الأقصى بعد الاقتحام.. لمن الكلمة؟

أسيل جندي-القدس

ينبع رفض عشرات الفلسطينيين دخول المسجد الأقصى صباح اليوم عبر بوابات إلكترونية استحدثها الاحتلال، من قلقهم من تغيير الوضع القائم في المسجد وبالتالي السيادة عليه وحرية دخوله والصلاة فيه.

فبعد يومين من إغلاق المسجد ومنع الأذان فيه إثر اشتباك استشهد فيه ثلاثة فلسطينيين وقتل فيه جنديان إسرائيليان، وجد الفلسطينيون أنفسهم أمام بوابات لكشف المعادن وعملية تدقيق شديدة في هويات المارة، وهو ما رأى فيه مسؤولون تدخلا في شؤون المسجد الواقع تحت الوصاية الأردنية.

واعتبر مدير المسجد الأقصى المبارك عمر الكسواني أن ما جرى في الأقصى "هو تغيير للمعالم"، ورفض استلام المسجد بهذا الشكل، وقال "نريد العودة للمسجد كما خرجنا منه، لن نسمح بأن يُسجل علينا تاريخيا أننا وافقنا على الدخول للأقصى بعد العبث به".

قراءة معمقة
وكانت هيئات فلسطينية في القدس عبرت عن خشيتها مما يحدث داخل الأقصى، وتحديدا تفعيل فكرة التقسيم المكاني وتركيب آلات تجسس وتصوير داخل أروقته.

من جهته دعا مدير التعليم والتأهيل في المسجد الأقصى المبارك ناجح بكيرات إلى النظر لما يجري في المسجد الأقصى بعمق أكبر، من خلال الاقتناع بأن الاحتلال ليس بحاجة لسرقة الوثائق بقدر حاجته لدراسة جزئيات المسجد الأقصى بعمق من فوق الأرض وليس من أسفلها فقط.

وأوضح  أن الاحتلال مهتم حاليا برسم مسارات جديدة لاقتحامات المستوطنين للمسجد، مؤكدا أن شرطة الاحتلال تهدف من خلال التفتيش الدقيق لهذا المسجد إلى تسهيل الجولات الاقتحامية المستقبلية، وربط تفاصيل معالم الأقصى الموجودة فوق الأرض وتحته بالحفريات.

وأردف أن "الدخول إلى آبار الأقصى بمعدات التصوير ورصدها بشكل دقيق له ارتباط خارجي بالحفريات ومستقبل الممرات والأنفاق. إن إعداد هذه الخطة التصويرية لكل أجزاء الأقصى تندرج في إطار دراسة خطيرة لمشروع إستراتيجي هو إقامة الهيكل المزعوم على أنقاض المسجد الأقصى، وهكذا يجب أن ننظر لما يحدث بالمسجد".

وتطرق بكيرات إلى أن إعلان الاحتلال عن تركيب كاميرات رصد لما يجري في الأقصى وأجهزة لكشف المعادن، إنما هو "مجرد هدف صغير له، مقابل اهتمامه الكبير بضرورة معرفة طبيعة المسجد وكيفية التعامل مع هذه البقعة التي أشغلت العالم على مدار نصف قرن، وكيفية وضع خطة جديدة لهذا المكان وما إذا كان سيناريو الحرم الإبراهيمي يتلاءم مع الوضع في الأقصى"، معتبرا ما سبق "تخوفات كبيرة لا بد من إدراكها".

الاحتلال اقتحم مرافق المسجد الأقصى طوال إغلاقه على مدى يومين (الجزيرة)
الاحتلال اقتحم مرافق المسجد الأقصى طوال إغلاقه على مدى يومين (الجزيرة)

مستقبل صعب
ويرى مراقبون أن دولة الاحتلال تجاوزت كل الخطوط الحمر في عبثها بالمسجد الأقصى ومحتوياته والسيادة عليه منذ صباح يوم الجمعة وعلى مدار يومين متتاليين، مؤكدين أن ذلك يندرج في إطار تغيير الوضع القائم في المسجد والعبث بالسيادة والوصاية الأردنية عليه.

ومن وجهة نظر وزارة الأوقاف الإسلامية التي تمثل الأردن، فإن "الوضع القائم" هو ما كان عليه منذ العهد العثماني وحتى الاحتلال عام 1967، وتوّج باتفاقية -مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس عام 2014- تمنح الأردن الوصاية على المقدسات. في حين أن الوضع القائم بالنسبة للاحتلال هو استمرار كافة إجراءاته المستحدثة، واستمرار اقتحام المستوطنين والشرطة والقيود على المصلين التي بدأت عام 2000.

وفي ظل كل هذه المعطيات، يبقى مستقبل المدينة المقدسة الشغل الشاغل للفلسطينيين، خاصة مع تشكيل "اللوبي الإسرائيلي من أجل تغيير الوضع القائم في الأقصى" مؤخرا في الكنيست، والذي يضم في عضويته عددا من الوزراء وأعضاء الكنيست من الحزب الحاكم ممن انضموا لهذا اللوبي، من بينهم رئيس الكنيست يولي إدلشتاين.

المصدر : الجزيرة