ريّان.. كلية للطب المكمّل في القدس

2-من حفل تخريج كلية ريان للطب المكمل في القدس
انطلقت كلية الطب المكمل بغرفتين فقط وبدأت تتسع بشكل تدريجي حتى انتقلت لمبنى أثري أنشئ قبل مئة عام (الجزيرة نت)

أسيل جندي–القدس

ارتأى الطبيب الفلسطيني حازم الجولاني أن يفتتح كلية متخصصة في الطب المكمّل تمنح درجة الدبلوم بمدينة القدس المحتلة، بعد رحلة طويلة ذاق فيها ضروبا من المشقة والعنصرية والحقد الإسرائيلي.

وجاءت فكرة إنشاء كلية ريّان للطب المكمل التي تحتوي على أربعة تخصصات رئيسية، بعدما واجه الطبيب المقدسي صعوبات كثيرة أثناء دراسته الطب الطبيعي والصيني في جامعة تل أبيب الإسرائيلية عام 1994، وأبرزها نظرات الحقد التي استعصى على الطلبة الإسرائيليين إخفاؤها تجاهه كونه الفلسطيني الوحيد في ذلك التخصص حينها.

عن تلك المشاعر السلبية التي تحوّلت لاحقا لقصة نجاح، يقول الطبيب المقدسي "عدم إتقان اللغة العبرية كان أولى العقبات التي واجهتني خلال دراستي، وبعد التغلب عليها وجدتُ أنه لا يمكن التخلص من تعامل الطلبة معي كشخص مختلف كوني فلسطينيا، فنظرات الحقد والعنصرية خلال النقاش كانت جلية، ودائما كنتُ أردد في نفسي لماذا لا نملك صرحا علميا متخصصا في الطب المكمل ونستغني عنهم؟".

تصميم فنجاح
ورغم تردي الوضع الاقتصادي لعائلته بسبب وفاة والده واعتماد أشقائه الأصغر عليه لأنه الأكبر بينهم، صمم الجولاني على تحقيق حلمه بافتتاح الكلية التي أبصرت النور عام 2006 وبدأت بتعليم كل من الطب الصيني والطبيعي بالإضافة لتخصصي التدليك (المساجات) والبشرة الطبية.

العقبات التي واجهت الجولاني خلال الدراسة في الجامعات الإسرائيلية دفعته لإنشاء كلية مستقلة في القدس (الجزيرة نت)
العقبات التي واجهت الجولاني خلال الدراسة في الجامعات الإسرائيلية دفعته لإنشاء كلية مستقلة في القدس (الجزيرة نت)

وانطلقت الكلية بغرفتين فقط، وبدأت تتسع بشكل تدريجي حتى انتقلت لمبنى أثري أنشئ قبل مئة عام في شارع صلاح الدين الأيوبي، الشارع الأكثر حيوية بالمدينة، وبعد ترميمه توفرت للطلبة البيئة التعليمية الملائمة، وبدأ عدد المسجلين يرتفع تدريجيا مطلع كل عام دراسي جديد.

يتخرج طلبة الطب المكمل من كلية ريان بعد أربع سنوات من الالتحاق بها بواقع 3250 ساعة تدريبية نظرية وعملية، كل في تخصصه، كما يتم إرسالهم جميعا للتدرب بشكل مكثف في أقسام الطب الطبيعي والصيني إما بمستشفى أساف هروفيه بمدينة تل أبيب، وإما بمستشفيين في الصين تم الاتفاق مع إدارتيهما على استقبال الطلبة المقدسيين في عامهم الدراسي الأخير.

وتعتبر "ريّان" الكلية الوحيدة في شرقي القدس والتي تعترف بها كافة الجهات الرسمية بعد حصولها على التراخيص من الجهات المعنية. وعن هذه المسؤولية، يقول الجولاني "قبل اتخاذ قرار افتتاح الكلية عملت مدرسا في عدد من الكليات التي اكتشفتُ أنها تجارية بحتة ويتخرج منها الطالب بالحد الأدنى من المهارات، وكان ذلك دافعا لافتتاح كلية متخصصة في هذا المجال فقط، لأن التشعب قد يضعف جودة التعليم".

ويرفض الجولاني إطلاق اسم الطب البديل على التخصصات التي تدرّسها الكلية، ويرى أن الكثير من اللغط والمفاهيم الخاطئة ما زالت تتعلق بهذا النوع من الطب في الكثير من المجتمعات.

وأضاف "الطب المكمل يتضح من اسمه أنه مكمل للطب الغربي وليس بديلا عنه، لأننا لسنا بديلا عن العمليات الجراحية ولا الأدوية، وفي بعض الحالات عندما يُمنع مريض من دواء معين بسبب الحساسية لإحدى مكوناته نتمكن من إعطائه دواء بديلا، لكن ليس باستطاعتنا مثلا استبدال دواء ضغط الدم الذي يتناوله المريض بآخر".

وتطرق الجولاني لعدم إمكانية معالجة كافة الأمراض بشكل مطلق عن طريق الطب المكمّل خاصة في الحالات المرضية التي تحتاج لتدخل جراحي، مشددا في الوقت نفسه على أهمية مساهمة هذا النوع من الطب في التخفيف عن المرضى خاصة عن طريق الوخز بالإبر الصينية.

كلية الطب المكمل (البديل) تُستورد الأعشاب العلاجية من الصين بشكل أساسي (الجزيرة نت)
كلية الطب المكمل (البديل) تُستورد الأعشاب العلاجية من الصين بشكل أساسي (الجزيرة نت)

بين الصين والقدس
وتُستورد الأعشاب العلاجية من الصين بشكل أساسي، ويستخدمها طلبة الكلية في مساقاتهم التعليمية لسبر أغوار مكوناتها والتدرب على تحضيرها بشكل دقيق.

وحذّر الجولاني من عشوائية استخدام الأعشاب في العلاج، فعلى من يتعامل معها أن يعرف أولا موعد قطفها لأن معظمها تفقد فائدتها بعد ستة شهور من القطف.

وتابع "نهتم بعملية تجفيف الأعشاب وحفظها وتفاصيل المركبات الطبيعية لكل منها، بالإضافة لتحضيرها للعلاج بالنسب الدقيقة خاصة عند المزج بين أكثر من نوع من الأعشاب، وهذا ما دفعنا لافتتاح صيدلية طبيعية تقدم للمرضى وصفات الأعشاب الطبية بشكل صحيح بعدما اعتمد الفلسطينيون لسنوات طويلة على (حفنة العطّار) العشوائية".

المصدر : الجزيرة