لماذا يعارض المستوطن يهودا غليك قانون منع الأذان؟

غليك في الحرم القدسي وبحوزته صورة للهيكل المزعوم
غليك نجا من رصاصات شاب فلسطيني وقال في حينه إنه سيكون منحازا لمبادئ التفاهم واحترام الرأي المعارض (الجزيرة-أرشيف)

أسيل جندي-القدس

لم يُعرف عضو الكنيست من حزب الليكود يهودا غليك يوما بالتسامح والاعتدال، بل يعد من أبرز الشخصيات الإسرائيلية اليمينية التي توصف بالتطرف، ويشتهر في إسرائيل بأنه أحد أبرز المدافعين عما يسمى "جبل الهيكل" الذي يزعم متطرفون يهود أنه مكان المسجد الأقصى ويسعون للسيطرة عليه.

لعلّ من الغرابة أن يتحرك غليك مؤخرا لعرقلة قانون منع الأذان الذي يسعى الاحتلال لتمريره بالكنيست، والعمل على إجهاض القراءة التمهيدية له في البرلمان، فهل دعواته لتسامح الأديان خداع ديني لتبييض صفحة اليمين والليكود أم اعتدال وبراغماتية سياسية بعد نجاته من محاولة اغتيال وخوفه من أخرى مستقبلا؟

بادر عضو الكنيست زهير بهلول للاتصال بغليك مؤخرا لإقناعه بخطورة قرار منع الأذان، وضرورة الالتفاف على قرار رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو والنضال ضد هذا القانون المسيء للديانة الإسلامية.

مناهض ذو وزن
وفي حديث للجزيرة نت، قال بهلول "ارتأيتُ أن أضم رجلا من اليمين الإسرائيلي ليكون لي وزن في مناهضة هذا القرار، وحينما توجهتُ لغليك تقبل دعوتي ونظمنا معا لقاء كبيرا ضم رجال دين مسلمين ومسيحيين بالإضافة لعدد من الحاخامات".

‪بهلول: ارتأيتُ أن أضم رجلا من اليمين الإسرائيلي ليكون لي وزن في مناهضة هذا القرار‬ بهلول: ارتأيتُ أن أضم رجلا من اليمين الإسرائيلي ليكون لي وزن في مناهضة هذا القرار (الجزيرة نت)
‪بهلول: ارتأيتُ أن أضم رجلا من اليمين الإسرائيلي ليكون لي وزن في مناهضة هذا القرار‬ بهلول: ارتأيتُ أن أضم رجلا من اليمين الإسرائيلي ليكون لي وزن في مناهضة هذا القرار (الجزيرة نت)

وأضاف أنه خلال اللقاء تم اقتراح تسوية بتنظيم لجان دينية محلية في كل المدن والبلدات المختلطة بين المسلمين واليهود، وفي حال نشوب خلاف بينهم حول رفع الأذان بالإمكان التوجه حينها للجنة وزارية مكونة من رجال دين مسلمين ويهود من أجل الوصول لحل ملائم، هذا إلى جانب الوقوف بوجه القرار في الكنيست حتى يُزال من أجندته.

ووفق بهلول فإن الضغط الذي مورس في الكنيست -بالتئام أعضاء من كافة الأطياف وحاخامات مع اقتراح التسوية- أدى لتأجيل التصويت على القراءة التمهيدية لـ قانون منع الأذان لأجل غير مسمى.

وفي قراءته لسلوكيات غليك الأخيرة، يرى المستشار الإعلامي المختص بالشأن الإسرائيلي محمد مصالحة أن غليك في منقلبه الأيديولوجي بعد دخوله المعترك السياسي وتعرضه لمحاولة اغتيال يثبت أن السياسة هي فن الممكن وأن التطرف السياسي المغلف بالدين قاده للشعبوية المطلقة، وعندما وصل لمبتغاه بدأ اللعب على تغيير دف الرقص السياسي للوصول إلى النجومية العالمية.

وحول دوافع غليك في معارضته لقانون منع الآذان، أكد مصالحة أن غليك يحاول تبييض صفحة اليمين والليكود والتأكيد على شرعنة الاستيطان، فهو يتحدث مؤخرا عن حق الفلسطينيين بالعمل والرفاهية بالتوازي مع حق البناء للمستوطنين والتوسع فيه.

وأضاف مصالحة "غليك سياسي ذكي لم يغير من قناعاته الدينية الراسخة بخصوص حق امتلاك بيت المقدس لليهود وإقامة الهيكل الثالث، لكن لا بد أنه يخشى رصاصات أخرى تنهي مشاريع أحلامه الدينية والسياسية، وهو حاليا لا يلاقي استحسان المتطرفين في حزبه وأحزاب اليمين ولا في طرف المستوطنين الذين يهاجمونه بوتيرة عالية مؤخرا".

undefined

درس الرصاص
وكان غليك قد تعرض لمحاولة اغتيال على يد الشهيد المقدسي معتز حجازي الذي أطلق عليه أربع رصاصات نقل على إثرها للعناية المكثفة، وذلك بأكتوبر/تشرين الأول 2014.

وفي مقابلة أجراها معه موقع صحيفة معاريف الإلكتروني مؤخرا، قال غليك "قبل أن يطلق علي الشاب حجازي رصاصاته الأربع عن قرب قال لي: أنا لا أحب القتل ولكنك تماديت باستفزاز مشاعرنا ومشاعر جميع المسلمين بزياراتك الاستفزازية للأقصى وأطلق النار بعدها فورا".

وأضاف "أنا حصلت من الرب على حياة جديدة وأثر الحادث بشكل كبير على قناعاتي السياسية المتطرفة، لذا سأكون من الآن فصاعدا أكثر تطرفا بانحيازي لمبادئ التفاهم واحترام الرأي المعارض، ولن أعود لباحات الأقصى إلا برفقة أعضاء الكنيست العرب للتأكيد على أن الأماكن المقدسة لكل الديانات، ويجب أن تكون مفتوحة بوجه الجميع لإرساء مبدأ محبة الأديان والعيش المشترك".

ويبلغ غيلك من العمر 49 عاما، ويسكن بمستوطنة "عنتئيل" المقامة على أراضي الفلسطينيين في مدينة الخليل بـ الضفة الغربية، وعمل لخمس سنوات رئيسا لمؤسسة "تراث جبل الهيكل" وقد ساعد في إنشاء منتدى "قيادة المستوطنين" بالضفة.

المصدر : الجزيرة