مستوطنة موديعين بالقدس تمحو بلدة عربية أثرية

تحريك نشط للتوسيع الإسكاني والبناء بمتسرطنة موديعين
مركز لوجستي لمستوطنة موديعين أقيم على آثار قرية تعود لنحو ألف عام (الجزيرة-أرشيف)

أسيل جندي-القدس

لم تلتفت سلطة الآثار الإسرائيلية للكنوز التي عثرت عليها في موقع أثري بجوار مستوطنة موديعين الواقعة على الطريق الواصل بين القدس وتل أبيب.

ليس هذا فحسب، بل قررت سلطة الاحتلال التفريط فيها وتسليم الموقع لمقاولين لبناء مركز لوجستي يتبع للمستوطنة، على أن يطمر الموقع الأثري الذي تبين أنه عبارة عن بلدة تقع على تلة تعرف باسم "النبي زكريا" كانت مزدهرة في الفترة الإسلامية المبكرة.

وعُثر في الموقع -الذي اكتشفه علماء آثار إسرائيليون مطلع العام المنصرم- على بيوت فخمة مزينة بالفسيفساء والأقواس، وآبار ماء ومعاصر زيتون ومعامل لصناعة الزجاج يعود تاريخها إلى نحو ألف عام.

أثار هذا القرار حفيظة بعض علماء الآثار الإسرائيليين وسكان مستوطنة موديعين أنفسهم، الذين عبروا عن استيائهم من إقدام سلطة الآثار على طمر كافة الحفريات التي يثبت ارتباطها بالعصور الإسلامية.

وكان رد سلطة الآثار على ردود الفعل الغاضبة بأن "هناك حاجة للتوصل إلى توازن بين حماية الآثار القديمة والاحتياجات الاقتصادية".

صحيفة هآرتس الإسرائيلية كتبت الأسبوع الماضي عن الموقع الأثري القديم الذي تقرر دفنه للأبد، بعد مؤتمر صحفي عقدته سلطة الآثار وتحدث خلاله رئيس الفريق الذي نفذ الحفريات في الموقع عالم الآثار الإسرائيلي أبراهام تندلر قائلا "عندما نقوم بحفريات إنقاذ آثار قديمة لا نعلم قط ما يمكن أن نجده، توقعت العثور على آثار هيلينية أو رومانية أو بيزنطية، أما العثور على بلدة كاملة كان أمرا مفاجئا لنا".

حاولت الجزيرة نت الاتصال بتندلر لطلب مرافقته للموقع الأثري المسؤول عنه، لكنه رد بعدم إمكانية الحديث مع الإعلام أو مرافقته للموقع دون أخذ إذن من سلطة الآثار التي يعمل بها.

ووجهنا تندلر للحديث مع الناطقة باسم سلطة الآثار الإسرائيلية يولي شفارتس، التي كان ردها مقتضبا "انتهت مهمة سلطة الآثار الإسرائيلية في الموقع وتم تسليمه لجهات خاصة ولا نعلم إن كان متاحا للزيارة أم لا".

وفي انتظار السماح للجزيرة نت بزيارة الموقع، فإن ما رشح من معلومات عنه -وحسب علماء الآثار الذين أشرفوا على الحفريات التي امتدت على مساحة أربعة دونمات، يشير إلى أنه تم الكشف عن جزء من بلدة عربية كبيرة جدا مصممة بشكل متطور وتشمل عشرات المباني، ويقدر تاريخها ما بين القرنين التاسع والحادي عشر الميلاديين خلال حكم الخلافتين العباسية والفاطمية في فلسطين.

وأشار تندلر إلى العثور على أوزان مصنوعة من الزجاج كُتب عليها باللغة العربية واستخدمت لزنة النقود بدقة عالية، وعلى إحدى هذه الأوزان اقتباس لآية قرآنية، وأضاف أنه لم يتم العثور على آثار مسجد أو كنيسة رغم وجود إثباتات كافية على الهوية الدينية المختلطة للبلدة.

كما عُثر في البلدة المطمورة على عدد كبير من المخازن ومعامل إنتاج الزيت والنبيذ وصناعة الزجاج، الأمر الذي يثبت أن قرية النبي زكريا شكلت مركزا زراعيا وصناعيا هاما للقدس والرملة التي كانت عاصمة المنطقة خلال مرحلة الخلافة.

المصدر : الجزيرة