القدس تستذكر انتفاضة الحجارة وشهداءها

فلسطين - صور من الانتفاضة الأولى-مجزرة الأقصى 1990 (وكالة الأنباء الفلسطينية)
مجزرة الأقصى عام 1990 كانت أبرز حدث بالقدس في انتفاضة الحجارة (الجزيرة نت)
محمد أبو الفيلات-القدس

تحل على القدس الذكرى السنوية التاسعة والعشرون للانتفاضة الفلسطينية الأولى التي عرفت باسم انتفاضة الحجارة، وهي تعيش في ألم لا يختلف كثيرا عن ألمها الذي عاشته مع انطلاقة الانتفاضة في 8 ديسمبر/كانون الأول 1987.

فقد شاركت القدس في الانتفاضة الأولى لتثبت أنها مازالت جزءا من فلسطين رغم الاحتلال الذي حاول جاهدا فصلها عنها، وكذلك تشارك اليوم في مواجهات شبه يومية مع الاحتلال لتناهض تهويدها.

انتفاضة الحجارة انطلقت بعيدا عن القدس، إثر دعس سائق شاحنة إسرائيلي مجموعة من العمال الفلسطينيين حتى استشهد منهم أربعة وأصيب آخرون في منطقة مخيم جاليا بقطاع غزة، فاشتعلت جميع المناطق الفلسطينية غضبا على الحادثة وخرج الجميع إلى الشوارع للمشاركة في مناهضة الاحتلال، وكان منها القدس. 

المختص في شؤون القدس الدكتور جمال عمرو قال للجزيرة نت إن القدس أدت دورا محوريا في الانتفاضة الأولى وما سبقها من ثورات وهبات وما لحقها من أحداث "فالقدس بوصلة كل الأحداث التي تجري في فلسطين".

الاحتلال استخدم قوته لإنهاء انتفاضة الحجارة بما في ذلك سياسة تكسير العظام (وكالة الأنباء الفلسطينية)
الاحتلال استخدم قوته لإنهاء انتفاضة الحجارة بما في ذلك سياسة تكسير العظام (وكالة الأنباء الفلسطينية)

البلدة القديمة
وذكر عمرو أن بلدة القدس القديمة هي التي قادت الانتفاضة في القدس وكانت شعلتها الأولى، فقدمت نصيبها من الشهداء الذين تجاوزوا أثناء تلك الانتفاضة 1160 شهيدا، والجرحى الذين تجاوزوا 90 ألفا، كما دمر الاحتلال 1228 منزلا واقتلع 140 ألف شجرة من المزارع الفلسطينية.

وكان أبرز ما قدمته القدس في هذه الانتفاضة يوم 8 أكتوبر/تشرين الأول 1990 حين ارتكب جيش الاحتلال الإسرائيلي مجزرة في المسجد الأقصى راح ضحيتها 23 شهيدا وأعداد كبيرة من الجرحى.

وبين جمال عمرو أن الاحتلال تفاجأ كثيرا من ردة الفعل الفلسطينية العنيفة في الانتفاضة الأولى، "فرد عليها بكل ما أوتي من قوة واستخدم الطائرات والدبابات والرشاشات، ما أدى إلى ارتقاء هذا العدد الكبير من الشهداء وإصابة عشرات الآلاف". 

من جهته يستذكر المصور الصحفي محفوظ أبو ترك بعضا من مشاهد تلك الانتفاضة, ويقول "كانت الميادين مشتعلة في جميع أرجاء فلسطين، وكنت أتنقل في يوم واحد من جنوب فلسطين إلى شمالها لتغطية الأحداث لأن الساحة الفلسطينية كانت شحيحة بالمصورين الصحفيين". 

ويضيف أبو ترك في حديث للجزيرة نت أن الانتفاضة كانت شعبية وشارك فيها الجميع من نساء ورجال، واستخدموا فيها كل ما أتيح لهم من أدوات المقاومة، فنعتت بانتفاضة الحجارة، لأن الحجارة كانت أكثر أدوات المقاومة استخداما، كما استخدموا معها الزجاجات الحارقة والأسلحة البيضاء، واقتصر استخدام السلاح على الخلايا المسلحة التي اتخذت من القرى والمناطق النائية مقرا لها. 

وبين المصور المقدسي أن أكثر المشاهد تأثيرا في الانتفاضة الأولى كانت مشاهد تشييع جثامين الشهداء، إذ يشارك بها المئات والآلاف ولم يكن يتمكن الاحتلال من منعهم من ذلك كما يفعل اليوم. 

الحجارة كانت سلاح انتفاضة 1987 ثم تحولت تدريجيا إلى المقاومة المسلحة (وكالة الأنباء الفلسطينية)
الحجارة كانت سلاح انتفاضة 1987 ثم تحولت تدريجيا إلى المقاومة المسلحة (وكالة الأنباء الفلسطينية)

أهداف تحققت
وقد حققت الانتفاضة عدة أهداف كما بين المختص بشؤون القدس الدكتور جمال عمرو؛ أعادت القضية الفلسطينية إلى مسارها الصحيح، بعد أن كانت قد حيدت بعد خروج القيادة الفلسطينية من لبنان إلى تونس، وأعادت القدس إلى مجرى المفاوضات بعد أن ظن الاحتلال أنها ألحقت بما أصبح يسمى دولة إسرائيل.

وبين أن المفاوض الفلسطيني أضاع الفرصة التي منحته إياها الانتفاضة بعد توقيعه على اتفاقية أوسلو ولم يستغل دور الانتفاضة في تحقيق أهداف حقيقية على أرض الواقع. 

ويضيف أن الانتفاضة الأولى أدت إلى جعل المحتل يفكر بحل الدولتين للانفصال عن الفلسطينيين كونها أثبتت أن الفلسطينيين لن يقبلوا أن يعيشوا بسلام مع المحتلين، وأثرت أخيرا على الفصائل الفلسطينية فحسنت من أوضاعها وارتباطه بوطنها، كما قال عمرو.

من خلال نافذة خاصة بموقع ريمكس فلسطين يمكنكم مشاهدة حكايات من انتفاضة الحجارة.

المصدر : الجزيرة