"معسكر الموت" ينغص حياة سكان بلدة أبو ديس المقدسية

ابو ديس - القدس - فلسطين - الجهة الجنوبية لمعسكر الجبل - والتي تطل علي شمالي بيت لحم وجوارها من القدس - 19 ديسمبر 2016تصوير عمر رجوبسمبر 2016تصوير عمر رجوب
مكان مطل للترويح عن النفس حوّله الاحتلال لمنطقة مواجهات مع المقدسيين (الجزيرة نت)

 عمر رجوب-أبو ديس (شرقي القدس) 

كانت أرضا تزينها اللوزيات والورود في محيط قصر يعرف باسم قصر أبو كامل ويقع ببلدة أبو ديس شرقي القدس المحتلة. يحب الناس المكان ويقصدونه ليتنزهوا مع أطفالهم، لجمال المكان وإطلالته على البلدات المجاورة. ومن هناك تسر الناظرين معشوقة الفلسطينيين قبة الصخرة المشرفة.

هذا المكان حوّله الاحتلال الإسرائيلي لمعسكر يصفه المقدسيون (بمعسكر الموت)، فاليوم لا شيء هناك إلا سياج تعلوه كاميرات مراقبة، وقصر أسير، وجنود إسرائيليون، وغرف توقيف، وأخرى للجنود، وأزقة تروي تفاصيل اعتداءات إسرائيلية بحق المواطنين، ويطلق عليه محليا معسكر الجبل. 

من مكان للترويح عن النفس حوّل الإسرائيليون منطقة الجبل لساحة مواجهات عنيفة بين الشبان المقدسيين وقوات الاحتلال، حتى غدت منطقة خطيرة غير مرغوبة بالسكن أو الزيارة بعدما أفقدها الاحتلال بهاءها، منتهكا حرمة منازلها ومعتديا على المواطنين منكلا بهم، حسب إفادة مواطنين. 

من قصر لمعسكر
بدأت القصة بالانتفاضة الأولى عام 1988م، عندما اقتحمت قوات الاحتلال منطقة الجبل ببلدة أبو ديس، وحولت القصر الذي يعود للفلسطيني أبو كامل عريقات لثكنة عسكرية، ويوما بعد يوم توسع الاحتلال بالمكان وزاد تعزيزته قوات وعتادا، مستغلا غياب أصحاب القصر في الأردن، حتى صار معسكرا كبيرا، حسب ما أفاد العضو في بلدية أبو ديس عبد الله أبو هلال.

أبو هلال: قوات الاحتلال تقتحم المنازل وتنكل بالسكان وتجري تفتيشات ليلية (الجزيرة نت)
أبو هلال: قوات الاحتلال تقتحم المنازل وتنكل بالسكان وتجري تفتيشات ليلية (الجزيرة نت)

وأضاف أبو هلال أنه في بداية تسعينيات القرن الماضي صار المكان مقرا للإدارة المدنية الإسرائيلية، وعند دخول السلطة الوطنية الفلسطينية تحول لمقرات تتبع أجهزة الأمن الفلسطينية ومحافظة القدس، حتى انتفاضة عام 2000م حين عادت القوات الإسرائيلية واحتلت المكان".

وبيّن أبو هلال الذي يسكن قرب المعسكر أن القوات الموجودة هناك تقتحم منازل المواطنين وتعتدي عليهم، وتعد كمائن للشبان بين المنازل، عدا اقتحام قوات المشاة للأزقة والتنكيل بالمواطنين واحتجازهم والتحقيق معهم عن سبب وجودهم بالمكان، كما تستهدف القوات منازل المواطنين بقنابل الغاز المسيل للدموع والرصاص الحي والمطاطي وقنابل الصوت، ما جعلهم عرضة للإصابة والخطر أثناء المواجهات.

يذكر الشاب جوهر ناصر حلبية من بلدة أبو ديس للجزيرة نت تفاصيل اعتداء قوات الاحتلال عليه وعلى صديقه ذات يوم أثناء ذهابهم لزيارة صديقهم، ويروي "كنت وصديقي آدم جاموس في طريقنا لزيارة صديق لنا في منطقة الجبل، وفي الطريق أطلقت قوات الاحتلال وابلا كثيفا من الرصاص الحي تجاهنا، وأُصبنا بمناطق متفرقة من الجسد".

ويضيف أبو حلبية "بعدها أطلق الجنود علينا الكلاب البوليسية فنهشت من جسدي وسببت لي جروحا أخرى، ثم سحلونا على الأرض مسافة 300 متر، وفي الطريق أنهكتنا لكمات الجنود وضربات أعقاب بنادقهم".

معسكر الجبل تحول إلى نقطة تنكيل بالمقدسيين وسجلت في محيطه جملة اعتداءات وارتقى شهداء (الجزيرة نت)
معسكر الجبل تحول إلى نقطة تنكيل بالمقدسيين وسجلت في محيطه جملة اعتداءات وارتقى شهداء (الجزيرة نت)

اعتداءات قاسية
حوادث أخرى حصلت بالمنطقة، بينها الاعتداء على المقدسي وسيم حمدون وبتر قدمه إثر إصابته برصاص مستعربين في أغسطس/آب الماضي. أما الطفل محمد نبيل حلبية فقد منع جنود الاحتلال الإسعاف عنه ما أدى لاستشهاده في 24 يناير/كانون الثاني 2016، حيث زعم الاحتلال وقتها أنه حاول إلقاء كوع متفجر تجاه المعسكر، لكنه انفجر بيده قبل إطلاقه، حسب رواية مواطنين للجزيرة نت.

وأضاف المواطنون أن الطفل محمد جاموس كان عائدا من مدرسته لمنزل أقاربه بمحيط المعسكر بتاريخ 19 نوفمبر/تشرين الثاني 2015، عندما أطلق عليه الجنود الرصاص الحي ما أدى لإصابته في الشريان الرئيسي في فخذه وتسبب له بجروح خطيرة ما زال يعاني من آثارها حتى اليوم.

وتطول قصص معاناة المواطنين اليومية مع المعسكر وجنوده، خاصة الجمعة من كل أسبوع حيث تدور في محيطه مواجهات تستمر لساعات يطلق فيها الاحتلال قنابل الغاز السامة وقنابل الصوت والرصاص بأنواعه تجاه المواطنين وممتلكاتهم، ما يؤدي لتعريض حياة المواطنين للخطر.

المصدر : الجزيرة