من القدس إلى بيرو.. هكذا حققت "جيدا" حلمها

جيدا خمشتا خوري
صناعة حلي عصرية وأخرى تراثية تمزجها بالأحجار الكريمة حلم راود جيدا منذ الطفولة (الجزيرة)

أسيل جندي-القدس

في منزلها الواقع ببلدة بيت حنينا شمال القدس المحتلة تغزل أنامل المقدسية جيدا خمشتا خوري حليا عصرية وأخرى تراثية تمزجها بالأحجار الكريمة وكريستال سوارفسكي لتنتج قطعا فريدة من نوعها لفتيات وسيدات القدس اللاتي وجدن في منتجاتها عنوانا للتميز والإبداع.

أنهت جيدا دراستها الجامعية بتخصص إدارة الفنادق من جامعة بيت لحم قبل ثلاثة عقود، وعملت في هذا المجال لسنوات عدة، لكنها لم تتوقف يوما عن التفكير بضرورة تحقيق حلما ولد منذ نعومة أظفارها بأن تصبح مصممة حلي.

بدأ شغف ابنة القدس بصناعة الحلي بينما كانت طفلة تلهو مع أقرانها في الحي وجمعت حينها العشرات من قطع القصدير الموجودة داخل علب السجائر لتصنع منها الخواتم والأساور وتبيعها للأطفال، ثم تطور شغفها وبدأت تفكك حلي والدتها في المنزل وتعيد تصميمها بأشكال مختلفة عن الأصلية.

وعام 2005 توجت موهبتها وأطلقت أولى تصميماتها. وعن تلك المرحلة قالت "كنت أملك تحفة كريستال على شكل شجرة، فككتها وصنعت منها عقدا من الكريستال لاقى إعجاب من حولي بشدة مما أعطاني دفعة، وبدأت بإنتاج المزيد من الحلي ثم عرضتها في محل تجاري استأجرته بمدينة رام الله".

تخطت جيدا كافة جدران الاحتلال المحيط بالقدس وفلسطين المحتلة لتستورد احتياجات مشروعها من أميركا الجنوبية
تخطت جيدا كافة جدران الاحتلال المحيط بالقدس وفلسطين المحتلة لتستورد احتياجات مشروعها من أميركا الجنوبية

إلى بيرو
"J&J Design" هو الاسم الذي أطبقته جيدا على مشروعها، وهو يرمز لاسمها وشقيقتها جين التي وافتها المنية قبل سنوات وكانت رفيقتها في التصميمات.

تخطت المصممة المقدسية كافة جدران الاحتلال المحيط بالقدس وفلسطين المحتلة، وانطلقت إلى الخارج لتوفير بعض احتياجات مشروعها. وحول المواد الخام التي تحتاجها بشكل أساسي لتصميم الحلي، تقول "كريستال سوارفسكي هو الذي يميزني عن غيري من المصممات، كما أستعمل عدة أحجار كريمة أبرزها المرجان وأستوردها من أميركا الجنوبية وبالتحديد من جمهورية بيرو".

 أما العملات المعدنية التاريخية، فتقول إنها توفرها من البلدة القديمة بالقدس وتشتري من مدينة الخليل الأثواب التراثية الفلسطينية لتجتزئ منها قطعا للتصميمات التراثية لصنع الحقائب والعقود والأساور وغيرها.

وعن سبب إدخال التطريز الفلسطيني في خطوط إنتاج حليها، تقول جيدا إنها خشيت أن يتلاشى هذا التراث بسبب ابتعاد الجيل الجديد عنه، ففكرت بطريقة عصرية ملائمة لارتداء هذا النوع من الحلي مع الملابس اليومية وأنتجت قطعا تراثية ممزوجة بالأحجار الكريمة والكريستال ودهشت بسرعة تقبل الجميع لها وبتوافد زبونات جدد لاقتنائها.

وحوّل مشروع تصميم الحلي جيدا من سيدة عادية إلى ريادية وجعلها أكثر قوة وثقة بالنفس، مما دفعها لمساعدة مقدسيات رياديات مبتدئات عبر تنظيم معرض سنوي لمنتوجاتهن بهدف تعريف المجتمع المحلي بها.

مجموعة من العملات المعدنية التي حولتها جيدا لحلي 
مجموعة من العملات المعدنية التي حولتها جيدا لحلي 

مشاركة الإنجاز
ويقام الموسم الثالث لهذا المعرض خلال الشهر الحالي تحت عنوان "ست الحبايب" وتشارك فيه 36 مقدسية ريادية بمنتجاتهن اليدوية المتنوعة، وتؤكد جيدا أن "ظروف الاحتلال في المدينة تحد بشكل كبير من انتشار وتسويق أعمالنا، فلا بد من ترويجها بشكل سنوي من خلال بازار يجمعنا داخل القدس ويعرف السكان بنا".

حلي جيدا التراثية حلقت معها قبل سنوات إلى الكويت حيث خصصت لها زاوية في إحدى المعارض هناك، وبهرت من تعطش وشغف الجالية الفلسطينية بالكويت للتراث الشعبي، وتسابقت الفلسطينيات من كافة الأعمار على زاويتها لاقتناء الحلي التراثية التي تمنت لو تمكنت من جلب المزيد منها معها للمغتربات المحرومات من زيارة فلسطين والاستمتاع بعبق تراثها.

وبمناسبة اليوم العالمي للمرأة، تمنت جيدا أن تتمكن كل السيدات الرياديات في العالم العربي من تحقيق ما يطمحن إليه رغم ويلات الحروب والقيود الاجتماعية، لإيمانها بأن المجازفة والإرادة هي من توصل المرأة لأعلى مراتب النجاح.

ويغادر الزائر مشغل المقدسية جيدا الصغير على وقع أغاني أم كلثوم، تاركا خلفه متحفا مصغرا يحمل هوية فلسطين أنتجته أنامل سيدة فلسطينية أبت الاستسلام لواقع كئيب أراد الاحتلال فرضه بمدينة القدس، وانطلقت تغرد بمنتجاتها خارج الأسوار.

المصدر : الجزيرة