الولجة.. قرية مقدسية دمرتها النكبة واستهدفها الاحتلال

القدس- قرية الولجة
إبان النكبة هجر الآلاف من سكان قرية الولجة وبقي العشرات فأعادوا لها الحياة (الجزيرة نت)
 محمد أبو الفيلات-القدس

على الأراضي الممتدة جنوب غرب مدينة القدس، تتربع قرية الولجة المقدسية بمساحة أصلية تتجاوز 17 ألف دونم، سكنها العرب الكنعانيون منذ 5 آلاف سنة لوفرة مياهها وخصوبة أراضيها، وفي بطن هضابها تحتضن الصخور بئرين ارتوازيتين تنبثق عنهما عيون ماء كانت تروي سكانها وتسقي محاصيلهم الزراعية. 

لكن حال القرية تغيّر كثيرا بعد أن احتل 80% من أراضيها في نكبة عام 1948، إذ هجر الاحتلال ثلاثة آلاف من سكان الولجة ولم يتبق منهم إلا بضع عشرات، سكنوا في كهوف القرية وأخذوا شيئا فشيئا يعيدون بناءها على جزء صغير من أراضيهم حتى هزمت الجيوش العربية عام 1967 واحتلت باقي أراضي القرية. 

ففور احتلال القدس وضمّها لبلدية الاحتلال والإعلان أن القدس الموحدة هي عاصمة إسرائيل، ضمت مساحات كبيرة من أراضي القرية إلى حدود بلدية القدس، وأصبح البناء في القرية ممنوعا إلا بإذن من سلطات الاحتلال التي ترفض منح التراخيص لأهالي القرية، بل على العكس باشرت في سبعينيات القرن الماضي في هدم منازل المواطنين التي تقع ضمن حدود بلدية القدس بذريعة عدم الترخيص. 

بداية الهدم
وبينما كانت جرافات الاحتلال تهدم منازل أهالي قرية الولجة، كانت أخرى تحفر أساسات مستوطنة جيلو التي أقيم جزء كبير منها على أراضي القرية التي صودرت في عامي 1948 و1967. 

 أبو التين: الاحتلال بدأ سياسة الهدم في الولجة منذ سبعينيات القرن الماضي (الجزيرة نت)
 أبو التين: الاحتلال بدأ سياسة الهدم في الولجة منذ سبعينيات القرن الماضي (الجزيرة نت)

يقول رئيس مجلس محلي قرية الولجة عبد الرحمن أبو التين للجزيرة نت إن الاحتلال بدأ في سبعينيات القرن الماضي بأول عملية هدم بعد النكسة، ولم تتوقف عمليات هدمه لبيوت القرية حتى الآن، مشيرا إلى أكثر من ستين عملية هدم كان آخرها هدم أربعة منازل قبل شهرين. 

إضافة إلى عمليات الهدم التي قامت بها سلطات الاحتلال خلال الفترة الماضية، فإنها تعتزم هدم 60 منزلا آخر، وطلبت من أصحاب المنازل هدمها بأنفسهم وإلا ستغرمهم تكاليف هدم آلياتها لتلك البنايات. ويوضح أبو التين أن الاحتلال لا يفرق في عملية الهدم أو قرارات منع البناء بين أراضي القرية الواقعة ضمن حدود بلدية الاحتلال في القدس، أو بين الأراضي المصنفة "ج" التي تخضع للإدارة المدنية، اللتين تتقاسمان أراضي الولجة، "فهدف الاحتلال وقف الامتداد الفلسطيني في المنطقة، إذ تتوسط القرية عدة مستوطنات إسرائيلية كمستوطنة جيلو ومستوطنة هار جيلو ومستوطنات قرية المالحة وكذلك سكة قطار يافا القدس التي تمر من أراضيها".

ليس الهدم فقط هو ما يؤرق سكان قرية الولجة، فالقرية خالية تماما من شبكات الصرف الصحي وتعتمد في تصريف مجاريها على الحفر الامتصاصية المنتشرة بين البيوت، مما ينذر بكارثة صحية، إذ إن القرية لم تخضع لأي تطوير منذ احتلال الجزء الأكبر منها عام 1948.

ووفق رئيس المجلس المحلي فإن المجلس قام قبل ما يقارب الشهرين بتعبيد طريق ترابي يخدم العشرات من سكان القرية، لكنهم فوجئوا بقرار سلطات الاحتلال إزالة الإسفلت.

وتفتقر الولجة إلى وحدات صفية كافية لعدد الطلاب إذ إن القرية لا تضم إلا مدرستين، واحدة أنشأتها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (أنوروا) عام 1964ولا تضم إلا عدة صفوف بمناطق متفرقة في القرية، وأخرى بنيت بجهود أهالي القرية.

‪‬ الاحتلال يرفض منح سكان الولجة تراخيص بناء ويهدم المباني الجديدة(الجزيرة نت)
‪‬ الاحتلال يرفض منح سكان الولجة تراخيص بناء ويهدم المباني الجديدة(الجزيرة نت)

نقص المدارس
لكن كلتا المدرستين لا تستوعب إلا 400 طالب من أصل ما يقارب 600، فيضطر باقي الطلاب وخاصة ممن هم في المرحلة الثانوية إلى التوجه إلى مدارس محافظة بيت لحم القريبة للدراسة. 

ولا يتوجه طلاب القرية للدراسة في مدارس القدس رغم أن ثلثي سكانها يحملون الهويات المقدسية، بسبب جدار العزل الذي أقيم حول القرية فقضم أجزاء من أراضيها ولم يبق لها إلا ثلاثة آلاف دونم، وفصلها عن قرى مدينة القدس الأخرى وأصبح مدخلها إلى قرية القدس عبارة عن حاجز عسكري يتجنب العديد من الطلاب الاقتراب منه.

ويؤكد رئيس المجلس المحلي إصرار السكان على البقاء، مشيرا إلى شجرة زيتون معمرة في القرية يقول إن الكنعانيين زرعوها، وموضحا أن هذه الشجرة أصبحت أبرز معلم في القرية إذ بلغ محيطها 200 متر مربع وارتفاعها 12 مترا، وما زالت تنتج الزيتون في كل عام حيث يجتمع أهالي القرية على قطفه.

المصدر : الجزيرة