"زهرة المدائن" تُزهر بيوت فقراء القدس

القدس-البلدة القديمة-مقر مؤسسة زهرة المدائن في منتصف طريق الواد--تصوير جمان أبوعرفة-الجزيرة نت-
جمعية زهرة المدائن بدأت بمبادرة فردية وتعد اليوم من أكبر الجمعيات الخيرية في القدس (الجزيرة)

جُمان أبوعرفة-القدس

قبل ثماني سنوات اشترى أشرف الرجبي كرسيا وطاولةً من أرملة مقدسية، ووضعهما في غرفتين بعقبة التوتة في البلدة القديمة بالقدس، ليبدأ منها مشروعاً لمساعدة الفقراء، ويتطور لاحقاً إلى مؤسسة "زهرة المدائن"، التي تعد إحدى أكبر المؤسسات الخيرية في القدس، ولها أربعة أفرع في فلسطين.

في منتصف طريق الواد وقبالة طريق الآلام في البلدة القديمة، يقع المقر الرئيسي لمؤسسة زهرة المدائن التي تساند آلاف الفقراء في القدس والضفة الغربية، عبر مشاريع للإغاثة والتنمية تتركز في مدينة القدس.

تتكون المؤسسة، التي انطلقت عام 2008، من عشرات الموظفين ومئات المتطوعين، ويقول رئيسها أشرف الرجبي للجزيرة نت إن عمل المؤسسة بدأ بالمشاريع التراثية، لكنها اصطدمت لاحقاً بوجود نسبة عالية من الفقراء بالقدس، فبدأت بتوزيع 650 طرداً غذائياً على أهل البلدة القديمة، ومن ثم انتقلت إلى مشروع "العيش الكريم" الذي يوفر أكياس الخبز بشكل دوري للعائلات الفقيرة، حيث تمتلك المؤسسة اليوم سجلات سريّة بأسماء وبيانات الأفراد المستفيدين.

ارتفع عدد العائلات المستفيدة من المؤسسة بعد بناء جدار الفصل العنصري وعزل القدس عن محيطها، ليصل إلى الآلاف؛ نظراً لارتفاع نسبة الفقر الناتجة عن تراجع القوة الشرائية، وازدياد البطالة بين صفوف المقدسيين.

ويورد الرجبي مثالاً بإغلاق عشرات المحال التجارية في سوق اللحامين بسبب كساد السوق، وعدم وجود فرص عمل للشبان الذين يتعرضون للاعتقال والإبعاد المستمر، ويحظر عليهم العمل في الأماكن الحكومية بسبب سجلهم الأمني لدى الاحتلال.

وفي سبيل تلبية احتياجات الأسر المقدسية الفقيرة، تعمل المؤسسة على وضع العديد من المشاريع وجلب الدعم العربي والإسلامي لها، ومن ثم تقوم بتنفيذها، وتتنوع تلك المشاريع بين الطرود الغذائية، وتنظيم أنشطة وبناء أندية رياضية، وتوفير منح تعليمية ومستلزمات مدرسية، وتأسيس جوقة موسيقية، وتوزيع وجبات إفطار رمضانية، وكفالة الأيتام، وإطلاق مخيم صيفي سنوي.

ويقول الرجبي للجزيرة نت إن الهدف الأساسي من هذه المشاريع هو إغاثة الفقراء وتنمية المجتمع. ويضيف "أردنا أن تحمل المؤسسة أحد أسماء القدس، ويكون مقرها في القدس لأنها لُبّ القضية، وتنمية وإغاثة الإنسان فيها يعني تثبيته ودعم صموده في مواجهة سياسات الاحتلال المستمرة لإضعافه وتهجيره منها".

أشرف الرجبي: المؤسسة تعمل على تثبيت المقدسي ودعم صموده في مواجهة سياسات الاحتلال(الجزيرة)
أشرف الرجبي: المؤسسة تعمل على تثبيت المقدسي ودعم صموده في مواجهة سياسات الاحتلال(الجزيرة)

معاناة تدمي القلب
من جانبها، تعبر السكرتيرة التنفيذية في المؤسسة ياسمين تفكجي عن امتنانها لتمكنها من مساعدة الفقراء وخدمتهم من خلال عملها، الذي تصادف فيه يومياً حالات مؤلمة لم تكن تتوقع وجودها في القدس، فقد قابلت عائلات لا تملك قوت يومها، وتنام تحت سقف مهترئ آيل للسقوط، وتقول للجزيرة نت "أكثر ما يريحني هو ابتسامة الفقير ودعوته بالخير لي، شعور العطاء جميل جداً".

تخفف مؤسسة زهرة المدائن بعضاً من أعباء الحياة التي أثقلت كاهل المقدسيين، فيقوم طاقم البحث الميداني لديها بزيارة بيوت العائلات الفقيرة ومعاينتها عن كثب.

تقول أم محمد من بلدة سلوان جنوب المسجد الأقصى أنها ألّحت على الطاقم زيارة بيتها للاطلاع على حالته، فهي أم لخمسة أطفال وزوجها عاطل عن العمل، ويخلو البيت الذي تملؤه الرطوبة والعفن من الأثاث والأسرّة، حيث ينام أطفالها على الأرض وتنقصهم العديد من المستلزمات الضرورية.

وتقول للجزيرة نت إن المؤسسة ساعدتها في تأهيل منزلها وصيانته وتوفير الأثاث وله، وإحضار الألعاب والحقائب المدرسية لأطفالها.

وتروي ياسمين تفكجي أنها صُدمت بحال الأسرة عندما زارتها برفقة الطاقم، وتقول "لم يكن المنزل صالحاً للسكن، كانت خزائن المطبخ منهارة، والرطوبة تملأ المكان، لحقنا الأطفال فور خروجنا وطلبوا مني هاتفاً لوحياً وألعاباً".

وتظهر إحصائيات أعدتها مؤسسة زهرة المدائن عام 2015 أن عدد الفلسطينيين في القدس بلغ نحو 370 ألف نسمة، يشكلون 38% من مجموع السكان، ويقع 78% منهم تحت خط الفقر، بينهم 84% من الأطفال، حيث تشكل هذه النسبة التراجع الأعلى منذ سنوات، وتشير الإحصائيات إلى أن 40% من الرجال العرب لا يشاركون في القوة العاملة بالقدس، بينما لا تشارك 85% من النساء فيها.

المصدر : الجزيرة