أرض "الأميم".. هكذا استرد النمري أرضه في القدس

القدس.فلسطين.حديقة الأميم بعد الافتتاح.هبة أصلان.الجزيرة نت
القانون الإسرائيلي يعطي رئيس بلدية القدس صلاحية السيطرة على أي أراض (الجزيرة)

هبة أصلان-القدس

بعد صراع استمر أربع سنوات في أروقة محاكم الاحتلال، تمكنت جمعية برج اللقلق الفلسطينية بالبلدة القديمة في القدس المحتلة من افتتاح "حديقة الأميم".

وجاءت المعركة القضائية لإثبات ملكية قطعة الأرض لعائلة النمري المقدسية، وتم انتزاع قرار إقامة الحديقة بأموال فلسطينية، في قضية أمست نموذجا لإمكانية استرجاع أراضي الفلسطينيين المصادرة بالمدينة. 

بدأت قصة أرض "الأميم" المحاذية لسور البلدة القديمة في القدس من ناحيتها الشرقية يوم الرابع من سبتمبر/أيلول 2014، عندما أعلنت بلدية الاحتلال بالقدس مصادرتها للأرض بهدف إنشاء حديقة عامة، ووفقا لقوانين دولة الاحتلال تعطى مهلة من الوقت للاعتراض على القرار.

مفتخرا بتحرير أرض حديقة الأميم، يحدثنا ناصر غيث رئيس مجلس إدارة جمعية برج اللقلق، وهي الجهة التي أخذت على عاتقها تتبع المسار القانوني للقضية وإقامة الحديقة، بالتعاون مع عائلة "النمري" التي لم تكن على علم بقرار بلدية الاحتلال، لتبدأ رحلة شاقة من أجل إثبات ملكيتها الفلسطينية. 

‪حديقة الأميم نجت من أطماع الاحتلال ومستوطنيه‬ حديقة الأميم نجت من أطماع الاحتلال ومستوطنيه (الجزيرة)
‪حديقة الأميم نجت من أطماع الاحتلال ومستوطنيه‬ حديقة الأميم نجت من أطماع الاحتلال ومستوطنيه (الجزيرة)

أرض مسجلة
وتعود ملكية الأرض -التي تبلغ مساحتها نحو أربعمئة متر مربع، وتقع شمال باب الأسباط– للمربي المقدسي طاهر النمري، ورثها عن جديه محمد أمين ومحمد سعيد النمري اللذين كانا قد استصدرا أوراق تسجيلها إبان حكم الدولة العثمانية في فلسطين.

يقول النمري -الذي لم تمنعه سنه الكبيرة من خوض صراع استرجاع الأرض- إن والده كان وحتى احتلال القدس عام 1967 يؤجرها نظير دينارين أردنيين سنويا، قبل أن تهجر وتصبح مكبا عشوائيا للنفايات.

ويؤمن مالك الأرض بالأهمية الإستراتيجية لها، خاصة وأنها أقرب المساحات المفتوحة لباحات المسجد الأقصى المبارك، وتؤدي إلى أحد أبراج سور القدس وبلدتها القديمة والمعروف ببرج اللقلق، والملحق به غرفتان كبيرتان.

‪لم يمنع كبر سن النمري خوض صراع طويل لاسترجاع أرضه‬ لم يمنع كبر سن النمري خوض صراع طويل لاسترجاع أرضه (الجزيرة)
‪لم يمنع كبر سن النمري خوض صراع طويل لاسترجاع أرضه‬ لم يمنع كبر سن النمري خوض صراع طويل لاسترجاع أرضه (الجزيرة)

ويبدو النمري غير مقتنع برواية بلدية الاحتلال برغبتها تحويل الأرض لحديقة عامة، فهو يرى أن هدف مصادرتها كان يرمي لتحويل الغرفتين إلى مقر شرطي خاصة وأن البلدية وبعد خسارتها للقضية قد أغلقتهما ومنعت الاستفادة منهما.

وقد تمخضت جهود النمري وجمعية برج اللقلق عن إثبات ملكية الأرض التي ربما كانت ستحول يوما ما لبؤرة استيطانية تضاف إلى 74 بؤرة زرعت بين المنازل الفلسطينية بالبلدة القديمة.

وبحسب المحامي مهند جبارة الموكل بملف الأرض، يعتبر تحرير الأرض النجاح الأول من نوعه والمتكامل في هذا النوع من القضايا منذ احتلال المدينة عام 1967.

ويعطي القانون الإسرائيلي -حسب جبارة- رئيس بلدية القدس صلاحية السيطرة على أي قطعة أرض تحت ذريعة استخدامها كموقف للمركبات أو بغرض التشجير وإقامة الحدائق العامة، والقانون نفسه لا يعطي الحق لمالكها الأصلي بأن يحولها بنفسه للاستخدام العام.

ويضيف جبارة أن بلدية الاحتلال اعتمدت في مصادرة الأرض على قانون أملاك الغائبين، كما تمحورت إحدى الذرائع التي تسلحت بها بعدم تمكن جمعية برج اللقلق من توفير الميزانية اللازمة لإقامة الحديقة، ليقدم لهم المحامي لاحقا المخططات وإقرارا بتوفر الميزانية. 

جانب من الحديقة داخل البلدة القديمة
جانب من الحديقة داخل البلدة القديمة

حرب ضروس
وعن إمكانية استرجاع المزيد من الأراضي التي صادرها الاحتلال بالقدس لصالح المنفعة العامة كما تدعي إسرائيل، يشير جبارة بحديثه للجزيرة نت إلى أن الأمر يحتاج أولا نفسا طويلا لخوض "حرب ضروس" مع الاحتلال مبنية على قاعدة قانونية سليمة، إلى جانب التوعية والتثقيف وتوفر الميزانيات والمخططات الهندسية اللازمة.

و"الأميم" مكان لتسخين المياه في حمام "ستنا مريم" الذي تقع الحديقة فوقه وسميت على اسمه، وستخدم الحديقة أهالي البلدة القديمة، وبالأخص 12 ألف مقدسي يسكنون حي "باب حطة" الملاصق للحديقة والذي يعتبر أفقر حارات البلدة القديمة.

ومن لحظة افتتاح الحديقة، أعلن مالك الأرض (النمري) عن رغبته بتحويلها لوقف إسلامي بهدف حمايتها من المصادرة المستقبلية، وهو المهجر من حي "النمامرة" بالشق الغربي من المدينة والذي سقط بيد الاحتلال عام 1948، وعلى مدار سبعين عاما لم يتوقف عن محاولات إثبات ملكية عائلته لحي كامل يسكنه أثرياء دولة الاحتلال.

المصدر : الجزيرة