حملة في أوروبا.. القدس عاصمة فلسطين

القدس عاصمة فلسطين

أمرٌ يبعث على التفاؤل والأمل أن تقوم مؤسسة إعلامية في أوروبا بحملة من أجل القدس وحمايتها تحت شعار "القدس عاصمة فلسطين".

فالجهد الذي تبذله وتعد لتوسيع دائرته مؤسسة "أوروبيون من أجل القدس" يُثلج الصدر ويفتح نافذة كبيرة للعمل السياسي والإعلامي على جبهة المواجهة لمخططات الاحتلال الرامية إلى تهويد مدينة القدس وتوحيدها بشطريها تحت زعم أنها العاصمة الأبدية للكيان الصهيوني.

هذا الكيان الدخيل الذي تم زرعُه وتثبيت جذوره وأوتاده بطريقة استعمارية بدأت بوعد بلفور اللعين وانتهت حتى الآن بزيارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب الذي جاء ليشد على يد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ويطمئنه بإطالة أمر الاحتلال والاستيطان إلى وقت مجهول لا يعلمه إلا الله سبحانه، ولا يعلمه أحد من العرب النائمين على جراحهم والحالمين بحلٍ سحري للقضية الفلسطينية.

الحملة الإعلامية التي أعدت لها مؤسسة "أوروبيون من أجل القدس" العدة ووسائل التنفيذ، تفتح بابا للعمل التوعوي المجدي والخلاق في الساحة الأوروبية الواسعة، ليشمل هذا العمل الجاد القارة الأوروبية بأسرها

إن الحملة الإعلامية التي أعدت لها مؤسسة "أوروبيون من أجل القدس" العدة ووسائل التنفيذ تفتح بابا للعمل التوعوي المجدي والخلاق في الساحة الأوروبية الواسعة، ليشمل هذا العمل الجاد القارة الأوروبية بأسرها. ولا شك أنه سينضم إليه أوروبيون أحرار كثر سيتطوعون من أجل الدفاع عن القدس ومكانتها الإسلامية والمسيحية.

هذه المكانة المقدسة التي يحاول أن يطمسها ويشوه ملامحها الاحتلال بسياسته العنصرية التي تهدف إلى تهويد المدينة وتجريدها من طابعها الاسلامي- المسيحي، لتصبح مدينة يهودية تنسجم مع مصطلح "يهودية الدولة" الذي تعمل حكومة نتنياهو على تحقيقه بكل السبل.

هناك العديد من رجال الفكر والإعلام والسياسة الأوروبيين لا تنطلي عليهم اللعبة الصهيونية الإعلامية ودعاية الاحتلال الصهيوني المضللة، ومن منطلق معرفتهم بحقيقة الوضع المؤلم في فلسطين سيكونون مستعدين للانضمام إلى هذه الحملة.

وهذا بحد ذاته إنجاز إعلامي وسياسي سيتحقق على جبهة مواجهة الحقائق الفاضحة للأكاذيب الملفقة، التي لا يكف الغاصب المحتل عن ترويجها وتسويقها بالمجان في شرق العالم المعاصر وغربه.

القدس عاصمة فلسطين.. إنها حملة ضرورية وبالغة الأهمية وأكثر قدرةً على المواجهة التاريخية، وأكثر جدوى من الاحتفالات والمهرجانات التي نقيمها سنويًا باسم يوم القدس، والتي لا نقنع بها أحدًا في هذا العالم.

إن من حق كل صاحب غيرة على القدس ومصيرها ووضعها الخطر والمؤلم أن يتساءل من باب التفاؤل والاستبشار: لماذا تكون هذه الحملة المبشرة مقصورةً على الأوروبيين والقارة الأوروبية فحسب؟

لماذا لا تنتبه كل المؤسسات والجمعيات المقامة في كل دول العالم من أجل القدس والدفاع عنها إلى هذه البادرة الخيرة فتبادر إلى التنسيق مع "مؤسسة أوروبيون من أجل القدس" لتؤازر وتساند هذا التوجه الحيوي الفاعل فتقوم بحملات مشابهة هنا وهناك؟

لماذا لا نعمل جميعا تحت شعار "القدس عاصمة فلسطين" كجماعات يجري التنسيق بينها في إطار حركة عربية عالمية تفضح كل الممارسات الصهيونية البشعة التي تتعرض لها المدينة المقدسة، وترفع إدانة عالمية ودولية لإجراءات التهويد والاستيطان وهدم المنازل العربية ومحاولات تفريغ المدينة من سكانها الأصليين لتصبح مدينة يهودية.

