فراس قزاز.. حنجرة ذهبية تصدح بسماء القدس

المؤذن والمنشد المقدسي فراس قزاز
أسيل جندي-القدس

"صمنا والصوم مبارك رمضان الله بارك.. رتلنا فيه القرآن جزء عم وتبارك.. هنيئا لك يا رمضان فيك أُنزل القرآن وبعفو الرب المنّان رمضان الله بارك" بهذه الأنشودة تصدح حنجرة المؤذن والمنشد المقدسي فراس قزاز طيلة أيام الشهر الفضيل، خلال الأمسيات الرمضانية التي يحييها مع الفرقة المقدسية للإنشاد الديني والمديح النبوي التي أسسها عام 2008.

ورث فراس قزاز (32 عاما) رفع الأذان في المسجد الأقصى عن والده وقبلها جده، إذ تأخذ العائلة على عاتقها مسؤولية رفع الأذان في المسجد منذ 700 عام.

منذ نعومة أظفاره رافق فراس والده خلال رفعه للأذان وحضوره للمناسبات الدينية، وبدأ بتعلم بعض المقامات الصوتية، وعند عودته للمنزل كان يتدرب على ما سمعه حتى اكتشف والده موهبته وهو في سن السابعة.

شرف لا مهنة
"
أشكي لمين يا أحمد يوم طلعة المشهد" يذكر قزاز أن هذه الأنشودة التي تتحدث عن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم هي أكثر الأناشيد التي كان يرددها في صغره. ويؤكد أن لوالده الفضل الكبير في تدريبه المكثف على المقامات الصوتية وتمارين أخذ النفس وإطالته، وهي أشياء لم يتلقَّها بالمعاهد والجامعة لاحقا.

التحق فراس قزاز بمعهد للموسيقى ودرس المقامات الموسيقية وحصل على بعثة للدراسة في جامعة الأزهر. وبعد انتظامه بالدراسة هناك اضطر للعودة للقدس بسبب وعكة صحية ألمت بوالده، فأكمل دراسته بكلية الدعوة في جامعة القدس بأبو ديس، ودرس لاحقا على يد الشيخ المصري محمد المصري الذي مكث في القدس تسعة أشهر، كما دخل دار القرآن الكريم وحصل على إجازة في التجويد.

هذه المعارف تلقاها إلى جانب عمله مؤذنا متطوعا في المسجد الأقصى منذ 17 عاما قبل أن يصبح موظفا رسميا في دائرة الأوقاف الإسلامية ومؤذنا معتمدا قبل خمس سنوات، وبينما يرفع والده أذان الظهر والمغرب يواظب فراس على رفع كل من أذان المغرب والعشاء والفجر في المسجد الأقصى يوميا.


ورغم تجوله في عدة بلدان ورفع الأذان بها كالجزائر والمغرب وتركيا والكويت والأردن فإنه يؤكد أن للأذان في المسجد الأقصى روحانيات مختلفة، و"لا يعرف قيمة الأذان في الأقصى إلا من يقف ليرفعه.. أشعر برهبة في كل مرة، لكنها رهبة حنونة وكأن الله يقلب الرهبة لحنان يحتويني به كلما وقفت لأرفع الأذان من الغرفة الخاصة بالمؤذنين".

ويشعر المؤذن المقدسي بالفخر كونه يؤذن من أولى القبلتين وثاني المسجدين وثالث الحرمين الشريفين، ومن المكان الذي عرج منه الرسول محمد عليه الصلاة والسلام إلى السماء، والمكان الذي صلى به بالأنبياء، مما جعله يرى الأذان في هذه البقعة شرفا وهبه إياه الله رافضا اعتبارها مهنة.

وأثناء مرافقته للمشايخ من كبار السن منذ صغره في المناسبات الدينية حفظ عن ظهر قلب العديد من الأناشيد وقصة المولد النبوي التي تلحن في ذكرى المولد الشريف، ثم بدأ من حوله يحثونه على ضرورة تأسيس فرقة إنشاد مقدسية، وبعد تعثرها لسنوات رأت الفرقة النور قبل عشر أعوام.

فرقة الإنشاد يتوسطهم فراس قزاز في بث مباشر سابق لصفحة القدس (الجزيرة)
فرقة الإنشاد يتوسطهم فراس قزاز في بث مباشر سابق لصفحة القدس (الجزيرة)

روحانيات
تتكون الفرقة التي أسسها فراس من أربعة منشدين وأربعة عازفين على كل من الدف والرق والطبول التي يستخدمونها في الاحتفالات الصوفية، ومن أبرز المناسبات التي تحييها الفرقة في المدينة المحتلة ذكرى الإسراء والمعراج، ورأس السنة الهجرية وذكرى المولد النبوي بالإضافة للأمسيات الرمضانية.

"صمنا والصوم مبارك رمضان الله بارك" و"روّح فؤادك قد أتى رمضان" هاتان الأنشودتان ترافقان فراس وأعضاء فرقته طيلة شهر رمضان، بالإضافة للأذكار والابتهالات والمدائح النبوية، ومع مشارفة الشهر على الانتهاء يودعون الشهر بما تسمى التوحيشات، مثل ترديد "لا أوحش الله منك يا رمضان" و"يا عين جودي بالدموع وودعي شهر الصيام تشوقا وحنانا".

وعن مدى تفاعل الجمهور مع هذه الأمسيات الرمضانية قال المنشد المقدسي قزاز إن الإقبال كبير، ومن الملاحظ استحسان فئة الشباب لهذه الأذكار والمدائح متمنيا اتجاه الجيل الجديد نحو هذا الفن الملتزم النقي بكلماته وعبره.

المصدر : الجزيرة