الإبعاد.. سياسة الاحتلال لإفراغ القدس

القدس-فلسطين-الناشطة المقدسية غادة زغير.هبة أصلان
غادة الزغير اعتقلت مرات عدة وفرض عليها الإبعاد لنشاطها ضد قرار ترمب وزيارة نائبه للقدس (الجزيرة)
هبة أصلان-القدس

عقب إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب القدس عاصمة لدولة الاحتلال، ردت سلطات الاحتلال على احتجاجات الفلسطينيين بالقدس على القرار بمزيد من الممارسات القمعية، ومن بينها الاعتقالات والإبعادات التي توسّع نطاقها.

اقتصرت عمليات الإبعاد في السابق عن المدينة المحتلة عامة والمسجد الأقصى والبلدة القديمة خاصة، لكن هذه السياسة أصبحت مكثفة أكثر من خلال إبعاد المقدسيين عن أماكن تجمعاتهم السلمية للاحتجاج على ممارسات الاحتلال بحقهم، ووصل عدد المبعدين عن المدينة خلال الشهرين الماضيين لأكثر من 250 إبعادا لرجال ونساء وحتى الأطفال.

الشهر الماضي وخلال زيارة مايك بنس نائب الرئيس الأميركي لدولة الاحتلال الإسرائيلي، وتحديدا في الثالث والعشرين من يناير/كانون الثاني الماضي، اعتقلت قوات الاحتلال مدير مركز معلومات وادي حلوة جواد صيام والناشط المقدسي سامر أبو عيشة، ولم تفرج عنهما إلا عقب انتهاء زيارة بنس حائط البراق.

أفرج عن صيام وأبو عيشة بشرط الإبعاد عن محيط باب العامود وباب الساهرة وشارع صلاح الدين لمدة 15 يوما.

صيام اعتقل مرات عدة وأفرج عنه في الأخير شريطة الإبعاد عن محيط باب العامود وباب الساهرة وشارع صلاح الدين (الجزيرة)
صيام اعتقل مرات عدة وأفرج عنه في الأخير شريطة الإبعاد عن محيط باب العامود وباب الساهرة وشارع صلاح الدين (الجزيرة)

خشية الفعاليات
كان اعتقال أبو عيشة توقيفا احترازيا خوفا من تنظيمه أي فعاليات تتزامن مع وصول بنس إلى البلدة القديمة، ويصف الناشط المقدسي التحقيق معه بالهزلي، فـ"خلال التحقيق كان واضحا أنهم يريدون تضييع الوقت، لم تكن هناك أسئلة جديدة، وإن وجد فهي مكررة وجميع إجاباتها معروفة لهم".

والحال نفسها عايشتها الناشطة المقدسية غادة الزغير، التي كانت من بين المعتقلين ومن ثم المبعدين، فقد مرت بحالتي اعتقال خلال الاحتجاجات على قرار ترمب، إحداهما كانت من باب العامود وصدر بحقها قرار إبعاد لمدة خمسة أيام، وفي المرة الثانية اعتقلت من شارع صلاح الدين.

اتهمت غادة التي ما زال ملفها مفتوحا، بالإخلال بالنظام وضربها مجندتين إسرائيليتين، لكنها على قناعة بأن سبب اعتقالها الرئيسي يكمن في خوف الاحتلال من وجودها وأقرانها المقدسيين أصحاب الوعي السياسي في أماكن الاحتجاج، خاصة وأنها لم تكن تتوقف عن ترديد الهتافات المنددة بالاحتلال وبالقرار الأميركي باللغتين العربية والإنجليزية.

وتبعد سلطات الاحتلال النشطاء الفلسطينيين عن أماكن الاحتجاجات السلمية بقرارات محكمة لتحقيق غايات سياسية معينة، وفق ضحايا هذه السياسة.

قانونيا، ووفقا لمحامي نادي الأسير الفلسطيني مفيد الحاج، فلا يوجد اصطلاح قانوني للإبعاد لكن يمكن تصنيفه ضمن ما يسمى "تقييد الحركة"، إذ يمنع بموجبه المتهم من الوصول لمكان معين. وبيّن أن هذا المسمى بالأصل يطبق على متهمي القضايا المدنية، لكن محاكم الاحتلال تتحايل على القانون عندما يتعلق الأمر بالفلسطينيين.

فـإسرائيل لا تستند إلى قانون واضح في ملفات إبعاد الفلسطينيين، لذلك أمست توجه لهم لوائح اتهام وتفرض عليهم الحبس المنزلي حتى إتمام إجراءات القضية أو إطلاق سراحهم لكن مع إبقاء الحبس المنزلي، الذي يضاف إليه الإبعاد عن موقع الإخلال بالنظام -على حد وصف الشرطة- في التهم الموجهة للناشط الفلسطيني، وهكذا يبقى الملف مفتوحا على ذمة القضية.

الحاج: الهدف الأساسي من اختلاق سلطات الاحتلال للإبعادات يتمثل في منع المظاهرات والحراك الشعبي (الجزيرة)
الحاج: الهدف الأساسي من اختلاق سلطات الاحتلال للإبعادات يتمثل في منع المظاهرات والحراك الشعبي (الجزيرة)

السيطرة الميدانية
وعليه -وفقا للحاج- يبقى الملف مفتوحا لمدة 30 يوما أو أكثر بحجة استكمال التحقيق، وبهذا الإجراء تبدو سلطات الاحتلال وكأنها تضرب عصفورين بحجر واحد، عندما تقرر الإبعاد والحبس المنزلي، وضمان الاستجابة لاستدعاءات التحقيق
.

ويرى محامي نادي الأسير الفلسطيني أن الهدف الأساسي من اختلاق سلطات الاحتلال للإبعادات يتمثل في منع المظاهرات والحراك الشعبي وليبدو وكأن الاحتلال مسيطر على الأوضاع وأن المدينة تعيش بسلام.

ويصف رئيس لجنة أهالي الأسرى المقدسيين أمجد أبو عصب هذه السياسات بالظالمة، إذ "أمعن الاحتلال في تطبيقها بعد أن حصل على الضوء الأخضر من الرئيس الأميركي ترمب".

وأضاف أن "الإعلان منح الاحتلال التغطية لمزيد من الاستباحة لأبناء شعبنا وأرضنا، الاحتلال أصبح مصرا على تفريغ الأمكنة وترويع الناس أكثر من أي وقت مضى، رسالتهم من الإبعاد واضحة: إن وقفتم في وجهنا، فمصيركم إما الاعتقال وإما الإبعاد بمختلف أشكاله".

المصدر : الجزيرة