أتراك يتحدّون الاحتلال بغرس الزيتون بالقدس

أبوديس-القدس-فلسطين- الحاج ابراهيم خليل عريقات يقطف ثمار الزيتون من أرضه في أبوديس المُطلة على قبة الصخة المشرفة - 27 أكتوبر 2016م (تصوير: عمر رجوب).
المبادرة التركية تهدف لغرس نحو عشرة آلاف شجرة زيتون بمساحة واسعة من القدس (الجزيرة)
خليل مبروك-إسطنبول

تحمل مبادرة جمعية "الشباب الواعد" الدولية في تركيا لغرس آلاف من شتلة الزيتون في القدس العديد من الرسائل التي تتحدى الاحتلال الإسرائيلي، وتعبر في ذات الوقت عن طبيعة ارتباط الشعب التركي بالقضية الفلسطينية.

وأطلقت الجمعية -ومقرها مدينة إسطنبول– مؤخرا حملة تهدف إلى غرس عشرة آلاف شجرة زيتون في القدس وأكنافها، وفتحت باب التطوع أمام الأتراك لتمويل الحملة والتبرع لها بقيمة عشرة ليرات (ثلاثة دولارات) للغرسة الواحدة.

ووفقا لـ "الشباب الواعد" الدولية فإن تعويض الرقعة الخضراء الفلسطينية عن الأضرار التي تلحقها بها ممارسات الاحتلال من أعمال تجريف وخلع وإحراق تمثل هدفا مباشرا للحملة التي تأخذ في الحسبان أيضا العائد المالي للمشروع كصدقة جارية تعود بالنفع على المقدسيين.

ويضع رئيس الجمعية أركان حلوجي في اعتبارات الحملة أهدافا روحية تهم المسلمين عامة، تتمثل بالاستجابة للدعوة المنسوبة للنبي محمد عليه الصلاة والسلام للمسلمين بأن يسرجوا قناديل القدس بالزيت إن عجزوا عن زيارتها، موضحا أن غرس الشجرة المباركة بالمدينة المقدسة يعني مدها بهذا الزيت.

لافتة لجمعية
لافتة لجمعية "الشباب الواعد" الدولية بإسطنبول كتب عليها: المسلمون لم ينسوا القدس 

دافع الحملة
يشير حلوجي إلى أن الحملة التي بدأت قبل شهر من اليوم، جاءت استجابة لدعوات أعداد كبيرة من المواطنين الأتراك الغاضبين من حريق هائل أضرمه المستوطنون بأراض فلسطينية مزروعة بالزيتون في القدس.

ويقول للجزيرة نت إن الاعتداءات الإسرائيلية على شجر الزيتون سببها أن الاحتلال ينظر له كرمز يعبر عن قوة المسلمين وتشبثهم بحقهم في القدس، تماما كما تتشبث جذور تلك الشجرة المباركة بالأرض الفلسطينية.

ويشير إلى أن الغراس التي يجري الآن العمل على شرائها ستوزع على رقع متعددة من الأرض، لكنه يرفض الإفصاح عن مواقعها بدقة كي لا تتعرض للقلع والتجريف من قبل الاحتلال.

ومن جملة التحديات التي يحملها المشروع إطلاق اسم السلطان عبد الحميد الثاني عليه، فاسم الرجل -وفقا لحلوجي- يرتبط بـ فلسطين التي فضل سلطان الدولة العثمانية أن "يعمل المبضع في جسده على أن يُملّك شبرا منها لأعداء المسلمين" كما أنه اسم يغيظ "الصهيونية وحلفاءها" وفقا لما يرى الناشط التركي.

حلوجي: غراس الزيتون التي يجري الآن العمل على شرائها ستوزع على رقع متعددة من المدينة المقدسة
حلوجي: غراس الزيتون التي يجري الآن العمل على شرائها ستوزع على رقع متعددة من المدينة المقدسة

وزاد الإعلان عن الحملة في موسم الزيتون -الذي يعد واحدا من أهم العادات الشعبية والثقافية في كل من فلسطين وتركيا- من تسليط الأضواء في الإعلام التركي على الحملة التي رأت فيها تعبيرا عن الثقافة المشتركة بين الشعبين.

ووصف توفيق يازجيلار منسق الأنشطة العام في "الشباب الواعد" الدولية التجاوب الشعبي مع الحملة والتبرع لها بــ "المبُشر" متوقعا أن يتم الانتهاء من تنفيذها مع نهاية أبريل/نيسان المقبل.

وأضاف أن التفاعل مع الحملة يرجع إلى إيمان المجتمع التركي بأن القدس حق لكافة المسلمين، وأن إعمارها مسؤولية عامة عليهم جميعا، مشيرا إلى أن الحملة قد تتجدد بعد اكتمالها رغم التوقعات بأن يعمل الاحتلال على منع تنفيذها.

ويوضح يازجيلار للجزيرة نت أن نشطاء ومؤسسات فلسطينية عملت مع الجمعية على تنفيذ الحملة، وأنهم جميعا أبدوا سعادتهم لطبيعتها "المستدامة" مشيرا إلى أن الغراس ستثبت في الأرض كعلامة على الثبات في وجه الاحتلال، وستعطي ثمر الزيتون والزيت بعد سنوات.

يازجيلار: غراس الشجرة المباركة ستثبت في الأرض علامة على الثبات بوجه الاحتلال
يازجيلار: غراس الشجرة المباركة ستثبت في الأرض علامة على الثبات بوجه الاحتلال

مشاريع متنوعة
ووفقا ليازجيلار، فإن التوجه لزراعة الزيتون في القدس يمثل جانبا من اهتمامات الجمعية التي تتخصص في العمل للمدينة والمسجد الأقصى بعدد من المجالات الخيرية والتعليمية والإغاثية والقانونية.

فإلى جانب مشروع زراعة الزيتون، تنفذ جمعية "الشباب الواعد" في تركيا عددا كبيرا من مشاريع الإغاثة في القدس من بينها حملة "السلة الغذائية" المتجددة شهريا، وتبني نفقات مئة طالب في المدارس سنويا، وتوفير الكسوة السنوية لمئة آخرين.

كما تقدم الدعم لمشاريع تنموية أخرى من بينها تبني تعليم مئة طالب جامعي ومساعدة معلمي المدارس المتطوعين وتوفير احتياجات العمل لمجموعة من الأطباء والدعم المالي لربات المنازل وإعمار البيوت.

وتوفر الجمعية خدمات أخرى لدعم المقدسيين في مواجهة إجراءات الاحتلال من بينها تعيين المحامين وتمويل الاستشارات القانونية في قضايا المقدسيين المنظورة أمام المحاكم الإسرائيلية، وتوفير خدمات الدعم النفسي للأطفال الذين يتعرضون لقرارات الحبس المنزلي.

المصدر : الجزيرة