"الشرطة المستكشفون".. أذرع شرطة الاحتلال لخدمة مقتحمي الأقصى

الصورة من مواقع التواصل للمتطرف يهودا غليك أثناء اقتحامه بحماية الشرطة والقوات الخاصة
وزير الأمن الداخلي جلعاد أردان تعتبره جماعات الهيكل المتطرفة واحدا منها (مواقع التواصل)


أسيل جندي-القدس المحتلة

دعت جماعات الهيكل المتطرفة أنصارها قبل أيام إلى شغل الوظائف التي أعلنتها شرطة الاحتلال لـ "مستكشفين" مساعدين لها في المسجد الأقصى المبارك.

وسيكلف هؤلاء بمرافقة المقتحمين والسياح لتولي مهمة الإرشاد السياحي "الإرشاد الديني عمليا"، واعتبرت الجماعات ذلك فرصة مميزة لكسب العيش الشريف والالتزام بالتعاليم التوراتية في الوقت نفسه.

جاءت هذه الدعوات بعد أن نشرت الشرطة إعلانا تطلب فيه توظيف "مستكشفين لجبل المعبد" لمساعدة أفرادها في مهمة مرافقة وحماية المقتحمين للمسجد الأقصى المبارك، ومن المتوقع أن يدخل "المستكشفون" إلى الخدمة مطلع العام المقبل تحضيرا لموسم الاقتحامات لذلك العام الذي سيبدأ في مارس/آذار 2020.

وبذلك تكون جماعات الهيكل وبعد مسار طويل من الضغط والاختراق قد تمكنت عمليا من التحول إلى جزء عضوي في جهاز الشرطة الإسرائيلية في المسجد الأقصى المبارك، وفق الباحث في شؤون القدس زياد ابحيص.

ويؤكد الباحث المقيم في الأردن أنه منذ عام 2015 وحتى الآن، نشأت علاقات تعاطف بين قادة الشرطة في البلدة القديمة والأقصى وقادة جماعات الهيكل، وصورهم المشتركة بعد نجاح الاقتحامات باتت تتداول على مواقع التواصل الاجتماعي.

كما سمحت الشرطة ببناء "عريشة" دائمة على باب المغاربة، وبإنشاء مدرسة دينية فيها تعرف بـ "مدرسة جبل الهيكل"، يقوم طلابها على خدمة المقتحمين وتوفير الماء والمرطبات لهم، وعلى عقد دروس عن الهيكل المزعوم وبنيته وواجبات التعبد فيه على مسافة أمتار من باب المغاربة.

تحول جذري لمهام الشرطة
وقال ابحيص إن التغيير العميق في مهمة الشرطة بدأ عام 2003 بُعيد قرار المحكمة الإسرائيلية بالسماح لليهود باقتحام المسجد الأقصى المبارك، وتعزز ذلك بقرار المحكمة في 2006 السماح باقتحام اليهود للأقصى كجماعات، لكنه وضع على ذلك قيدين، ألا تكون الاقتحامات في وقت صلاة المسلمين، وألا تشمل أداء عبادات.

انطلاقا من هذين القرارين انقلبت مهمة شرطة الاحتلال في نقاطها خارج أبواب المسجد الأقصى، فبعد أن كانت مهمتها منع دخول اليهود إلى المسجد إلا بأمر استثنائي، باتت مهمة الشرطة السماح بدخولهم وحمايتهم داخل الأقصى لأن اقتحامهم سيشكل استفزازا للمصلين.

وأضاف ابحيص أن هذه المهمة تطورت إلى توسيع القوة المعنية بالأقصى المبارك وتأهيلها بشكل مختلف، وبناء نظام معلومات ومحاكاة وأجهزة تضمن الرقابة والسيطرة المستمرة وصولا إلى تصعيب وصول المسلمين إلى الأقصى باعتبارهم مصدر الخطر على المقتحمين.

