فندقان بصفقة تسريب أراضي باب الخليل بالقدس

تستأجر عائلة قرش المقدسية فندق البتراء في القدس منذ ستينيات القرن الماضي، والموقع الإستراتيجي للفندق المكون من أربع طبقات ما يجعله مطلا على ميدان عمر بن الخطاب من الجنوب، أما الشرفات الشرقية فهي مطلة على كامل البلدة القديمة والمسجد الأقصى.
وغير بعيد عن فندق البتراء يقع فندق الإمبريال، ويتكون من طبقتين وهو الأقرب إلى باب الخليل، وتستأجره عائلة الدجاني منذ العام 1949.
وكان فندقا البتراء والإمبريال جزءا من صفقة تم بموجبها تسريب أراض وعقارات لجمعيات استيطانية من قبل بطريرك الروم الأرثوذكس السابق إيرنيوس، وهي الصفقة التي أقرها قضاء الاحتلال مؤخرا.
ويقول حازم سعيد -المدير المشرف على فندق البتراء المتهالك والذي تمنع سلطات الاحتلال ترميمه بأمر من المحكمة- إن إدارة الفندق لم تستلم حتى اليوم أية أوامر بالإخلاء، لكنهم يتابعون مجريات المحكمة. في حين يؤكد مدير فندق الإمبريال وليد الدجاني أنهم لم يتسلموا قرارا بالإخلاء بعد لكنهم يتوقعون ذلك بأية لحظة.
صفقة وتسريب
وتعود القضية إلى عام 2005 حين أعلن عن صفقة بيع عقارات تابعة لبطريركية الروم الأرثوذكس بالبلدة القديمة بالقدس لثلاث شركات إسرائيلية تعمل لصالح جمعية عطيرت كوهنيم الاستيطانية، وهي صفقة بدأت تتكشف أوراقها تباعا.
وتتضمن الصفقة تأجير فندقي البتراء والإمبريال في ميدان عمر بن الخطاب عند باب الخليل، وما يعرف ببيت المعظمية في حي باب حطة بالبلدة القديمة لمدة 99 عاما، وتشمل الصفقة 22 محلا تجاريا تقع في نفس مباني الفنادق وتشرف على ميدان عمر بن الخطاب.

وأدت الصفقة في حينه إلى تنحي بطريرك الروم الأرثوذكس السابق إيرنيوس بعد اتهامه بتهريب مستندات وأوراق رسمية من خزينة البطريركية تتعلق بإدانته بصفقات بيع لجهات إسرائيلية.
واتضح لاحقا أن البطريرك إيرنيوس أبرم صفقة باب الخليل لكنه لم يقبض ثمنها، وأن خليفته ثيوفيلوس الثالث وقعها وقبض الثمن وهو الذي عُول عليه بإبطالها.
وفي مطلع أغسطس/آب الجاري، أقرت محكمة الاحتلال المركزية قبول دعوى جمعية عطيرت كوهنيم الاستيطانية وإقرار صفقة البيع، ورفض ادعاءات بطريركية الروم الأرثوذكس بأحقيتها بالعقارات.
ودفع هذا القرار اللجنة الرئاسية العليا لشؤون الكنائس في فلسطين إلى عقد اجتماع طارئ الأربعاء الماضي، أكدت فيه أن قرار المحكمة الإسرائيلية سياسي بامتياز، مشيرة إلى تجاهل القرار لأساليب الغش والرشوة التي استخدمها المستوطنون وأحد المتعاونين معهم من داخل البطريركية لتمرير الصفقة.
ووفق رئيس اللجنة الرئاسية العليا لشؤون الكنائس في فلسطين حنا عميرة، فإن محكمة الاحتلال لم تقبل بادعاء البطريركية ببطلان الصفقة، واعتبرت ما حسبته البطريركية رشوة، تبرعا من الجمعية الاستيطانية للمتعاون معها بصفته وكيلا للبطريركية.
ووفقا لعميرة، فإن البطريركية تحاول إبطال الصفقة من خلال استغلال ثغرات قانونية تثبت التلاعب في ملف القضية، من بينها أن المستأجرين للفنادق والمحال التجارية محميون، وبإمكانهم إثبات أحقيتهم بالعقارات خاصة إذا كانوا قد دفعوا استغناء مدفوعا (خلو رجل).

منفعة وسعر بخس
ومن بين الثغرات أيضا، شبهة تعاون وكيل البطريركية مع المستوطنين تحقيقا لمنفعة شخصية وإقراره بذلك، ومطاردته من قبل الشرطة الدولية "الإنتربول" لاتهامه بالعديد من القضايا. وقد صدرت عدة أحكام بحقه من قبل السلطات اليونانية.
ووفقا لما ورد بقرار المحكمة الإسرائيلية والذي اطلعت عليه الجزيرة من خلال أليف صباغ الباحث المتخصص في تاريخ أوقاف الكنيسة الأرثوذكسية وأوقافها، فإن العقارات الثلاثة التي تشملها الصفقة بيعت مجتمعة بسعر بخس قدره مليون و805 آلاف دولار أميركي فقط.
وكما ورد بالقرار، فإن البطريرك إيرنيوس تقدم في مايو/أيار 2005 بقضية لإبطال الصفقة، لكن تم محوها من المحكمة بعد تنحيته، كما تم في يناير/كانون الثاني 2010 إخراج المستأجرين للعقارات من الدعوى، الأمر الذي يصفه صباغ بالخطير.
ولا تعتبر صفقة باب الخليل الوحيدة المشبوهة للبطريرك ثيوفيلوس، فاسمه يرتبط بعدة صفقات بيع وتسريب لعقارات وأراض لصالح الاحتلال كان آخرها صفقة شملت بيع خمسمئة دونم من أراضي عدد من الأحياء الفلسطينية غربي المدينة المحتلة.