الاحتلال يتخوف من التفوق الديمغرافي للمقدسيين

أطفال القدس والداخل الفلسطيني المحتل يتوافدون إلى المسجد الأقصى
ارتفاع معدل مواليد المقدسيين يثير قلق الاحتلال بشأن الميزان الديمغرافي في القدس (الجزيرة)

الجزيرة نت-القدس

تبدي أوساط إسرائيلية قلقا متزايدا من الزيادة الديمغرافية للفلسطينيين في القدس المحتلة، وهو ما قاد مراكز بحثية وجهات حكومة خلال العقود الأخيرة إلى البحث عن حلول لمواجهة هذا التحدي وتعزيز الوجود اليهودي للحيلولة دون تحقق هذا الكابوس، خاصة مع بوادر هجرة يهودية من المدينة.

وفي هذا السياق، حذر تقرير بحثي صدر الشهر الماضي من "وضع سكاني خطير ستصل إليه المدينة حتى عام 2020″، مستحضرا أسبابا عدة تقف وراء تراجع نسبة اليهود في القدس، من بينها زيادة معدل الولادة عند العرب مقارنة بنظيره عند اليهود.

وعن أسباب الزيادة الفلسطينية، يقول معهد أورشليم لشؤون الدولة إن الإحصائيات الرسمية تفيد بوجود ثلاثين حالة ولادة لكل ألف من العرب، مقابل 25 ولادة لكل ألف من اليهود، كما أن سن الزواج والإنجاب عند الشباب اليهودي يتأخر حتى سن 25، مقابل التاسعة عشرة عند العرب، فضلا عن أن نسبة الأزواج الراغبين بالإنجاب على الفور عند اليهود 31%، بينما ترتفع النسبة عند العرب إلى 42%.

متدينون يهود متطرفون يمشون في البلدة القديمة بالقدس في عيد العرش اليهودي(الجزيرة)
متدينون يهود متطرفون يمشون في البلدة القديمة بالقدس في عيد العرش اليهودي(الجزيرة)

تعزيز السكن
ووفق المصدر نفسه، فإن العقود الأربعة الأخيرة شهدت ارتفاعا بنسبة 146% في عدد اليهود، مقابل 280% في عدد المقدسيين، وهو ما كان يفترض به أن يجعل العرب أغلبية، مما دفع الاحتلال لتعزيز انتقال الشبان اليهود للسكن في القدس ودعم مشاريع الأزواج الشابة، لا سيما من المتدينين الذين ينجبون أعدادا كثيرة مثل العرب.

وبينما كانت نسبة اليهود في القدس عام 1967 تشكل 74%، وصلت نسبتهم عام 2012 إلى 63%. ويفيد الجهاز المركزي للإحصاء الإسرائيلي أوائل العام الجاري 2016 بأن عدد سكان القدس -بشطريها الشرقي والغربي- يبلغ 829 ألف نسمة، بينهم 307 آلاف فلسطيني، بنسبة 39%، متوقعا أن تقتصر نسبة اليهود عام 2020 على 60%، وأن تتساوى النسبة عام 2030.

ويفيد تقرير المعهد الإسرائيلي بأن معدل هجرة اليهود السنوي يصل إلى 16 ألف حالة، ليبلغ مجموع من غادروا المدينة خلال 20 عاما 300 ألف يهودي، وعزا ذلك إلى صعوبة العثور على فرص عمل والارتفاع الباهظ في إيجارات الشقق السكنية.

تُعيدنا معطيات المعهد الإسرائيلي السابقة إلى قضية تسوية الأراضي العالقة في القدس، والتي توصف بأنها سيف ذو حدين بالنسبة للفلسطينيين والاحتلال على حد سواء. فمن جهة يستغل الاحتلال عدم إجراء التسوية لمنع الفلسطينيين من البناء، وفي المقابل إطلاق العنان لذاته للبناء كيف شاء، ومع ذلك فإن العامل الديمغرافي يشكل قلقا له.

وتفيد دراسة أعدها الكاتب الإسرائيلي المتخصص في شؤون القدس نداف شرغاي وعرضها أواخر العام الماضي في مركز تراث بيعن، أن غياب التسوية ساهم فيما سماه "البناء غير القانوني"، مما أثر سلبا على حق الفلسطيني في الملكية والتصرف بأراضيهم وعقاراتهم أو البناء الجديد.

قوات الاحتلال تمنع عددا من المقدسيين من دخول البلدة القديمة للوصول إلى منازلهم (الجزيرة)
قوات الاحتلال تمنع عددا من المقدسيين من دخول البلدة القديمة للوصول إلى منازلهم (الجزيرة)

انعدام الثقة
ويستعرض الكاتب أسبابا لعدم إجراء التسوية، من بينها التكلفة المالية وعدم وجود تعاون بين سلطات الاحتلال والأردن الذي يمتلك جميع الوثائق الخاصة بهذه القضية ويرفض التعاون مع الاحتلال بهذا الصدد.

أما العامل الأبرز والذي دونه لن تكون تسوية، فهو السكان الفلسطينيون. وهنا يشير الكاتب الإسرائيلي إلى حالة التشكيك وانعدام الثقة بين سلطات الاحتلال والمقدسيين، موضحا أنه ليس هناك اطمئنان بأن سكان القدس من الفلسطينيين سيبدون تعاونا حقيقيا في تسوية الأراضي وتسليم الوثائق التي بحوزتهم، خشية استغلالها لنقل ملكية أراضيهم لجهات أخرى غير عربية.

وفي الخلاصة، فإن أي تسوية للأراضي ستكون سيفا ذا حدين؛ فمن جهة تتطلب التسوية تسليم وثائق رسمية لسلطات الاحتلال، وهو ما يعني استغلالها للاستيلاء على عقارات وأراضي فلسطينية بطرق ملتوية، ومن جهة ثانية سيجبر الاحتلال على الاعتراف بحقوق الفلسطينيين وبالتالي الإقرار بحقهم في استغلال أملاكهم، وهو ما لا يريده الاحتلال الذي يسعى لتفريغ المدينة من المقدسيين.

المصدر : الجزيرة