أول عيادة نفسية متخصصة بمستشفى مقدسي

2-الطبيب النفسي محمد الخواجا بدأ باستقبال المرضى في العيادة الخارجية للأمراض النفسية بمستشفى المقاصد بالقدس.jpg
الخواجا يشدد على أهمية معاملة الذين يعانون من الأمراض النفسية كمرضى القلب والسكري (الجزيرة)

أسيل جندي-القدس

في سابقة هي الأولى من نوعها افتتحت أول عيادة خارجية متخصصة في الأمراض النفسية بمستشفى فلسطيني عام وذلك في مستشفى المقاصد بمدينة القدس الذي بدأ باستقبال المرضى مطلع الشهر الجاري.

ويسعى القائمون على المبادرة إلى الوصول لنظام متكامل يكون فيه المرضى أعضاء أساسيين للعمل معهم ضمن فريق العناية النفسية متعددة التخصصات، بحيث تندمج هذه الرعاية مع أجندة واسعة تشمل الصحة العامة وحقوق الإنسان والتحرر الاجتماعي.

ولم يكن إنشاء العيادة عشوائيا حسب مسؤول قسم الخدمة الاجتماعية في مستشفى المقاصد أحمد جاد الله الذي قال إنها جاءت في إطار خطة تطويرية وضعتها جمعية المقاصد عام 1997 والتي بدأت بإدخال مفهوم الخدمة الاجتماعية الطبية إلى المستشفى لوجود علاقة قوية بين المرض والجوانب النفسية والاجتماعية.

حالات مستعصية
وتطور هذا الجانب بإدخال تخصص علم النفس الإكلينيكي، وتوظيف مختصة في هذا المجال بالمستشفى بهدف فهم طبيعة القلق والضغوطات والاضطرابات أو الأمراض النفسية والخلل الوظيفي الناتج عنها ومحاولة التخفيف من حدتها والتغلب عليها.

مستشفى المقاصد بدأ باستقبال المرضى في عيادة الأمراض النفسية مطلع الشهر الجاري (الجزيرة)
مستشفى المقاصد بدأ باستقبال المرضى في عيادة الأمراض النفسية مطلع الشهر الجاري (الجزيرة)

ومع ذلك لم تكتمل الرعاية النفسية في المستشفى، حيث قال جاد الله "وجدنا أن هناك حاجة ملحة لوجود طبيب نفسي بالمستشفى لمتابعة بعض الحالات النفسية المستعصية للمرضى والتي كانت بحاجة لتدخل طبيب للعلاج بالأدوية وليس اختصاصيا فقط".

وتابع "تعاملنا سابقا مع أكثر من طبيب على مبدأ الاستشارة، لكن ارتأينا مؤخرا إنشاء هذه العيادة المتخصصة بسبب ازدياد عدد الحالات التي تحتاج لتدخل من طبيب نفسي، والمتخصصون في هذا المجال قلة في فلسطين".

 وتطرق جاد الله للحالات المرضية التي يقرر فيها الأطباء ضرورة بتر أحد أعضاء المريض، مشيرا إلى عدم تقبل معظم المرضى هذا التغيير المفاجئ، ورغم عمل الاختصاصيين الاجتماعيين والنفسيين جنبا إلى جنب مع الأطباء والممرضين فإن هذه الحالات بالتحديد احتاجت إلى طبيب نفسي يتدخل لعلاج المريض عن طريق الأدوية.

بدوره، قال المشرف على العيادة الجديدة في مستشفى المقاصد الطبيب النفسي محمد الخواجا إن أهمية وجود هذه الخدمة بالمستشفى تنبع من كونه مستشفى تحويليا يقصده الفلسطينيون من كافة محافظات الضفة الغربية وقطاع غزه، وغالبا يعاني هؤلاء من حالات مرضية صعبة تحتاج إلى الرعاية النفسية بقدر ما تحتاج للرعاية الطبية المتخصصة في المرض الذي جاؤوا من أجله، لأن احتمالية ازدياد الضغوطات النفسية واردة في هذه الأمراض.

وشدد الخواجا على أهمية معاملة المرضى النفسيين كمرضى القلب والسكري والروماتيزم وغيرها من الأمراض، وعدم عزلهم في عيادات بعيدة عن بقية المرضى، خاصة في ظل تردد الكثير من هؤلاء بزيارة الطبيب النفسي.

 وأضاف الخواجا في حديثه للجزيرة نت "هناك تأخر بالوصول للطبيب في مجتمعنا، فالمعظم يأتي في مراحل متقدمة من المرض، ومن يراجع لدينا لا يقول عادة لمن حوله إنه يتوجه لطبيب نفسي، لذلك أنشأنا هذه العيادة لنزيل وصمة العار عن زيارة الطبيب النفسي من خلال دمج المرضى والعمل معهم إلى جانب العيادات الخارجية الأخرى".

الضغوطات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي يمر بها الفلسطينيون أحد مسببات الأمراض النفسية (الجزيرة)
الضغوطات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي يمر بها الفلسطينيون أحد مسببات الأمراض النفسية (الجزيرة)

تطوير منتظر
ويعكف مستشفى المقاصد حاليا على تطوير العيادة من خلال إتاحة خدمة استقبالها لمرضى القدس المؤمنين في صناديق المرضى الإسرائيلية.

وبشأن أهمية ذلك قال محمد الخواجا إنه رغم وجود الأطباء النفسيين الإسرائيليين بكثرة وتوفر إمكانية توجه المقدسيين المؤمنين لهم فإن الفروق الدينية والمعرفية والثقافية والحضارية بين الفلسطينيين والإسرائيليين تؤثر على العلاج النفسي.

وأردف أن الضغوطات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي يمر بها الفلسطينيون في حياتهم تزيد القلق والتوتر والعصبية لديهم، بالإضافة لحالة الغموض الدائمة إذ لا يعرف أي منهم ما إذا كان يومه سيسير وفقا لما خطط له، وكل هذا لن يفهمه إلا طبيب نفسي فلسطيني على دراية بتفاصيل هذه الحياة، ومن هنا يتم تطويع البرامج العلاجية بما يتناسب مع ظروف الشعب الفلسطيني.

والقلق والتوتر من أكثر أنواع الضغوطات النفسية انتشارا في فلسطين، بالإضافة لمرض الوسواس القهري والانفصام والاكتئاب الذي يعد المرض الأول عالميا من حيث التأثير على إنتاجية الإنسان.

المصدر : الجزيرة