أبو خليفة: بعنا ذهب النساء للقتال في النكبة

القدس.فلسطين.الحاج فوزي أبو خليفة من قرية الولجة.هبة أصلان.الجزيرة نت (1)

هبة أصلان-القدس

بدأت رحلة التهجير الأولى للحاج فوزي أبو خليفة من قرية الولجة جنوب غرب القدس، لتنتهي به في حارة الشرف بالبلدة القديمة، لكنه لم يكن التهجير الأخير لأناس ظنوا أن مدة الأسبوعين التي سيرجعون بعدها إلى قريتهم لن تطول.

في مايو/أيار 1948 ترك أهالي الولجة قريتهم وكان عددهم حينها 1997 نسمة، وغادروا قبل دخول العصابات اليهودية إليها، بعدما علموا بوصولها منطقة "شرفة عين كارم" القريبة، وبعد القصف الكثيف للمدفعية.

"استمر القصف حوالي 24 ساعة، بدأ ظهرا وانتهى ظهر اليوم الثاني، ليسقط عشرة شهداء بعد أن رفض المخاتير الأربعة الذين يمثلون حمائل القرية قبول الهدنة" يقول الحاج فوزي (82 عاما).

كان أهالي القرية مستعدين لمواجهة اليهود بدعم من الجيشين المصري والليبي، فقاعدة الجيش العربي التي كان يترأسها القائد "زغلول" كما يستذكر الحاج فوزي كانت بالمنطقة المعروفة اليوم باسم "راس بيت جالا" بالقرب من محطة الشرق الأدنى التي كانوا يستمعون لها لمعرفة أخبار الحرب، بالإضافة إلى صحيفتي فلسطين والدفاع.

أسلحة فاسدة
يقول الحاج فوزي إن الولجة كانت من أواخر القرى التي هجر أهلها، فكان لديهم أسلحة وبارود، وحفر السكان خنادق حول القرية "وكنا ننتظر عودة عبد القادر الحسيني بعد أن ذهب لإحضار مزيد من الأسلحة من العرب الذين خذلوه وباعوه أسلحة فاسدة
".

يفتخر الرجل الثمانيني -وهو من سكان مخيم شعفاط حاليا- كونه ساعد المقاتلين بنقل الأسلحة على الدواب من مدينة بيت جالا، وأرسلها إلى الولجة لمساندة أهلها وأهالي القرى المحيطة في قتالهم لليهود ومنها قريتا عين كارم والقطمون.

قبل الحرب، اشترى المسلحون -وعددهم حوالي مئة- بنادق بعد أن باعوا ما لدى زوجاتهم من ذهب فـ "كان مشط البارود بخمسة جنيهات فلسطينية، وكانت بريطانيا تعدم من بحوزته قطعة سلاح".

لكن بعد الحرب، تغير كل شيء، يقول الحاج فوزي "باع أهالي الولجة البنادق ليشتروا ما يأكلونه، بعد أن كانت القرية توزع الخضار لكل منطقة يافا".

بعد الولجة، انتقل الحاج فوزي وأهالي القرية إلى "أرض الولجة" القريبة، فالجميع كان على يقين بتحقق العودة إلى بيوتهم التي تركوها حاملين معهم ملابسهم وبعض الأغطية فقط، وبعدها حطوا الرحال في بيت جالا حيث مكثوا شهرين.

ومن بيت جالا، وعبر طريق دير "مار سابا" المؤدي للقدس، توجهت عائلة اللاجئ إلى قرية "بيتين" بالقرب من رام الله، حيث أهل جدته لأمه، وعام 1950 انتقلوا للعيش في البلدة القديمة بالقدس.

هكذا -كغيره ممن استقروا في حارة الشرف- تجدد سيناريو اللجوء بعد طرد اليهود عام 1967 لجميع اللاجئين وهدمها، فكان لجوء ثان ذاق مرارته الحاج فوزي.

أبو خليفة فقد منزله بالنكبة واستشهد ابنه بالانتفاضة الأولى
أبو خليفة فقد منزله بالنكبة واستشهد ابنه بالانتفاضة الأولى

شهيد الانتفاضة
مرت السنوات، ووصل الفلسطينيون إلى مفترق جديد في مسيرة نضالهم، فكانت الانتفاضة الأولى التي فقد فيها الحاج فوزي ابنه "محمود" بعمر 18 عاما، إذ ارتقى بالقرب من مخيم شعفاط خلال إحدى المظاهرات التي خرجت ليلا
.

يشير أبو خليفة إلى صورة "محمود" المعلقة على أحد جدران المنزل، وإلى الدروع التي كرم بها كونه والد أول شهيد في المخيم.

وإن قست الحياة على الحاج فوزي وتعددت مرات اللجوء والترحال، فأحلامه بالعودة وتحرر فلسطين لم تندثر، خاصة وأنه بقي يتردد على الولجة بعد الرحيل عنها ليقلم أغصان شجر العنب، وبقي على هذه الحال حتى عام 1953 بعد أن دخلها اليهود وفجروا جميع البيوت بالألغام.

المصدر : الجزيرة