هدم منازل المقدسيين وشرعنة المستوطنات

هدم منازل المقدسيين وشرعنة المستوطنات"
 

مجموعتان منفصلتان من المنازل التي بنيت من دون ترخيص في الأراضي الفلسطينية المحتلة تنتظر مصيرا مختلفا كليا.

الفلسطينيون، خاصة الساكنين في القدس الشرقية حيث لم تتم الموافقة على عمل التخطيط اللازم للأحياء الفلسطينية منذ 49 عاما، يتعرضون إلى هدم بيوتهم في كل مرة يتجرأ أحدهم على بناء مسكن لأسرته دون الحصول على ترخيص إسكان إسرائيلي والذي يعتبر من شبه المستحيل تقريبا.

لقد تم في هذا العام وحتى الآن تدمير حوالي 112 منزلا فلسطينيا، وذلك بزيادة تصل إلى 74 منزلا أكثر من تلك التي دمرت عام 2015.

خياران
يعطي الإسرائيليون أصحاب المنازل خيارا: إما أن يهدموا بيوتهم بأنفسهم أو يدفعوا فاتورة باهظة للحكومة لكي تقوم هي بتدميره.

يتم هدم المنازل وأبنية أخرى في أجزاء أخرى من الأراضي المحتلة كذلك، لا سيما في غور الأردن وفي منطقة الخليل حتى أن هناك عددا من الأبنية التي بنيت بأموال من الاتحاد الأوروبي وغيره تم تدميرها من قبل الجيش الإسرائيلي.

يعطي الإسرائيليون أصحاب المنازل خيارا: إما أن يهدموا بيوتهم بأنفسهم أو يدفعوا فاتورة باهظة للحكومة لكي تقوم هي بتدميره

وفي الوقت نفسه، فإن الحكومة الاسرائيلية التي تأمر بتدمير المنازل الفلسطينية تعمل على إضفاء الشرعية على البؤر الاستيطانية التي بنيت من دون موافقة حكومة الاحتلال.

وافقت لجنة في الكنيست على مشروع قانون مثير للجدل من شأنه أن يضفي الشرعية على هذه المستوطنات بأثر رجعي، كما تم التصويت بالقراءة الأولى على قانون يشرعن كافة المستوطنات في الأراضي المحتلة.

ويعتبر القانون الدولي كافة المستوطنات غير شرعية، ويمنع شعب دولة الاحتلال من الانتقال إلى المناطق المحتلة. كما أن هدم بيوت المواطنين الأصليين الذين يقبعون تحت الاحتلال ممنوع أيضا إذ يعتبر عقابا جماعيا.

المستوطنون المدعومون في كثير من الأحيان من الجيش والإدارة المدنية، ومن غيرهم من السياسيين والإداريين الحكوميين، يخططون ويستولون على الأراضي والمنشآت الموجودة في المستوطنات من تلقاء أنفسهم.  

نشرت منظمات إسرائيلية وفلسطينية مختلفة ووسائل الإعلام تقارير استقصائية واسعة ودراسات حول مدى تعاون المستوطنين والحكومة بهدف اتخاذ الأراضي الفلسطينية لجعلها متاحة بشكل خاص للمستوطنين والمستوطنات اليهودية.

يعمل المستوطنون اليهود تحت حماية الجيش الإسرائيلي على إنشاء هذه المستوطنات على أراضٍ لا يملكونها. وأحيانا تتم مصادرة الأراضي من الفلسطينيين بحجة المصلحة العامة، وفي أوقات أخرى تدعي إسرائيل أن الأرض هي أراضي ميرية، أي ملك للدولة، وعليه تقوم إسرائيل بالسيطرة عليها على الرغم من أنها قوة محتلة يُحظر عليها بشكل واضح من القانون الدولي تغيير الوضع القانوني للمناطق التي تحتلها.

أحيانا يتم بناء المستوطنات الإسرائيلية على أراض فلسطينية خاصة، وإحدى هذه القضايا تنظر فيها المحكمة العليا الإسرائيلية في الوقت الحاضر.

تجاوز العراقيل
تم بناء مستوطنة عمونا على أرض تعود لعائلة "حمد" الفلسطينية من منطقة سلواد (بالقرب من رام الله). هذه إحدى الحالات القليلة التي حكمت فيها المحكمة العليا الإسرائيلية لصالح مالك الأرض الفلسطيني، ورفضت الجهود التي بذلها المستوطنون الإسرائيليون والحكومة حتى يتم غض النظر عن حقيقة بسيطة ألا وهي أن الأرض ملك لعائلة فلسطينية.

يتم العمل داخل الكنيست والحكومة على محاولة تسوية بعض المستوطنات القائمة من أجل تجاوز العراقيل القانونية الداخلية والمعارضة الدولية.

الاحتلال العسكري انحراف وليس حالة طبيعية، ولا يمكن التوصل إلى حل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي دون الالتزام بإنهاء هذا الانحراف

إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما -التي وافقت على تقديم منحة ضخمة لعشر سنوات وقيمتها 38 مليار دولار- احتجت علنا على المشروع الاستيطاني الإسرائيلي، وحذرت على وجه التحديد من محاولة الموافقة وبأثر رجعي على إضفاء الشرعية على البؤر الاستيطانية التي تعتبرها إسرائيل نفسها غير قانونية.

التناقض بين تفاعل إسرائيل مع الفلسطينيين الذين يبنون بيوتهم على أرضهم وفي المناطق الفلسطينية وتفاعلها مع المستوطنين اليهود الذين يبنون مستوطناتهم التي تعتبر انتهاكا للقانون الإنساني الدولي يعبر بشكل واضح عن طبيعة التمييز العنصري للاحتلال.

قوة الاحتلال التي تغض النظر عن المستوطنات اليهودية وتوفر لهم الأمن والحماية والمياه والكهرباء، وتتستر على أعمالهم غير القانونية، تتصرف بطريقة مختلفة تماما تجاه السكان الفلسطينيين في القدس.

لا يوجد تطابق بين حالة فلسطيني في القدس أجبر على بناء منزل على أرضه دون الحصول على ترخيص من قوة احتلال مصممة على حرمان الفلسطينيين من حقوقهم الأساسية، والمشروع الاستيطاني المسلح بسلطة الاحتلال والمال من الجيش والحكومة ودعم مجموعات المستوطنين.

الاحتلال العسكري انحراف وليس حالة طبيعية ولا يمكن التوصل إلى حل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي دون الالتزام بإنهاء هذا الانحراف.

لا يمكن للاحتلال أن يستمر مهما بلغ عدد السنوات التي مرت ومهما كانت بارعة حملة العلاقات العامة للمحتل.

المصدر : الجزيرة