افتتاح جسر المشاة المعلق بعد ابتلاع أراضي المقدسيين في سلوان ونهش أحلامهم

الجسر المعلق كما سيبدو عليه بعد الانتهاء من العمل به(الصورة نشرتها الشركة المنفذة وليست خاصة بنا)
صورة نشرتها الشركة المنفذة لمشروع الجسر وطوله 240 مترا جنوب غرب المسجد الأقصى

القدس- افتتحت سلطات الاحتلال جسر المشاة المعلق الذي يربط بين الجهة الجنوبية لوادي الربابة في بلدة سلوان والجهة الشمالية لجبل صهيون غربي سور القدس التاريخي، كما يؤدي الجسر بشكل مباشر إلى البؤرة الاستيطانية "بيت باجاي" في حي الثوري، والتي تتبع لجميعة "إلعاد" الاستيطانية.

ويعد الجسر الجديد جزءا من مشروع توراتي ضخم يحيط بالبلدة القديمة وتروج له بلدية الاحتلال باستمرار، وهو واحد من 10 مشاريع استيطانية يستهدف بها الاحتلال بلدة سلوان المجاورة للمسجد الأقصى.

ويبلغ طول الجسر المعلق الذي تدّعي سلطات الاحتلال أنه سياحي نحو 240 مترا، وارتفاعه 30 مترا، ويبدأ من حي الثوري مرورا بأراضي المواطنين في حي وادي الربابة وصولا لمنطقة وقف آل الدجاني جنوب غرب المسجد الأقصى.

‪عمر سمرين ينظر لمساحات الأراضي الواسعة التي سيستكمل تهويدها بتدشين الجسر المعلق‬  (الجزيرة)
‪عمر سمرين ينظر لمساحات الأراضي الواسعة التي سيستكمل تهويدها بتدشين الجسر المعلق‬  (الجزيرة)

مسارات توراتية
ويعد الجسر جزءا من مشروع تهويدي في المنطقة بدأ بزراعة قبور وهمية في وادي الربابة وإطلاق اسم "مقبرة سمبوسكي" عليها بادعاء أنها مقبرة يهودية قديمة، وفُتحت مسارات سير تصل بين البلدة القديمة بالقدس والحي ليتم وصلها بمسارات أخرى ستقام مستقبلا، بالإضافة لإقامة متنزه سياحي ومسارات توراتية، وتصل تكلفة المشروع التهويدي بأكمله إلى ستة ملايين شيكل (نحو 1.8 مليون دولار أميركي)، بمبادرة وتمويل ما تسمى بـ "دائرة أراضي إسرائيل" و"صندوق المساحات المفتوحة".

وعلى مدى 5 عقود، واظب المقدسي عمر سمرين -قبل وفاته- على العناية بأراضي عائلته الواقعة في حي وادي الربابة جنوب المسجد الأقصى في القدس المحتلة، متحديا مضايقات وأذرع الاحتلال المختلفة له بادعاء أنها تقع في ما يسمى الحوض المقدس التابع للهيكل المزعوم.

مشاهد الانتهاكات اليومية سيطرت على تفكيره، لكنها لم تشوّه أرشيف حي وادي الربابة الذي حرص على حفره بذاكرته، فهو الذي ترعرع مع أبناء جيله بين أشجار الزيتون، وكان يلهو معهم ساعات بل أياما وسنوات في ربوعه. وبعد احتلال المدينة عام 1967 بدأ الاحتلال تدريجيا بتغيير معالم الحي وصولا لوضع اليد على معظم أراضيه ومنع أصحابها من التصرف فيها.

اشتداد الخناق على ما تبقى من أشجار الزيتون الصامدة بوجه التهويد التي تملكها عائلة سمرين، لم يمنع عمر من التردد على الأرض حتى وافته المنية، لكنه مُنع دائما من حراثتها وتنظيفها.

ولم تثنه المضايقات عن شراء أحجار كبيرة لبناء جدران استنادية، لأن الأرض منحدرة، لكنه كان يتفاجأ دائما بوصول الشرطة وسلطتي الآثار والطبيعة وطواقم البلدية والجيش؛ للاعتداء عليه وطرده من الأرض.

ورجّح المقدسي سمرين أنه بمجرد وضع اللمسات الأخيرة على الجسر التهويدي الجديد، سينهي الاحتلال وجود الحجر والشجر والإنسان الفلسطيني في حي وادي الربابة، فهو يعمل بكل ما أوتي من قوة على طرده من المنازل لم تعد تصلح للعيش.

جرافة تابعة لبلدية الاحتلال مستمرة بأعمال الحفر لليوم السادس على التوالي بحي وادي الربابة في مكان انطلاق الجسر المعلق (الجزيرة)
جرافة تابعة لبلدية الاحتلال مستمرة بأعمال الحفر لليوم السادس على التوالي بحي وادي الربابة في مكان انطلاق الجسر المعلق (الجزيرة)

ألم عميق
وصف أحمد سمرين الألم الذي يشعر به عندما ينظر هو الآخر إلى أرضه المسلوبة بأنه ألم عميق، فبالرغم من أنه يقارع سلطات الاحتلال منذ 22 عاما للحصول على رخصة لمنزله خوفا من هدمه، وأنه دفع مبلغ 125 ألف شيكل (نحو 37 ألف دولار أميركي) مخالفات، فإنه لم يحصل على الترخيص بعد.

رئيس لجنة حي وادي الربابة عبد الكريم أبو سنينة أوضح أن الأراضي التي حفر الاحتلال فيها أساسات الجسر المعلق، هي أراض خاصة تعود لعدة عائلات.

وأضاف في حديثه للجزيرة نت أن كل الإجراءات التي مارسها الاحتلال في حي وادي الربابة لم تنل من عزيمة سكانه، لكنه استهجن عدم التفات السلطة الفلسطينية يوما لمعاناة الأهالي في الحي، مؤكدا أن قيمة اهتمامها بهم تساوي صفرا.

ويعد وادي الربابة أحد أحياء بلدة سلوان الواقعة إلى الجنوب من المسجد الأقصى، ويتربع الوادي على مساحة تبلغ نحو 210 دونمات، يعيش فيها 800 مقدسي في ظروف قاسية، سببها مضايقات أذرع الاحتلال المختلفة سعيا لطردهم من أراضيهم.

المصدر : الجزيرة