اليهود الصهاينة يحتفلون بالقدس عاصمة أبدية لهم ويعلنون على الملأ أن القدس لهم ويقتحمون المسجد الأقصى المبارك بشكل يومي أو شبه يومي، ويعلمون أبناءهم في المدارس وفي مزارع "الكيبوتس" و"الموشاف" أنها عاصمتهم الأبدية، وأن فلسطين كلها أرض الميعاد لهم.

وهم قبل الاحتلال وبعده يقولون لهم: "إذا مت أنت اليهودي في أرض غير أرض الميعاد فعليك أن تحفر بأظافرك وأسنانك دربا يوصلك إليها"، هذا ما يفعله ويقوله صهاينة اليهود ومتطرفوهم، فماذا نحن قائلون؟

يجب أن نرسخ في العقول العربية وفي عقل العالم الحر مقولة "القدس عاصمة فلسطين"، وأن نجعل من هذا الشعار رافعةً دائمة على جبهة الدفاع عن القدس والذود عن عروبتها وتاريخها العربي الأصيل

يجب أن نرسخ في العقول العربية وفي عقل العالم الحر مقولة "القدس عاصمة فلسطين"، وأن نجعل من هذا الشعار رافعةً دائمة على جبهة الدفاع عن القدس والذود عن عروبتها وتاريخها العربي الأصيل.

هم يقولون "شلت يميني إن نسيتك يا أورشليم"، لماذا في المقابل لا نقولها على سبيل المثال ونلقنها لكل عربي صغيرًا كان أم كبيرًا "لا كُنتُ يا قدس إن كُنْت أنساك؟".

نعود إلى الحملة الأوروبية "القدس عاصمة فلسطين" لنطالب بأن تكون هذه الحملة الرائعة حملة شاملة لا تقتصر على القارة الأوروبية، وإنما تشمل القارات الخمس، فلنجند لهذه الحملة الشجاعة كل طاقات المؤسسات والجمعيات والمنتديات المسماة باسم القدس والتي أقيمت أصلًا لتعمل من أجلها ومن أجل إنقاذها والدفاع عنها على أوسع نطاق.

كفى تحدثا مع أنفسنا عن حقوقنا في القدس وفلسطين، ولنذهب إلى غيرنا نحدثه ونقنعه ونكشف له الحقيقة المرَّة التي يحاول المحتل طمسها أو التعتيم عليها باللون الأسود للدعاية الكاذبة والمفبركة.

إلى متى يظل الاعلام العربي يتحدث في غرف ضيقة ومغلقة دون أن يفتح الشبابيك والأبواب على العالم.. هذا العالم الذي تغزوه الدعاية الصهيونية الملفقة والمضللة ويجتاحه الإعلام الصهيوني الذي يصور الحروب الإسرائيلية التي شنّها الصهاينة على العرب بأنها حروب استقلال ودفاع عن النفس، كما يصور الاحتلال على أنه أقرب وسيلة لاستعادة أرض الميعاد وأسهل طريقة لإقامة إسرائيل الكبرى إذا ما أضيف لهذا الاحتلال العسكري البغيض احتلالات جديدة.

إنهم يقولون للعالم بأن القدس الموحدة أصبحت عاصمة أبديّة لهم، فلنتوجه إلى العالم لنقول بأن القدس عاصمة فلسطين إلى الأبد، متخذين من حملة "أوروبيون من أجل القدس" خطوة أولى وكبيرة على هذا الطريق الذي لا بد لنا أن نسلكه دون تردد أو تأخير.

المصدر : الجزيرة