بيت إجزا.. البيت وساكنوه أسرى الاحتلال الإسرائيلي

فلسطين - بيت إجزا - منزل عائلة غريّب2 -تصوير أمير ابو عرام - 18.1.2017
منزل عائلة غريب يتوسط مسافة بين مستوطنتين وصادر الاحتلال باقي أراضي صاحبه (الجزيرة نت)
أمير أبو عرام-قرية بيت إجزا (غرب القدس)

تعيش عائلة سعدات غريّب من قرية بيت إجزا شمال غرب مدينة القدس المحتلة في منزلها الذي يتوسط مستوطنة "جفعون حداشاه" المقامة على أراضي العائلة، تحت سلطة جنود الاحتلال الذين يتحكمون ببوابة منزلهم عن بعد، وفي ظل رقابة الكاميرات المنتشرة بكثرة حول منزلهم.

تعود جذور القصة إلى عام 1978، بعد عام واحد من بناء بيت عائلة غريّب، عندما استدعى قادة المستوطنين في منطقة شمال القدس والد سعدات الحاج صبري غريّب وعرضوا عليه بيع دونمٍ واحدٍ من أرضه التي تبلغ مساحتها نحو مئة دونم مقابل حقيبة أموال مليئة بالدولارات، إلا أن غريّب قابل العرض بالرفض، ففتحوا عليه وعلى عائلته أبوابا من المتاعب التي هددوه بها واستمرت حتى اليوم.

يقول سعدات غريب، الذي عاصر مقاومة والده محاولات المستوطنين للاستيلاء على الأرض، إن والده بدأ معركته معهم عندما قرروا الاستيلاء على أرضه بالقوة، وشرعوا ببناء خزان كبير للماء في بداية أرضه، إلا أنه كان يستغل الليل لهدم الخزان بمعاونة بعض الشبان، فبناه المستوطنون وهدمه الوالد أكثر من خمس مرات.

معركة قضائية
وتلقت العائلة منذ نهاية السبعينيات حتى عام 1993 ثمانية قرارات هدم لمنزلها، إلا أنها كانت قد حصلت في منتصف السبعينيات على رخصة بناء من الإدارة المدنية الإسرائيلية، ما مكّن العائلة من محاربة هذه القرارات عبر تعيين محامين للدفاع عن المنزل.

سعدات غريّب: الاحتلال استغل فترة اعتقالي لبناء الجدار حول المنزل وحفر نفقا على مدخله وبنى جسرا للمرور إليه (الجزيرة)
سعدات غريّب: الاحتلال استغل فترة اعتقالي لبناء الجدار حول المنزل وحفر نفقا على مدخله وبنى جسرا للمرور إليه (الجزيرة)

ومنذ بداية الثمانينيات، بدأ المستوطنون بمحاولة البناء على أرض عائلة غريب وإنشاء مستوطنتهم عليها، لتتواصل معها مواجهات فردية من العائلة التي قاضت المستوطنين في المحاكم الإسرائيلية ما أسفر عن منع البناء في الأرض حتى أصدرت المحكمة الإسرائيلية –قبيل اتفاق أسلوا 1993م- قرارها بعدم القدرة على البت في القضية بسبب تقسيمات الأراضي التي يتفاوض عليها الطرفان الإسرائيلي والفلسطيني، الأمر الذي ساعد المستوطنين على العمل بوتيرة متسارعة في بناء المستوطنة، التي بنيت خلال أعوام على مساحة أربعين دونما من الأرض.

بدأ الاحتلال عام 2003 ببناء الجدار الفاصل في قرية بيت إجزا، والذي كان مخططا له أن يلتف على منزل عائلة غريب ويصادرها، إلا أن العائلة تمكنت من استصدار قرار بوقف بناء الجدار لمدة عامين، فحاول المستوطنون بعدها افتعال المشاكل مع العائلة ما تسبب في اعتقال بعض أفرادها عام 2006 لمدة ثلاثة أشهر بحجة إلقاء الحجارة على المستوطنة.

يقول سعدات الذي اعتقل لثلاثة أشهر في سجون الاحتلال، إن الجيش استغل فترة غيابه عن البيت، وبدأ بناء الجدار الفاصل حوله، وحفر نفقا على مدخل ساحة البيت، وبنى فوقه جسرا للمرور إليه، وصادروا ستين دونما متبقية من الأرض لصالح الجدار التي تعود ملكيتها للعائلة.

ويضيف سعدات: أحاطوا البيت بسور وأسلاك شائكة، وأغلقوا المدخل الوحيد ببوابة صفراء يتحكم بها عن بعد مركز شرطة الاحتلال في مستوطنة عطروت شمال القدس.

عائلة غريّب تصر على البقاء في منزلها رغم حالة الاعتقال التي تعيشها (الجزيرة)
عائلة غريّب تصر على البقاء في منزلها رغم حالة الاعتقال التي تعيشها (الجزيرة)

بوابة مقيتة
وتطبق هذه البوابة الصفراء على أنفاس عائلة غريب المقدسية، حيث تقول والدة سعدات، الحاجة السبعينية سكينة غريّب إنها كانت في الماضي تتنقل بحرية في أرضها، لكنها اليوم حوصرت داخل بيتها، وتستذكر أيام زوجها صبري غريّب الأخيرة قبل وفاته، حيث كانوا يضطرون للانتظار ساعات طويلة حتى يسمح لهم بالخروج من المنزل ونقله إلى المستشفى
.

ويطلق جنود الاحتلال القنابل الغازية بشكل مستمر اتجاه بيت عائلة غريب، إذ يقول الطفل صبري سعدات إن الجنود يمنعونه أحيانا من اللعب في فناء بيته ويجبرونه على دخوله بالقوة، إضافة إلى خوفه المستمر جراء صُراخ المستوطنين وترديدهم الشتائم بحق أبيه وجده.

ورغم تحويل الاحتلال بيت عائلة غريّب إلى سجن صغير فإن الحاجة سكينة وأبناءها ومن خلفهم أحفادها، يُصرّون على البقاء في أرضهم رُغم المغريات التي تقدم لهم للخرج منها، مستذكرين موقف جدهم صبري غريّب الذي توفي وهو يوصيهم بالحفاظ على البيت والأرض.

المصدر : الجزيرة