مسنون على وصال مع الأقصى بالمركبات الكهربائية

جمان أبوعرفة-القدس

يغدو المسن طلال الرجبي (64 عاما) إلى المسجد الأقصى فجر كل يوم عبر مركبته الكهربائية، فيبقى حتى صلاة الظهر ومن ثم يعود إلى بيته في بلدة سلوان جنوب المسجد، وينضم بعدها إلى صفوف المصلين في صلاتي المغرب والعشاء.

لكن هذا المسن يواجه بعض الصعوبات أثناء التنقل. ويقول للجزيرة نت إن باب الأسباط هو الوحيد المؤهل لعبور المركبة من خلاله، غير أن الاحتلال يغلقه في أوقات صلاة الفجر والمغرب والعشاء، مما يضطره إلى استعمال أبواب أخرى للمسجد يفتح منها مدخل صغير ذو عتبة عالية، الأمر الذي يعرقل دخول مركبته.

ويضيف "أضطر للنزول من المركبة لوضع خشبة أو الحديث مع الحراس لتمكين عبورها، لقد اشتريتها منذ عامين وهي تسهل لي زيارة الأقصى كثيرا باستثناء مشكلة الأبواب".

راحة وعبادة
وتحمل زيارة المسجد الأقصى في طيّاتها مشقة لكبار السن من المقدسيين الذين يضطرون للمشي مسافات طويلة بغية الوصول إلى المصليات المسقوفة التي تقام فيها الصلاة جماعةً، فمساحة المسجد البالغة 144 دونما تفرض وجود مساحات كبيرة تفصل بين أبوابه ومرافقه. لكن هذه المشقة لم تمنع  ارتياد كبار السن للأقصى بأعداد ملحوظة، خصوصا مع توفر مركبات كهربائية سهلّت وصولهم إليه وتنقلهم فيه.

محمود سرحان أكبر سائقي السيارات الكهربائية يواظب على الصلاة في الأقصى وإطعام طيوره (الجزيرة نت)
محمود سرحان أكبر سائقي السيارات الكهربائية يواظب على الصلاة في الأقصى وإطعام طيوره (الجزيرة نت)

واستطاع المقدسي زهدي أبو رجب (55 عاما) التغلب على إعاقته وعدم قدرته على المشي، فاقتنى مركبة كهربائية وأصبح مداوما على الصلاة في المسجد الأقصى. ويقول إن هذه المركبة سهلت وصوله ووصول العديد من المسنين إلى المسجد وزيادة أعداد المصلين فيه.

أما أكبر هؤلاء سنا الحاج محمود سرحان (83 عاما) فقد ركن مركبته قبالة سور البائكة وبدأ بتأدية الصلوات النافلة داخلها. ويقول للجزيرة نت إنه لم يكن ليستطيع زيارة الأقصى من دون مركبته بسبب تقدمه في السن وعدم قدرته على التنقل والمشي لمسافات طويلة.

ويضيف "أُبقيها متصلة بالكهرباء طوال الليل، ثم أنطلق بها صباحا إلى الأقصى، أطعم العصافير  وأصلي حتى العصر، تمتلك المركبة سواتر بلاستيكية شفافة تقيني من حر الشمس ومن المطر".

وتتراوح أسعار المركبات الكهربائية في القدس بين ألفين وسبعة آلاف دولار، فمنهم من يتمكن من اقتنائها ومنهم من تحول الظروف الاقتصادية دون ذلك، وهنا يقول المسن أبو فهد هاشم إنه يتكبد عناء الطريق والمواصلات العامة عندما يأتي من بيته في مخيم شعفاط إلى المسجد الأقصى بسبب حاجز الاحتلال الذي يفصل بين المخيم والقدس.

ويتمنى أبو هاشم أن يتمكن من تأمين ثمن المركبة وشرائها، ويضيف "تستغرق الطريق وقتا طويلاً  لكنني أحرص دوما على الصلاة في المسجد الأقصى، وأدعو الله أن يسهل لي السبيل لذلك".

المسن زهدي أبو رجب لم تمنعه الإعاقة من التواصل مع المسجد الأقصى (الجزيرة نت)
المسن زهدي أبو رجب لم تمنعه الإعاقة من التواصل مع المسجد الأقصى (الجزيرة نت)

سهلة الاستخدام
وتنتشر المركبات الكهربائية في أوقات الصلاة، حيث يستقلها أصحابها القادمون من مناطق القدس المختلفة، مستفيدين من إمكانية سواقتها في باحات المسجد، بالإضافة إلى عدم وجوب حيازة سائقها على رخصة قيادة أو مركبة، وشحنها بالكهرباء وعدم الحاجة للوقود.

ويمكن للمسنين ركن سياراتهم في أي مكان داخل المسجد باستثناء المصليات المسقوفة، فهي ذات حجم صغير تتسع لصاحبها فقط وأحياناً لراكب آخر وتزداد الحمولة باختلاف نوع المركبة واستخداماتها.

ويقدر عدد المركبات المنتشرة يومياً بنحو عشرين مركبة، ولا يوجد إحصاء محدد لها، فالعدد يتفاوت وفقاً للزمان وتوقيت الأعياد أو المناسبات الدينية، ويؤكد مدير المسجد الأقصى الشيخ عمر الكسواني للجزيرة نت أنه لا قيود محددة تفرض على المركبات داخل المسجد، فهي على نفقة المصلي الشخصية.

وقال إن الأوقاف تمتلك مركبات كهربائية أيضا تستخدم في أعمال الإطفاء والإسعاف ونقل المصلين المرضى أو ذوي الاحتياجات.

المصدر : الجزيرة