القدس ميراث الله لك

القدس ميراث الله لك .. ومن دمك ينبت زهرها

القدس ميراث الله لك.. ومن دمك ينبت زهرها.

والقدس المعركة الأخيرة .. ليس لها جند سواك.

مدينة لا تليق إلا بالأطهار والثوار.. مدينة لا تموت، وإن تكاثر حولها الغزاة، لأنها تولد من جديد مع كل شهيد.

إياك أن تستسلم وتركن لنظرية المؤمراة. فإن كانوا يمكرون فالله خير الماكرين.

إياك أن تصدق أنهم آلهة يصنعون المعجزات ويملكون الخوارق.. هؤلاء أرباب صنعهم عجزنا وغيابنا عن المشهد، وأنظمة تستمد قوتها واستمرارها من لعق بساطير الغزاة.

إن صدقت وركنت لهذه النظرية انحنيت دون أن تشعر. فهذه النظرية تعطيك شعورًا باللاجدوى في المقاومة.. ومن ثم الاستسلام والخدر وهذا ما يريدونه.

ولذلك يرعبهم أنك يقظ وكسرت القيد في غزة.. يرعبهم سلاح المقاومة، فيجعلون التنازل عنه شرطًا للمصالحة المزعومة ورفع الحصار.

الاحتلال الصهيوني يسرح ويمرح، يقايض غزة على سلاحها.. وينسق أمنيًا مع السلطة في رام الله، ويشعل الفتيل لتأكل النار الزرع فلا تبقي ولا تذر.

الخوف يأكلهم لأنك تحمل ذاكرة من لهب، وترعبهم السنابل المنحنية لله، والتي لا تنتظر أمرًا إلا من خالقها.. سنابل مثقلة بالظمأ والرفض والعزة.

ولأن ذلك السلاح هو النور الخافت الوحيد، الذي يتسرب من شقوق العتمة، والصوت الأعلى وسط الصمت العربي، فلن يهدأ لهم بال إلا بسحقه، وأنّى لهم ذلك.

تذكر، يا من تبلع خنجرًا مسمومًا، أن للحرية تكاليف لن يطيقها إلا الصابرون.

واكتب في صفحات التاريخ أن النصر يركع لرجل يقاوم.. فالأرض تطوى له كزرابي، والسماء تمد حبلها للرجال وعلامة الفجر خيط أبيض في الظلمة الحالكة.

وليعلم أصحاب القضية أن المعركة مفروضة علينا لا مناص منها، ومن ظن أنه ناج إذا رفع الراية البيضاء فهو واهم.. فلا تمت إلا وأنت تقاتل.

إسرائيل ومن ورائها أميركا تستخدم كل أسلحتها القديمة والحديثة دفعة واحدة الآن؛ لأنها تعرف أن الوقت حان للمعركة الفاصلة وأنها في الرمق الأخير.. فتغلق ملف القدس نهائيًا، وتوقف أميركا دعم الأونروا، تمهيدًا لإغلاق ملف اللاجئين تمامًا، وتمهد لقضم ما تبقى من الأرض الفلسطينية بالاستيطان، ومصادرة الأراضي، فتصبح هي صاحبة المساحة الأكبر على الأرض.

ويطرحون الكونفدرالية الأردنية الفلسطينية برؤية إسرائيلية، ولا أحد يعرف إلى أين ستؤول الأمور، إلا أن المؤشرات لا تبشر بخير.. وملوك الطوائف يبددون أموالهم في التجسس بعضهم على بعض، ويموِّلون الانقلابات، ويستلذون بأقفاصهم، وتصفية نفطهم فيما الطاغية الأميركي يراقب العبيد وهم يسفكون دم بعضهم بفرح وحبور.

ومع ذلك.. لا تقل إنها النهاية.

فالزرع وإن جف فالبذور كامنة في رحم الأرض، تنتظر قطرة مطر، وكفًّا دافئة وليس لها إلا كفك.

وقد يقول قائل..

في زمن النهايات كيف نجرؤ على الحديث عن البدايات؟

وأقول..

قد يصعب الكلام عن الولادات في زمن الموت.. ولكن رغم كل شيء، لا بد أن نبدأ من جديد، فمن قنط فليس منا وليس منا من انحنى.

والنهاية دومًا ترسم خطوط البداية والشهادة ترسم الميلاد.

فيا إخوة الدم.. يا من تدَّعون العمل للقضية.. يا من تتسابقون إلى طاولات المفاوضات.

ماذا قدمتم لفلسطين غير الذل ومزيد من الموت؟

ماذا قدمتم للقضية سوى التحليل والتصنيف؟

يا من تحملون فلسطين في قلوبكم، لا تراهنوا على الضمير الإنساني ولا الغربي.. لا تثقوا إلا بعروق الرفض في أكفكم.

يا من تحملون القدس في صدوركم.. هذا لا يكفي.

وليعلم أصحاب القضية أن من لا يملك خطة عملية ومشروعًا حقيقيًا للتحرير، فلن يحظى بمدد السماء؛ فالسماء لا تمطر طيرًا أبابيل تنقذنا، وعلى كل منا أن يصبح طيرًا أبابيل.

المصدر : الجزيرة