مئات المقدسيين مهددون بالتشريد لإقامة شارع استيطاني

أسيل جندي–القدس

يعيش نحو خمسمئة مقدسي في بلدة جبل المكبر بالقدس حالة من الترقب والقلق الدائمين، بعد بدء سلطات الاحتلال الإسرائيلية أعمال الحفريات لتنفيذ مشروع الشارع الأميركي الذي سُيقام على أنقاض منازلهم، ويعدّ أحد مقاطع ما يسمى شارع الطوق.

وكانت لجنة التخطيط والبناء التابعة لبلدية الاحتلال طرحت مخطط شارع الطوق بالقدس قبل عشرة أعوام، ويشمل المخطط القدس بشقيها الشرقي والغربي، ويعد المقطع الأوسط من الشارع هو الأضخم، ويمتد على طول 11.5 كيلومترا مع عرض وارتداد يصل إلى سبعين مترا.

وسيؤدي الشارع إلى مصادرة نحو 1200 دونم من أصحابها الفلسطينيين، كونه سيمر على طول أحياء: الصلعة، وجعابيص، وبشير، وشقيرات، والقنبر، وحي المدارس، وأم ليسون، وصور باهر، وجبل المكبر، بالإضافة إلى مناطق شرقي القدس كأبو ديس والسواحرة الشرقية والشيخ سعد.

‪جميع المنازل التي تظهر بالصورة من المقرر هدمها من أجل استكمال مقطع الشارع الأميركي الاستيطاني بالقدس‬  (الجزيرة)
‪جميع المنازل التي تظهر بالصورة من المقرر هدمها من أجل استكمال مقطع الشارع الأميركي الاستيطاني بالقدس‬  (الجزيرة)

شوارع عنصرية
يهدف شارع الطوق إلى ربط المستوطنات الإسرائيلية الواقعة شمال وجنوب وشرق القدس ببعضها البعض، ويمتد من مستوطنة جبل أبو غنيم جنوب القدس إلى معاليه أدوميم شرق المدينة.

وتقدم مركز عدالة الحقوقي بعدة اعتراضات باسم عشرات الفلسطينيين المتضررين من المشروع، وعن تلك الاعتراضات قالت المحامية في المركز سهاد بشارة إنه من خلال فحص مخطط مسالك شارع الطوق تبين أنه سيخدم المستوطنات الإسرائيلية والإسرائيليين فقط، ويهدف إلى تطوير وتقوية المستوطنات في منطقة شرق القدس والضفة الغربية، وربطها المباشر بشوارع القدس.

وفي المقابل، يلغي المخطط -حسب المحامية المقدسية- كافة الشوارع التي تربط الأحياء الفلسطينية المختلفة ببعضها البعض، ويحولها لجزر مفصولة جغرافيا واقتصاديا، كما يعزل المواطنين الفلسطينيين عن أراضيهم الزراعية، ويصعب إمكانية وصولهم للمدارس والمراكز الصحية، ويمس بشكل كبير حياتهم العائلية والمجتمعية.

بشير: 57 منزلا ستهدمها آليات الاحتلال لإكمال مقطع الشارع الأميركي بجبل المكبر (الجزيرة)
بشير: 57 منزلا ستهدمها آليات الاحتلال لإكمال مقطع الشارع الأميركي بجبل المكبر (الجزيرة)

ومن بين المهددين بالتشريد بسبب الشارع الأميركي -الذي بدأ تنفيذه في حي الصلعة بجبل المكبر مؤخرا- المقدسي محمد السواحرة الذي شيّد منزله عام 1994 ودفع لبلدية الاحتلال مقابل البناء غير المرخص مئة ألف شيكل (27 ألف دولار) كمخالفات حتى الآن، لكن ذلك لم يعف منزله من قرار الهدم لإنشاء الشارع الاستيطاني على أنقاضه.

وأضاف متحدثا للجزيرة نت "نعيش في حالة رعب مستمرة، تسلمتُ قبل شهر قرار هدم إداري لمنزلي ضمن الحملة الانتقامية ضد أهالي البلدة، بالإضافة إلى قرار الهدم بسبب الشارع؛ نحن نعيش في العالم الثالث، وسكان المستوطنات المقامة على أراضي جبل المكبر ينعمون برفاهية عالية كدول العالم الأول، وها هم يريدون إنشاء شارع على أنقاض منزلي لإرضائهم أيضا".

وينتظر المقدسي نبيل بشير المصير ذاته لمنزله، وتحدث عن أسلوب تمويه وخداع تنتهجه بلدية الاحتلال بالقدس؛ "فهي تروج للمشروع على أنه يخدم الفلسطينيين بالقدس الشرقية، دون التطرق لجزئية ربط مستوطنات المدينة ببعضها وضرورة هدم المنازل لإقامته".

أما أمين سر لجنة الدفاع عن أراضي جبل المكبر المحامي رائد بشير فقال إن 57 منزلا ستقدم آليات الاحتلال على هدمها لإكمال مقطع الشارع الأميركي بجبل المكبر، مبينا أن هذه المنازل تأوي نحو خمسمئة مقدسي بين أطفال وبالغين.

وقال بشير إن أهالي البلدة طالبوا بلدية الاحتلال منذ سنوات طويلة بتجديد الشارع القديم لافتقاره أدنى مقومات البنية التحتية السليمة، وذلك خدمة لهم مقابل التزامهم بدفع كافة الضرائب المفروضة عليهم.

آليات الاحتلال بدأت شق مقطع الشارع الأميركي منذ بداية العام الجاري (الجزيرة)
آليات الاحتلال بدأت شق مقطع الشارع الأميركي منذ بداية العام الجاري (الجزيرة)

هدم جماعي
وأضاف "تفاجأنا بطرح مخطط لشارع عرضه 32 مترا وارتداده 32 مترا إضافية ستسير به المركبات وسكة للقطار، على أن يتم هدم جميع المنازل القديمة والحديثة التي تعترض مسار الشارع، وردا على ذلك راسلنا البلدية مؤخرا وحصلنا بصعوبة على تمديد لأمر هدم منازلنا للسنوات الخمس القادمة، بشرط أن نتقدم كل عام بطلب لتمديد الهدم يتضمن قائمة المنازل المهددة، ولا نعلم إذا كنا فعلا سنتمكن من العيش فيها لهذه المدة".

وأعلنت البلدية أنها رصدت مبلغ ستمئة مليون شيكل لتنفيذ مقطع الشارع الأميركي وحده، وجندت الطاقات البشرية والمادية الضخمة لإنجازه، وهذا يزيد من قناعة المقدسيين بأنه شارع استيطاني بامتياز بعيد عن الصورة الخدماتية المشرقة التي تُروج لها بلدية الاحتلال لصالح الفلسطينيين بالقدس.

المصدر : الجزيرة