رسيلة شماسنة.. أسيرة وأم شهيد وأسير وجريح

فلسطين- القدس- رسيلة شمسنة تواجها تهما بالتحرض ضد الاحتلال وهي تضرب عن الطعام لليوم 13-بسبب عزلها- الصورة مرسلة
الأسيرة المضربة عن الطعام رسيلة شماسنة تواجه تهما بالتحريض ضد الاحتلال (الجزيرة)

عاطف دغلس-ضواحي القدس

وحدها رسيلة شماسنة (47 عاما) من قرية قطنة شمال القدس جمعت بين صنوف العذاب الإسرائيلي وتجرعت ويلاته تباعا، فهي الأسيرة أم الشهيد والأسير والجريح.

استشهد ولدها محمد (22 عاما) في 12 أكتوبر/تشرين الأول 2015، حيث أمطره جنود الاحتلال برصاصهم قرب محطة للحافلات بالقدس بحجة طعنه مستوطنين ومحاولته خطف سلاح أحدهم فلامس الخبر قلبها قبل أن تراه وتسمعه عبر وسائل الإعلام.

بعد ذلك التاريخ أصبحت العائلة هدفا دائما للاحتلال وآلة قمعه وسجونه، وعاقب العائلة واعتقل أفرادها واستدعاهم للتحقيق أكثر من مرة، وحين أحضر الشهيد بعد شهر من حجز جثمانه لم تملك رسيلة إلا أن تطلق "زغاريد الفرح والنصر" لعلها تطفئ لهيب نارها المشتعلة حزنا على شهيدها.

 رسيلة شماسنة وابنتاها فاطمة وسارة (الجزيرة)
 رسيلة شماسنة وابنتاها فاطمة وسارة (الجزيرة)

تتابع النكبات
بعد ذلك اعتقلت رسيلة مرتين في سجن المسكوبية بمدينة القدس، وزاد الاحتلال في قمع العائلة، فأصاب يوسف نجلها الأصغر واعتقله لثمانية أشهر، ثم اعتقل ابنها الأكبر معتصم (27 عاما) وسجنه 14 شهرا وأفرج عنه الثلاثاء الماضي.

لكن أسوأ لحظات المعاناة -كما تقول ابنتها فاطمة- كانت فجر يوم 31 يناير/كانون الثاني الماضي، ففي تلك الليلة وعلى غير عادتها لم تخلد فاطمة للنوم، راودها هاجس أن خطبا ما خارج المنزل فأزاحت الستارة بعد أن شعرت بحركة غريبة، كان جنود الاحتلال مدججين بالسلاح ويستلقون أرضا.

لأكثر من ساعتين ظلوا على هذا الحال يراقبون المنزل قبل أن ينقضوا على بابه ويحاولوا فتحه عنوة لكن استيقاظ فاطمة حال دون ذلك، إذ كانت قد أيقظت والدتها وشقيقتها سارة (14 عاما) التي كانت الهدف لجنود الاحتلال، حيث اقتادوها معتقلة بعد أن كبلوا يديها وعصبوا عينيها.

تقول فاطمة (19 عاما) إن الاعتقال لم يكن لوالدتها رسيلة بل لشقيقتها الصغرى سارة، لكن اشتباكا حدث بين أفراد العائلة والجنود الذين هاجموا الأم وأبناءها وانهالوا عليهم ضربا وعمدوا لاعتقال سارة وحدها ودون السماح لها بوضع الحجاب، فدافعت رسيلة عن ابنتها وأصرت على مرافقتها لحمايتها لتجد نفسها معتقلة داخل مركز تحقيق المسكوبية بالقدس وتواجه اتهامات عدة.

وفي المركز ذاته ضربت سارة أمام والدتها التي لم تتحمل شدة الموقف فحاولت الدفاع عنها "فاقتحم سبعة مجندين غرفة التحقيق وراحوا يضربون أمي وشقيقتي بعنف وجرحت برقبتها" تتابع فاطمة التي أضحت حياتها بين سجون الاحتلال ومحاكمه.

 سارة شماسنة أسيرة لدى الاحتلال وتواجه تهما بالتحريض (الجزيرة)
 سارة شماسنة أسيرة لدى الاحتلال وتواجه تهما بالتحريض (الجزيرة)

محاكمة المشاعر
يكيل الاحتلال تهما "لمشاعر" الأم والطفلة، فالأولى كان ذنبها أنها أطلقت النار في الهواء ومعها أطلقت الزغاريد "حرقة" على ولدها الشهيد أثناء تشييع جثمانه الذي تسلمته "مجمدا" بعد شهر وأكثر من الاحتجاز في ثلاجات الاحتلال.

أما سارة فاتهمت بالتحريض ضد الاحتلال حين قالت "دمك لن يذهب هدرا" مخاطبة شقيقها الشهيد محمد أثناء تشييعه ودمعاتها تتقاطر فوق وجهها حزنا، وهو الذي كان أهداها صباح يوم استشهاده عقدا لـ"خريطة فلسطين" تزين به عنقها.

وتتساءل فاطمة بوجع عن اعتقال الاحتلال شقيقتها وأمها ومحاكمتهما بسبب "حزنهما" على الشهيد أثناء جنازته، واستهجنت تأجيل المحاكمة أربع مرات متتالية، كان آخرها الأسبوع الماضي حيث تأجلت للثلاثاء القادم.

ويقول يوسف شماسنة -الذي حضر الجلسة مع شقيقته فاطمة في محكمة عوفر- إنهم اكتشفوا أن والدتهم مضربة عن الطعام لليوم الـ13 رفضا للاعتداء عليها وعزلها في سجن هشارون بعيدا عن طفلتها التي تعتقل بقسم القاصرات في السجن ذاته.

قبل أيام وحين أفرج الاحتلال عن معتصم نجل رسيلة الأكبر غابت مظاهر الفرح والاستقبال عن العائلة التي أرجأت ذلك إلى "الفرحة الكبرى" بتحرر رسيلة وسارة، وتعكف الآن لحشد وتنظيم فعاليات تضامنية معهما.

المصدر : الجزيرة