حق التعليم في القدس مكفول بالقانون الدولي

حق التعليم في القدس مكفول بالقانون الدولي
يعد الحق في التعليم من الحقوق التي كفلها القانون الدولي، فقد كفلت العديد من المواثيق حماية الحق في التعليم كحق أساسي من حقوق الإنسان التي لا غنى عنه للتمتع بالحقوق الأخرى. ويعتبر العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الحق الأكثر شمولاً وتفصيلاً في تناوله للحق في التعليم، من حيث هدف التعليم وطبيعة العملية التعليمية وآليات الوفاء به للجميع ودون تمييز.

تنصّ المادة 26 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي اعتمد عام 1948 على أن "لكل شخص الحق في التعليم". ومنذ ذلك الحين أقر الحق في التعليم في عدد من المعاهدات الدولية مثل: اتفاقية اليونسكو لمكافحة التمييز في مجال التعليم (1960)، والعهد الدولي الخاص بالقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري (1965).

ومن المعاهدات الأخرى: العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية الثقافية (1966)، واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (1979)، واتفاقية حقوق الطفل (1989)، واتفاقية حماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم (1990)، واتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة (2006). كما تم الاعتراف بالحق في التعليم في اتفاقيات منظمة العمل الدولية والقانون الإنساني الدولي، وكذلك في المعاهدات الإقليمية.

وفقا للقانون الدولي يقع على دولة الاحتلال التزامات قانونية تضمن التمتع بالحق في التعليم في الأراضي التي تحتلها، وفي هذا الإطار يقع عليها مسؤولية حسن تشغيل المنشآت المخصصة لرعاية الأطفال وتعليمهم

التزامات الاحتلال
تضمن بعض المعاهدات الحق في التعليم بشكل عام، بينما تقصره معاهدات أخرى على جماعات أو سياقات معينة، إذ تنصّ المادة 13 من العهد على ما يلي "تقر الدول الأطراف في هذا العهد بحق كل فرد في التربية والتعليم، وهي متفقة على وجوب توجيه التربية والتعليم إلى الإنماء الكامل للشخصية الإنسانية والحس بكرامتها، وإلى توطيد احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية"
.

بينما تضمن اتفاقية اليونسكو لمكافحة التمييز في مجال التعليم الحق في التعليم عمومًا، أي لجميع الناس، بينما تنطبق معاهدات أخرى على مجموعات معينة (الأطفال والنساء والمعوقين واللاجئين والمهاجرين)، أو سياقات محددة مثل التعليم في النزاعات المسلحة والتعليم وعمالة الأطفال.

وفقا للقانون الدولي يقع على دولة الاحتلال التزامات قانونية تضمن التمتع بالحق في التعليم في الأراضي التي تحتلها، وفي هذا الإطار تقع عليها مسؤولية حسن تشغيل المنشآت المخصصة لرعاية الأطفال وتعليمهم، وبذلك على دولة الاحتلال ليس فقط تجنب القيام بأي من أعمال الاعتداء أو التعرض السلبي لهذه المؤسسات، وإنما من واجبها العمل على تغطية وتأمين متطلبات حسن تشغيل وعمل هذه المؤسسات، سواء على صعيد تغطية متطلبات واحتياجات هذه المؤسسات من الكادر البشري، أو على صعيد تأمين تزويدها بما تحتاجه من الوسائل والمعدات والأدوات وغيرها من الجوانب المادية التي يقتضيها حسن تنفيذ أعمالها.

وتنتهك إسرائيل كافة المواثيق الدولية فيما يتعلق بحق الفلسطينيين في التعليم، فمنذ إقرار قانون التعليم عام 1954 لم تراعِ الخصوصية الثقافية والدينية لفلسطينيي الداخل المحتل، وفرضت مناهجها التعليمية عليهم.

ومنذ العام 1967 هناك محاولات مستمرة لفرض المنهاج الإسرائيلي في مدينة القدس، ولكنها تقابل دائما بالرفض. وفي العام 2016 ظهرت محاولات لفرض هذه المناهج، تارة بالترغيب عبر تخصيص ميزانيات ضخمة للمدارس التي تعتمد هذه المناهج، وتارة بالترهيب بقطع الإمدادات المالية عن هذه المدارس.

