طلبة القدس يحلّقون في فضاء البحوث العلمية

1-جانب من توزيع جوائز مسابقة مؤسسة فيصل الحسيني(الجزيرة نت)
ستون طالبا وطالبة حازوا على جوائز خلال إعلان مؤسسة فيصل الحسيني نتائج مسابقة بحثية (الجزيرة)

أسيل جندي-القدس

"إنجاز بحث علمي خاص بي علمني الكثير؛ فقبله كنت أحفظ المعلومات عن ظهر قلب كبقية طلبة المدارس ثم أنساها، أما في البحث الذي أعددته فأنا من صنعت المعلومة بعد الاجتهاد في البحث الدقيق عنها، وتقديم الأدلة على صحة ما كتبته".

بهذه الكلمات عبرت الطالبة المقدسية راما الأطرش (15 عاما) عن فخرها بالبحث العلمي الذي أنجزته في مجال التاريخ تحت عنوان "دور المرأة قديما في عملية البناء ببلدة صور باهر"، وحازت على المرتبة الثانية في مسابقة هي الأولى من نوعها في القدس المحتلة.

راما تتحدث للجزيرة نت عن بحثها بشغف عميق محاولة إبراز أهمية دور المرأة المقدسية قديما في بناء المنزل إلى جانب الرجل. وتقول "كانت عملية البناء بدائية في ظل عدم وجود الآلات التي تسهل الجهد الجسدي، دور المرأة تمثل في جلب المواد وخلطها بيديها ثم تشكيل كتلة منها ورميها للأعلى ليتلقفها زوجها الذي يعمل على تصفيفها فوق بعضها".

اعتمدت الأطرش في بحثها على الرواية الشفوية من خلال مقابلة مسنين ومسنات في بلدة صور باهر المقدسية، وركزت على المرأة لتبين للمجتمع أهمية دورها منذ القدم ومدى قوتها، واصفة إياها "بعكاز الرجل".

راما الأطرش ركزت في بحثها على المرأة لتبين للمجتمع أهمية دورها إلى جانب الرجل (الجزيرة)
راما الأطرش ركزت في بحثها على المرأة لتبين للمجتمع أهمية دورها إلى جانب الرجل (الجزيرة)

أسس علمية
أميرة الصياد (16 عاما) حازت على المرتبة الثانية أيضا في البحث العلمي بالعلوم الاجتماعية، وحمل بحثها عنوان "مدى تقبل الطلبة الأصحاء للطلبة من ذوي الاحتياجات الخاصة في مدرسة الأميرة بسمة".

وتدرس أميرة في هذه المدرسة التي تدمج الأصحاء مع ذوي الإعاقة، وقررت الكشف عن مدى تقبل الطلبة لبعضهم البعض بعدما ارتأت أن الوسيلة الأنسب ليفصح الطلبة عما يشعرون به هي قيامهم بتعبئة استمارة لا تجبرهم على ذكر اسمهم أعلاها.

وعن نتائج البحث قالت للجزيرة نت "النتيجة إيجابية؛ فهناك تقبل كبير من الطلبة الأصحاء، لكن هناك من كان حياديا، ومن يصمت ويرفض التعبير عن رأيه، وهناك فئة أخرى ترفض ذوا الاحتياجات الخاصة، وتفضل الانطواء والانعزال عنهم، ولو أتيحت لي الفرصة لتطوير البحث سأسعى لمعرفة أسباب عدم تقبل بعض الطلبة الأصحاء للآخرين".

 

بحث للطالبة أميرة الصياد أظهر تقبل الطلبة الأصحاء لنظرائهم من ذوي الاحتياجات الخاصة (الجزيرة)
بحث للطالبة أميرة الصياد أظهر تقبل الطلبة الأصحاء لنظرائهم من ذوي الاحتياجات الخاصة (الجزيرة)

هاتان الطالبتان، بالإضافة إلى ستين طالبا وطالبة آخرين، حازوا على جوائز خلال إعلان مؤسسة فيصل الحسيني نتائج المسابقة التي أطلقتها ضمن مشروع التطوير الشامل لـ15 مدرسة في القدس.

رئيس مجلس إدارة المؤسسة عبد القادر الحسيني قال إن المشروع يهدف إلى فتح حوارات حول قيم الديمقراطية وحقوق الطفل والتعليم الجامع، ويركز على إنشاء آليات لتطوير تعليم قائم على البحث العلمي والتفكير الناقد.

وتحدث عن مشاركة 393 طالبا وطالبة في تطوير أبحاث علمية تنوعت مجالاتها بين العلوم الطبيعية والتاريخ والعلوم الاجتماعية، تقدم منهم نحو ثلاثمئة للمسابقات، في حين طور 94 آخرون مشاريع ارتكزت على برمجة وبناء الروبوتات، بالإضافة إلى مشاركة 1195 في مسابقة القراءة لهذا العام.

عبد القادر الحسيني: المشروع يهدف إلى فتح حوارات حول قيم الديمقراطية وحقوق الطفل والتعليم الجامع (الجزيرة)
عبد القادر الحسيني: المشروع يهدف إلى فتح حوارات حول قيم الديمقراطية وحقوق الطفل والتعليم الجامع (الجزيرة)

نهج جديد
وأضاف الحسيني للجزيرة نت أن مسابقتي القراءة والروبوت تستهدف الأطفال من الصف الثالث حتى العاشر، في حين يسمح للطلبة من الصف السابع حتى 11 بالتقدم لمسابقة البحث العلمي، مشددا على أهمية اتباع هذا النهج في التعليم بالقدس لمناهضة محاولات الاحتلال المستمرة للقضاء على التعليم الفلسطيني بالقدس.

أما المستشار التربوي يحيى حجازي فكان أحد أعضاء لجنة التحكيم للبحوث العلمية، وعن هذه التجربة قال إنه من الضروري إكساب الطلبة مهارات في الكتابة والتفكير العلمي لتكون لديهم جاهزية للتعامل مع النصوص الأكاديمية وتلخيص المقالات العلمية بشكل سليم عند الوصول للمرحلة الجامعية.

وتطرق حجازي لأهمية اعتماد الطلبة على أنفسهم في البحث وعدم اللجوء لسرقة المعلومات ونسخها من الشبكة العنكبوتية، وضرورة تحررهم من النمط التقليدي في التفكير.

وأشار إلى تفوق مستوى بعض الأبحاث في المسابقة على مستوى أبحاث يقدمها طلبة جامعات في السنة الأولى والثانية من دراستهم، وذلك بفضل الإرشاد والمتابعة من خلال أساتذة المدارس الذين خضعوا لتدريبات مكثفة على يد لجنة التحكيم التي عينتها مؤسسة فيصل الحسيني.

المصدر : الجزيرة