فلسطينيو الداخل يناصرون الأقصى بـ "قوافل المبيت"

مطلة جبل الزيتون في القدس، مجموعة من أهالي الداخل المحتل خلال مبيتهم في القدس ضمن مشروع المبيت في مدينة القدس
مجموعة من أهالي الداخل المحتل المشاركين في مشروع المبيت بمدينة القدس (الجزيرة)

أسيل جندي-القدس المحتلة

منذ تقاعده عن العمل قبل ست سنوات يحرص المواطن الفلسطيني شحادة سنونو (67 عاما) على الانضمام لصفوف المرابطين بالمسجد الأقصى وبات يتجه فجر كل يوم إلى أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين.
 
وبعد حظر المرابطين وإنهاء وجودهم بالأقصى، بحث سنونو عن قوافل تتجه للمسجد من قريته أبو سنان في الجليل الأعلى بالداخل المحتل، لكن سعادته كانت غامرة لدى اكتشافه أن قوافل شهرية تتجه من مدينة طمرة بالداخل للمبيت في فنادق القدس وذلك لقضاء وقت أطول بالمسجد الأقصى.
 
وبمجرد وصول سنونو وزوجته عفيفة إلى أحد الفنادق القريبة من البلدة القديمة بالقدس لم يُخف لهفته على الصلاة في المسجد الأقصى الذي غادره قبل أيام فقط إلى قريته.
 
بين نحو خمسين شخصا آخرين قدموا مع سنونو وزوجته بالحافلة للمبيت في القدس بهدف الصلاة بالمسجد الأقصى، كان لافتا لهفته وتعلقه بالصلاة في الأقصى، وخبرته العميقة بالقدس والأقصى وارتباطه الروحي بهما.
‪شحادة سنونو وزوجته عفيفة داخل مصلى قبة الصخرة المشرفة‬ ( (الجزيرة)
‪شحادة سنونو وزوجته عفيفة داخل مصلى قبة الصخرة المشرفة‬ ( (الجزيرة)

دعم
يقول سنونو "قديما كنا نملأ حافلة واحدة من خمس قرى لنتجه للأقصى، لكننا اليوم وصلنا لمرحلة تسيير خمس حافلات من بلدة واحدة في الداخل الفلسطيني، وهذا يدل على إدراك الفلسطينيين لضرورة شد الرحال إلى أولى القبلتين".
 
وحول أهمية هذه الرحلات في إعمار المسجد وإنعاش أسواق البلدة القديمة بالقدس قال إنه يشهد منذ سنوات على "احتضار أسواق القدس وجلوس التجار أمام حوانيتهم دون أن يسألهم أحد عن أسعار البضائع، لكم مع مجيء أهالي الداخل الفلسطيني ومبيتهم يومين تنتعش الأسواق جزئيا".

ويتابع "لو أنفق كل شخص في الحافلة مئتي شيكل ستنتعش التجارة حتما، ومن هنا تنبع أهمية تسيير قوافل المبيت شهريا".

ألِف المقدسيون وجه المسن سنونو وزوجته عفيفة التي قالت للجزيرة نت إنها تشعر بالطمأنينة في كافة ساحات الأقصى ومصلياته وتعتبر أن توجهها وزوجها لهذا المكان المقدس بشكل دائم "نعمة من الله".
 
وتتابع "عندما تضع إحدى بناتي أو زوجات أبنائي مولودا جديدا لا بد من الانشغال معهن لكن يقول لي زوجي دائما يجب ألا يتعدى هذا الانشغال على واجبنا تجاه الأقصى، كل من حولي يتفهم الآن أنني كرست ما تبقى من حياتي لله بشد الرحال للمسجد الأقصى والمبيت حوله".

‪مجموعة من المصلين خلال تسوقهم في أسواق البلدة القديمة‬ (الجزيرة)
‪مجموعة من المصلين خلال تسوقهم في أسواق البلدة القديمة‬ (الجزيرة)

للأقصى رجال
من مدينة طمرة وبلدتي أبو سنان والشيخ دنون تتجه حافلات للمبيت شهريا في القدس ويحرص الزوجان على التوجه مع جميع الرحلات التي تنظم عادة في نهاية الأسبوع، بالإضافة لانضمامهما لحافلات المصلين التي تُسير خلال الأسبوع وتعود في اليوم نفسه.

يشاركه هذا الحرص أيضا جواد الأعمر (32 عاما) من مدينة طمرة، يبيت للمرة الأولى في القدس مع زوجته رغم توجهه بشكل دائم للصلاة بالأقصى مع الحافلات اليومية القادمة من الداخل.

يقول الأعمر إن الهدف من ذلك هو "أن نثبت للعالم أن للأقصى رجالا يحمونه ويعمرونه، وأجر الصلاة هنا مضاعف ويكفينا أن النبي محمد عليه الصلاة والسلام صلّى بالأنبياء في هذا المكان".

أما الحاجة أم محمد حجازي القادمة من مدينة طمرة للغرض نفسه فتقول، "أشعر بالحنين إلى المسجد الأقصى دائما لأنه محتل لا حرّ، وأشعر بالبركة والراحة فيه وعند المبيت حوله، وأقول لزوجي دائما إنه إذا كان يريد أن يغمرني بالسعادة فليصحبني للمسجد الأقصى كل حين".

‪أحمد أبو الهيجا منسق مشروع قوافل المبيت حول الأقصى، بمدينة طمرة‬ أحمد أبو الهيجا منسق مشروع قوافل المبيت حول الأقصى، بمدينة طمرة (الجزيرة)
‪أحمد أبو الهيجا منسق مشروع قوافل المبيت حول الأقصى، بمدينة طمرة‬ أحمد أبو الهيجا منسق مشروع قوافل المبيت حول الأقصى، بمدينة طمرة (الجزيرة)

إقبال
يرافق هؤلاء المصلين أحمد أبو الهيجا منسق مشروع "قوافل الأقصى" بمدينة طمرة في "جمعية الأقصى لرعاية الأوقاف والمقدسات الإسلامية" الذي قال إن الجمعية تبنت مشروع المبيت عام 2015 بعد تكفل أهالي الخير بتمويله.

وأوضح أن تكاليف الرحلة التي تمتد لثلاثة أيام تقتصر على دفع مبلغ 114 دولارا للشخص الواحد، تشمل المبيت في الفندق ووجبة الإفطار، مضيفا أن بعض الرحلات الشهرية يشمل مدينة الخليل أيضا تلبية لطلب بعض المصلين زيارة الحرم الإبراهيمي والمبيت حوله.

لا تسلم هذه الرحلات إلى الأقصى من معوقات الاحتلال -حسب أبو الهيجا- الذي قال إن الشرطة الإسرائيلية أعاقت وصول القوافل إلى مدينة القدس وأحيانا منعت تحركها من مدينة طمرة قبيل انطلاقها خاصة خلال أزمة البوابات الإلكترونية صيف عام 2017.

المصدر : الجزيرة