تطور مهام الشرطة امتد لسنوات بينما كان النفوذ النيابي لجماعات الهيكل يتصاعد من نائبين عام 2003 إلى سبعة نواب عام 2009، وكانت تلك الجماعات تستخدم نفوذها للضغط على جهاز الشرطة من خارجه بما يضمن تبنيه لأهدافها ومطالبها بشكل أكبر وأسرع.

ووضعت الجماعات نصب عينيها موقع وزير الأمن الداخلي باعتباره المشرف المباشر على عمل الشرطة، فتمكنت من كسب وزير الأمن الداخلي -آنذاك- إسحاق أهارونوفيتش الذي اقتحم الأقصى عام 2009 ودخل جميع مصلياته، ووضع تعديلات مهمة في عمل جهاز الشرطة وموقفها من تلك الجماعات.

وبدعم مباشر من جماعات الهيكل عُيّن عام 2015 جلعاد أردان وزيرا للأمن الداخلي، وهو السياسي الذي باتت تعتبره تلك الجماعات واحدا منها، فحظر مؤسسات الرباط بشكل تام، وأخرج الحركة الإسلامية التي تدعمها عن القانون.

وحاول أردان أيضا فرض التقاسم التام للأعياد، فمنع المسلمين من دخول الأقصى نهائيا في عيد رأس السنة العبرية، وتوالى التصعيد في عهده وصولا إلى حديثه العلني قبل نحو شهرين عن ضرورة تغيير الوضع القائم في الأقصى بالسماح لليهود بالصلاة فيه، وتخصيص جزء منه للصلاة الدائمة لليهود في إشارة منه إلى مصلى باب الرحمة الذي لا تزال حكومته تتطلع إلى إعادة إغلاقه، واتخاذه منطلقا لمشروع التقسيم المكاني للأقصى.

تصريحات أردان تبعها أداء صلوات علنية للمتطرفين خلال فترة الأعياد اليهودية الأخيرة في أكتوبر/تشرين الأول المنصرم، كما سمحت لهم الشرطة بالدخول بأزياء الحج الدينية، ومنعت حراس المسجد الأقصى من الاقتراب منهم أو حتى تصويرهم.

ومنذ الاحتفال بمرور خمسين عاما على احتلال القدس بدأ التغير النمطي في سياسة الشرطة تجاه المتطرفين بتسهيل فحص المقتحمين والتغاضي عن فحص البوابات وإلغاء التفتيش الدقيق للزائرين، بينما كثفت الشرطة متابعتها لكل مسلم يقرأ القرآن ويصلي بصوت مرتفع.

في المقابل، كثفت قيادات جماعات الهيكل التنسيق مع قيادة الشرطة في لواء القدس وبات مندوبون عنها يحضرون كل احتفال يقام لتغيير وتعيين ضباط جدد.

هذه التطورات المتلاحقة التي شهدتها ساحات المسجد الأقصى، يرى رئيس أكاديمية الأقصى للوقف والتراث ناجح بكيرات ضرورة النظر إليها بخطورة بالغة.

سيطرة احتلالية كاملة
وفي تعليقه على دعوة جماعات الهيكل أنصارها للتقدم للوظائف الشاغرة في الأقصى يقول بكيرات إن ذلك يندرج ضمن المحاولات المستمرة لإلغاء دور الوصاية الهاشمية على الأقصى وتحويل إدارة المسجد كاملة للاحتلال الإسرائيلي.

ويضيف أن الشرطة تسعى لزيادة الأعضاء المتطرفين بين صفوفها في الأقصى ليتعاطفوا مع المقتحمين ويتغاضوا عن أداء طقوسهم التلمودية داخل المسجد، ولا يترددوا في قمع الحراس والمصلين.

وأوضح بكيرات أن "هذه الدعوات تريد إنهاء القداسة الإسلامية في الأقصى وتسعى لخلق قداسة يهودية جديدة من خلال وجود هذه العناصر المتطرفة بالأقصى وهذه مرحلة خطيرة تنهي حقبة الوضع التاريخي القائم بالمسجد".

المصدر : الجزيرة