرت أرضه أيضا.

تكررت الحكاية
تشابه حكاية الديسي مصير العديد من المساجد في حارة الشرف مثل مسجد العمري اليعقوبي، وولي الله المحارب، والعمري الصغير. فهي مساجد صامتة لا يسمع الأذان منها ويندر روادها، وتتعرض باستمرار لانتهاكات الاحتلال ومستوطنيه، وبعضها انتفت شعائرها وهُجرت بالكامل.

‪أمتار قليلة بين بيت أبو اسنينة ومسجد الديسي لكنه لا يسمع الأذان‬ أمتار قليلة بين بيت أبو اسنينة ومسجد الديسي لكنه لا يسمع الأذان (الجزيرة نت)
‪أمتار قليلة بين بيت أبو اسنينة ومسجد الديسي لكنه لا يسمع الأذان‬ أمتار قليلة بين بيت أبو اسنينة ومسجد الديسي لكنه لا يسمع الأذان (الجزيرة نت)

يفصل بيت محمد أبو اسنينة (70عاما) ومسجد الديسي أمتار قليلة، وعائلته من أصل تسع عائلات صمدت في حارة الشرف. ورغم كثرة المساجد حول بيته فإنه يسمع الأذان من هاتفه الذكي أو يضبط ساعته وفقا لذلك. يقول للجزيرة نت إنه يحرص على الصلاة في مسجد الديسي، ويحاول التوفيق بإعمار المساجد المنتهكة حوله وأولها المسجد الأقصى "فالخطر كبير والعُمّار قليلون.

‪الاحتلال صادر الأرض الوقفية المقابلة للمسجد وحولها لموقف سيارات بالأجرة‬  
‪الاحتلال صادر الأرض الوقفية المقابلة للمسجد وحولها لموقف سيارات بالأجرة‬  

عهد قديم
ووفق الباحث روبين أبو شمسية فإن مسجد الديسي أيوبيّ البناء مملوكيّ الترميم، وتعود أصوله إلى عهد الملك المعظم عيسى بالقرن الـ 13 الميلاديّ.

ووصف للجزيرة نت موقع المسجد بأنه بين حارتي الحيادرة والريشة جوار حارة الشرف التي طمست جميعها إضافة إلى البشاشتة والعلمية والمغاربة، وحوّلت حديثا إلى حارة اليهود.

وأكد أبو شمسية أن حارة اليهود تسمية حديثة بعد احتلال القدس، حيث لم يكن قبل ذلك فيها إلا بضعة أماكن مستأجرة من العهد المملوكي،وقد تفرّق فيها اليهود وعُرفت بـ "سويقة اليهود".

المصدر : الجزيرة