"نور الدين محمود زنكي".. برنامج أكاديمي للعلوم المقدسية

احدى المحاضرات في برنامج نور الدين محمود زنكي للعلوم المقدسية إسطنبول
يمنح المتخرجون من برنامج "نور الدين محمود زنكي للعلوم المقدسية" شهادات تؤهلهم لتدريس العلوم المقدسية (الجزيرة)
خليل مبروك-إسطنبول

يمضي اليمني أصيل القاضي أيام دراسته الأخيرة في شؤون القدس التي أوشك على استكمال كافة متطلبات التخرج فيها من برنامج "نور الدين محمود زنكي للعلوم المقدسية" الذي أطلقته لجنة القدس بالاتحاد العالمي لعلماء المسلمين قبل عامين.

يقيم القاضي بمدينة إسطنبول التركية، حيث يدرس الماجستير في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، لكن شغفه بتوسيع معرفته عن القدس والتعمق فيها قاده للتسجيل في البرنامج من خلال جمعية "إرادة العالمية للشباب" الناشطة في تركيا.

ويضع طبيعة البرنامج كأول دافع حفزه للالتحاق بالبرنامج المقدسي، موضحا أن البرنامج يثري معارف الشباب في العالم الإسلامي ويرفع وعيهم حول قضية القدس بتخصصية عالية ومن كافة الزوايا كالتاريخ والسياسة والشريعة وغيرها.

وأشار للجزيرة نت إلى أن الشباب العربي يقبلون على الالتحاق بالبرنامج لأن موضوع القدس والأقصى همّ مشترك لهم جميعا، يتفقون عليه وإن اختلفوا على قضايا كثيرة أخرى من قُطر لقطر أو حتى داخل البلد العربي الواحد.

رافعة معرفية
ولفت الشاب إلى أن البرنامج رفع من معرفته بتاريخ المدينة المقدسة وخصائصها وما فيها من تراث عربي وإسلامي ديني وتاريخي وحضاري ومعالم تمثل جزءا من تاريخ الإسلام وشريعته إضافة إلى ما تعرف عليه من معلومات حول فضائل المسجد الأقصى
.

القاضي: القدس والمسجد الأقصى قضية إجماع لدى الشباب العربي
القاضي: القدس والمسجد الأقصى قضية إجماع لدى الشباب العربي

يشمل برنامج "نور الدين محمود زنكي للعلوم المقدسية" تعليم منهاج أكاديمي معرفي عن القدس، ودورات في تطوير الذات والتواصل مع الجمهور والإلقاء ولغة الجسد، إضافة إلى الانخراط في أنشطة فنية وثقافية حول القدس، والاحتكاك بشخصيات مقدسية ومتخصصة من العاملين في قضية القدس.

ويُمنح المتخرجون من البرنامج بعد إتمام دراستهم شهادات معتمدة من الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين تؤهلهم لتدريس العلوم المقدسية.

وقال سمير سعيد رئيس قسم التدريب في لجنة القدس بالاتحاد الذي أطلق البرنامج إن من أهدافه التركيز على "العلوم" المقدسية وليس على "المعارف" التي كانت أغلب البرامج السابقة تتعرض لها، بهدف تمكين العلماء أولا ثم الشعوب المسلمة في جانبي التوعية والمعرفة بأمور القدس.

وأوضح الباحث والأكاديمي الفلسطيني المتخصص بشؤون القدس أن اسم البرنامج تم اختياره محاكاة للمرحلة الزمنية التي سبقت تحرير القدس على يد الفاتح صلاح الدين الأيوبي، قائلا إن عصر نور الدين زنكي اتسم بالإعداد والتكوين والتأطير المعرفي الذي سمح بوجود بيئة مهيئة للفتح بعد ذلك، وهو ما ينطبق على المرحلة الزمنية الحالية التي تتطلب تكوين بيئة "الفتح والتحرير".

وأشار -في حديثه للجزيرة نت- إلى أن البرنامج يستثمر جوانب القوة المعرفية عبر التوجه للأمة والوعاظ الذين ينشرون المعرفة عن المنابر ودروس العلم، ومن خلال الأطر والمؤسسات المهتمة بالموضوع المقدسي.

وقال سعيد إن برنامج نور الدين زنكي يعتمد المصادر العلمية والمراجع البحثية المحكمة، ولا يتخرج الدارس فيه قبل إعداد بحث علمي يؤهله ليصبح من المتمكنين في العلوم المقدسية.

كما بين أن البرنامج يعمل بشكل سلسلة متفرعة يتحول الدارس فيها إلى معلم، مستشهدا بتجربته في الأردن حيث تحول 80% من المشاركين بالبرنامج الذي امتد لعشرة شهور إلى مقدمين له فانبثق عنه برنامج "صلاح الدين الأيوبي" للذكور وبرنامج "على خطى ميمونة" للفتيات بين أعمار 13-18 عاما.

سعيد: المرحلة الحالية تشبه مرحلة نور الدين زنكي من حيث الإعداد المعرفي والتأطير لخلق البيئة التي تسبق فتح القدس
سعيد: المرحلة الحالية تشبه مرحلة نور الدين زنكي من حيث الإعداد المعرفي والتأطير لخلق البيئة التي تسبق فتح القدس

تحديات وآفاق
واعتبر سعيد توزع المحاضرين في البرنامج بين بلدان متعددة وعدم توفر المادة العلمية في بعض الأحيان من الصعوبات التي تواجه البرنامج الذي انطلق في الأردن وتركيا والجزائر والسودان، متوقعا أن يبدأ نشاطه قريبا في بلدان أخرى مثل ماليزيا وإندونيسيا.

وعن فرص تحول البرنامج إلى حقل أكاديمي معترف به بين الدراسات الإنسانية، أكد الأكاديمي الفلسطيني أن الاتحاد العالمي للعلماء كان يعمل على إنشاء مراكز متخصصة في دراسات القدس ببعض جامعات العالم الإسلامي مثل جامعة صباح الدين زعيم في تركيا وجامعات أخرى في اليمن.

وأشار رئيس قسم التدريب في لجنة القدس إلى أن تلك المراكز كانت تقدم دراسات متكاملة حول القدس بالفروع الأكاديمية المختلفة كالعلوم والهندسة والتاريخ والعلاقات الدولية وغيرها.

ولفت إلى أن الاتحاد يقوم الآن بالتعاون مع معاهد المعارف المقدسية ويوفر المادة العلمية والمحاضرين بهذا الجانب في بعض الجامعات باليمن والسودان والجزائر، كما يقدم ذات الخدمة التعليمية لأي مؤسسة رسمية تحتاج لذلك.

المصدر : الجزيرة