وسبق أن صرح وزير شؤون القدس في السلطة الفلسطينية ومحافظ المدينة عدنان الحسيني بأن "هناك محاولات لممارسة ضغوط على المدارس الخاصة التي تحصل على دعم مالي"، وأن الاحتلال يحاول من خلال هذا الدعم التدخل في إدارة هذه المدارس "وهذا أمر نرفضه، فالأموال التي يدفعونها للمدارس واجبة عليهم، فهي من الضرائب التي تجبى من الفلسطينيين، وبالتالي ليس من حقهم التدخل في المناهج ولا في الإدارة".

ووفق وزير شؤون القدس، يسعى الاحتلال لاستغلال الأمر من أجل تحقيق مكاسب سياسية، وهو ما ينبغي للسكان أن يقفوا في وجهه.

منهاج التهويد
يمكن أن يُسهم القانون الإنساني إسهامًا فريدًا في المعارف والمهارات والمواقف التي تُشكل المحتوى التعليمي الضروري للتعليم الأساسي. وقد عرَّف المؤتمر العالمي للتعليم للجميع عام 1990، التعليم الأساسي بأنه تعليم يشمل في آنٍ معًا "أدوات التعليم الضرورية (مثل معرفة القراءة والكتابة، والتعبير الشفاهي، والإلمام بمبادئ الرياضيات وحل المسائل). والمحتوى التعليمي الأساسي (مثل المعارف والمهارات والقيم والمواقف) يحتاجه البشر ليكونوا قادرين على البقاء ولتنمية كامل قدراتهم بما يؤهلهم للعيش والعمل بكرامة، والمشاركة الكاملة في التنمية، وتحسين نوعية حياتهم، واتخاذ قراراتهم عن تبصُّر، والاستمرار في التعليم".

ومن هذا المنطلق، يُحظر على دولة الاحتلال تطبيق منهاج تهويدي يفرض الآراء والأفكار الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني الواقع تحت الاحتلال.

على السلطة الوطنية الفلسطينية اتباع كافة الوسائل التي من شأنها وقف عملية تهويد المنهاج الفلسطيني في القدس من زيادة رواتب المعلمين في مدارس القدس

دور السلطة
للوقوف في وجه التحديات التي تواجه حقوق المقدسيين في التعليم، والناجمة بشكل أساسي عن الانتهاكات الإسرائيلية، على المجتمع الدولي والأطراف السامية المتعاقدة على اتفاقية جنيف تحمل مسؤولياتهم بالضغط على سلطات الاحتلال الإسرائيلي لوقف ممارساتها بحق قطاع التعليم في القدس المحتلة، بالإضافة إلى إلزام المجتمع الدولي سلطات الاحتلال بتحمل مسؤولياتها كدولة احتلال، بشأن احترام وحماية وإعمال الحق في التعليم للمقدسيين
.

كما يجب العمل على اتخاذ خطوات فعالة من جانب الاتحاد الأوروبي بموجب المادة الثالثة من اتفاقية الشراكة الأوروبية الإسرائيلية التي تشترط احترام دولة الاحتلال لحقوق الإنسان، ومنها الحق في التعليم.

ومن ذلك أيضا اعتماد السلطة الوطنية الفلسطينية موازنة خاصة بقطاع التعليم في القدس، بما يسمح  ببناء مدارس جديدة وشراء واستئجار مبانٍ لاستيعاب الزيادة الطبيعية للمقدسيين، ولجذب أكبر عدد ممكن إلى هذه المدارس نزولاً عند رغبة الأهالي في اختيار هذه المدارس، وتأهيل وترميم المباني القديمة، وتطوير التعليم على مستوى البناء والموارد البشرية وبيئة المدرسة وعلاقتها بمجتمعها المقدسي.

بالإضافة إلى ما سبق، يجب على السلطة الوطنية الفلسطينية اتباع كافة الوسائل التي من شأنها وقف عملية تهويد المنهاج الفلسطيني في القدس من زيادة رواتب المعلمين في مدارس القدس، ورفع مستوى الحوافز المادية وحقوق العاملين بما يتقارب مع العاملين في مدارس المعارف التابعة لبلدية القدس، وذلك للحفاظ على الكادر التعليمي في مدارس القدس التي تشرف عليها وزارة التربية والتعليم العالي.

المصدر : الجزيرة