حلم صغير في مدرسة من الطين يتوعدها نتنياهو

فلسطين - ضواحي القدس - مدرسة الخان الأحمر
صفوف مدرسة الخان الأحمر بنيت من إطارات السيارات المغطاة بالطين (الجزيرة نت)

ميرفت صادق-الخان الأحمر (شرق القدس)

في بداية مبكرة للعام الدراسي وفي محاولة منهم لإفشال قرار إسرائيلي بإغلاق مدرستهم المتواضعة، التحق التلميذ ماجد جبريل مع تسعة من زملائه بالصف التاسع في مدرسة الخان الأحمر شرق القدس.

في يومه الدراسي الأول استقر ماجد بزيه الأزرق في صف ضيق، وتحدث عن حلمه بأن يصبح رساما وأن يحصل على تعليم جامعي في الفنون مستقبلا. لكن حلمه قد يصطدم بوقف تعليمه إذا ما أغلقت مدرسته. 

يبين ماجد أن أقرب مدرسة لتجمعه السكني قد تحتاج إلى أكثر من ساعة للوصول إليها وتقع في مدينة أريحا شرقا. ويأتي هذا الطالب صيفا وشتاءً مشيًا على الأقدام من تجمع "المهتوِش" البدوي عبر طريق وعر ليصل مدرسة الخان الأحمر الواقعة بين القدس وأريحا. 

يقول طالب الصف التاسع إنه رغم فقر الأدوات لتنمية موهبته في الرسم بمدرسة الخان الأحمر فإنه يستطيع على الأقل الحصول على تعليم أساسي حتى الصف التاسع.

تهديد الحلم
وبينما تؤكد معلمته إسراء زهران أن الأدوات والوسائل التدريسية هنا محدودة، يبقى التهديد بإغلاق المدرسة هو ما يؤثر سلبا على تنمية مواهب الطلاب وعلى مستقبلهم التعليمي مهما كانت أحلامهم بسيطة. 

الطالب ماجد جبريل يحلم بأن يصبح رساما لكن الوعيد بهدم مدرسته يهدد مستقبله التعليمي (الجزيرة نت)
الطالب ماجد جبريل يحلم بأن يصبح رساما لكن الوعيد بهدم مدرسته يهدد مستقبله التعليمي (الجزيرة نت)

ويتحدث الطالب وزملاؤه عن مشاهدات يومية لاقتحامات الجيش الإسرائيلي للتجمعات البدوية. وفي مرات عدة يقول ماجد إن الجيش قام بتصوير الطلبة، وقبل شهور هدم الاحتلال أحد المساكن المجاورة للمدرسة. 

وكانت معلمة الرياضيات والتربية الفنية في المدرسة إسراء زهران، تستمع في الحصة الأولى إلى استياء الطلاب القليلين من ضيق المساحة وارتفاع الحرارة، وترد على تذمرهم بأن كل الصفوف تعاني من الظروف الصعبة ذاتها. 

تخدم مدرسة الخان الأحمر خمسة تجمعات بدوية في منطقة الخان الأحمر، وقد يصل بعض الطلبة بعد انتهاء الحصة الأولى بسبب بُعد تجمعاتهم وصعوبة الطريق وخطورته، مما يعني أن إغلاق هذه المدرسة سيوقف التعليم في هذه التجمعات تماما. 

وصفوف هذه المدرسة، وتعرف بمدرسة الإطارات، بنيت من إطارات السيارات المغطاة بالطين، أما من الداخل فغلفت الجدران بألواح خشبية ويجلس الطلبة على مقاعد بلاستيكية. 

عند بوابة المدرسة وقفت رجاء عرار ابنة الصف السابع بلباسها الأخضر الجديد (الزي المدرسي) لاستقبال القادمين للمشاركة في افتتاح العام الدراسي مبكرا في مدرستها وتحدي محاولة إغلاقها. 

تقول عرار إنه من الصعب عليها الانتقال للدراسة في منطقة بعيدة، كما هي حال الإناث في التجمعات البدوية، وقد يكون الخيار هو الدراسة في خيمة على أنقاض المدرسة إذا هدمت أو أغلقت. 

وتأتي رجاء من تجمع العراعرة البدوي مشيا على الأقدام نحو نصف ساعة في طريق جبلية وعرة ومراقبة جدا من الجيش الإسرائيلي. وتقول إن الكثير من العائلات رحلت مع أبنائها إلى مناطق جبع وعناتا غربا وجنوبا نحو القدس بسبب منع الاحتلال إقامة مدارس في التجمعات البدوية. 

أما  مديرة المدرسة حليمة زحايكة فتقول إنها لم تتسلم إخطارا رسميا بالإغلاق، لكنها تحدثت عن مخاوف كبيرة من إغلاق المدرسة وحرمان نحو 170 طالبا وطالبة من متابعة تعليمهم. 

وتقول هيئة مقاومة الاستيطان والجدار في السلطة الفلسطينية إن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أبلغ السفير الإيطالي لدى إسرائيل فرانشيسكو ماريا تال، أنه لن يكون عام دراسي في مدرسة الخان الأحمر الأساسية المختلطة، التي ساهمت إيطاليا عبر جمعية إيطالية في وجودها ودعم استمرارها.

‪(الجزيرة نت)‬ رغم تواضع المدرسة فإنها تخدم عدة تجمعات بدوية شرق القدس تمنع من إقامة مدارس في مناطقها 
‪(الجزيرة نت)‬ رغم تواضع المدرسة فإنها تخدم عدة تجمعات بدوية شرق القدس تمنع من إقامة مدارس في مناطقها 

مدارس مهددة
وكانت المحكمة العليا الإسرائيلية قد قررت إغلاق مدرسة الخان عام 2010، ثم جمدت القرار نتيجة ضغوط أوروبية، واليوم تشمل التهديدات سبع مدارس في التجمعات البدوية بضواحي القدس يدرس فيها 770 طالبا، وفق مدير تربية ضواحي القدس أيوب عليان. 

وتواجه أربع من هذه المدارس إخطارات بالهدم وهي مدرسة الخان الأحمر ومدرسة أبي نوار ومدرسة عرب الجهالين ومدرسة بادية القدس. 

وأعلن وزير التربية والتعليم في السلطة الفلسطينية صبري صيدم الأربعاء الماضي قبيل أيام من انطلاق العام الدراسي الجديد، عن افتتاح مدارس جديدة قريبا في تجمعات بدوية مهددة بالترحيل وخاصة في منطقة يطا جنوب الخليل. 

المصدر : الجزيرة