حديث سفينة الأسلحة المتجهة لإسرائيل يشغل المغاربة

حشود كبيرة تشارك في المظاهرات الاحتجاجية (الأوروبية)

يشهد المغرب منذ أيام جدلا واسعا بعد رسو سفينة شحن دولية بميناء طنجة يشتبه في حملها معدات عسكرية موجهة إلى إسرائيل، تزامنا مع الإبادة التي ترتكبها إسرائيل بحق الفلسطينيين في قطاع غزة منذ عام ونصف.

ونظمت فعاليات شعبية ونقابية مظاهرات منددة بالأمر، وتقدم عدد من العمال المغاربة باستقالاتهم من شركة الشحن، في حين نفت جهات رسمية وشركة "ميرسك" المالكة للسفينة تلك الأنباء، مشيرة إلى عدم وجود أي شحنة ذات طابع عسكري على متنها.

وخرج مئات المغاربة في وقفات ومسيرات يومي 18 و20 أبريل/نيسان الجاري في عدد من المدن، أبرزها الرباط وفاس ومكناس وطنجة والدار البيضاء تنديدا بـ"توريد أسلحة تستخدم في العدوان على الشعب الفلسطيني".

الشعب يريد

ورفع المتظاهرون شعارات، منها "الشعب يريد إسقاط السفينة"، و"أوقفوا شحن الأسلحة، أوقفوا حرب الإبادة بحق الشعب الفلسطيني".

ودعت إلى هذه الاحتجاجات هيئات أهلية، مثل مجموعة العمل من أجل فلسطين، والجبهة المغربية لدعم فلسطين، والهيئة المغربية لنصرة قضايا الأمة، والمبادرة المغربية للدعم والنصرة.

وجاءت الدعوة بعد تداول معلومات تفيد بأن السفينة "ميرسك ديترويت" قادمة من الولايات المتحدة نحو قاعدة نيفاتيم العسكرية في إسرائيل وتحمل شحنة خاصة بطائرات "إف-35".

مغربيات يتوشحن كوفيات فلسطينية أمام ميناء طنجة المتوسطي خلال احتجاج على رسو السفينة المشبوهة (الأوروبية)

استقالات

وفي تطور لافت، ذكرت تقارير إعلامية أن 8 من العمال المغاربة العاملين في فرع شركة "ميرسك" بميناء طنجة قدّموا استقالاتهم احتجاجا على "نقل الأسلحة الأميركية إلى إسرائيل".

إعلان

ووفق موقعي "هسبريس" و"صوت المغرب"، فإن العمال واجهوا "ضغوطا كبيرة من طرف الشركة المتورطة في نقل الأسلحة المستعملة في الإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين في قطاع غزة".

وذكرت التقارير الإعلامية أن الشركة عمدت إلى الضغط على العمال للقيام بإفراغ الشحنة، وبعدما رفض أغلبيتهم ذلك اختارت العمال القدامى بشكل "تعسفي" للقيام بالعملية بهدف التخلص منهم في حال الرفض.

ووفق موقع "سفيركم" الإلكتروني، نفت مصادر داخل الشركة صحة ما تم تداوله بشأن استقالات جماعية لعمال احتجاجا على "توريد أسلحة أميركية إلى إسرائيل"، مؤكدة أن هذه الادعاءات لا تستند إلى أي أساس واقعي.

وأوضحت مصادر الموقع أن مغادرة عدد من العمال تمت في إطار انتقالات مهنية طبيعية نحو فرص عمل جديدة، مشددة على أن الخطوة لا علاقة لها بأي ضغوط أو توترات ذات صلة بعمليات الشحن داخل الميناء.

وبخصوص الادعاءات بشأن ضغوط مورست على العمال للتعامل مع شحنات موجهة إلى إسرائيل، اعتبرتها المصادر "غير دقيقة وتفتقر إلى أي دلائل موثوقة".

وأكدت أن كل عمليات الميناء تخضع لمراقبة صارمة من طرف السلطات المختصة، مما يمنع تمرير أي شحنات مخالفة للقوانين المعمول بها.

تحقيقات

من جانبها، أكدت مؤسسة "العدالة الخضراء" الدولية -ومقرها لندن- في تقرير لها أن التحقيقات التي أجرتها أظهرت أن السفينة لم تكن تحمل أي شحنات عسكرية، مشيرة إلى أنها خضعت لتفتيش دقيق في ميناء برشلونة بتاريخ 15 أبريل/نيسان الجاري "ولم يعثر على أي شبهة لحمولة عسكرية".

ووفقا لموقع "برلمان كوم" المقرب من السلطات، فإن تقرير "مؤسسة العدالة الخضراء" اعتمد على مصادر رسمية -من بينها بيان صادر عن شركة "ميرسك"- يؤكد التزامها بعدم نقل أي شحنات عسكرية.

في المقابل، قالت مصادر للجزيرة إن السفينة التي خضعت للتفتيش هي "نيكسو ميرسك"، وهي لا تحمل شحنات عسكرية لأنها كانت قادمة من حيفا آنذاك ومرت عبر فرنسا ثم برشلونة وصولا إلى الدار البيضاء، قبل انتقالها إلى طنجة لنقل الشحنة التي أحضرتها السفينة "ميرسك ديترويت" التي قدمت من الولايات المتحدة ولم تخضع لأي تفتيش.

إعلان

وقالت المصادر إنه لا يمكن أن تكون السفينة المذكورة "ميرسك ديترويت" قد مرت عبر برشلونة حيث قيل إنه جرى تفتيشها، لأنها بالأساس ممنوعة من دخول الموانئ الإسبانية على خلفية نقلها شحنات عسكرية، وبالتالي فهي تأتي من نيويورك مباشرة إلى طنجة لتضع الشحنة ثم تغادر عبر المحيط الأطلسي إلى آسيا، ولا تبحر في المتوسط.

كما نفت شركة "ميرسك" الدولية -ومقرها الدانمارك- "الادعاءات المتداولة بشأن رسو سفينة إسرائيلية محملة بالأسلحة أو الذخيرة في ميناء طنجة"، مؤكدة أن "هذه الأخبار لا أساس لها من الصحة، ولا تعكس طبيعة الشحنات التي تنقلها سفنها".

وشددت الشركة -في بيان لها- على أن "جميع عملياتها التجارية تخضع لأعلى معايير الامتثال للقوانين الدولية، وترتكز على مبادئ السلوك المسؤول في مجال الأعمال، بما في ذلك الميثاق العالمي للأمم المتحدة والمبادئ التوجيهية لمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية".

كما أصدرت الشركة بيانا آخر أكدت فيه أن الشحنة المقصودة تتعلق بقطع غيار لمقاتلات "إف-35″، لكنها موجهة إلى دول أخرى مشاركة في برنامج التصنيع المشترك، وليس لإسرائيل.

من جهتها، نفت جريدة "لاروليف" المغربية الناطقة بالفرنسية "الادعاءات الكاذبة بشأن حمولة السفينة"، معتبرة أن هناك "محاولات لتشويه صورة المغرب واستهداف إنجازاته الاقتصادية والدبلوماسية".

كما نفى مسؤولون في ميناء طنجة المتوسطي علمهم بوجود شحنة أسلحة متجهة إلى إسرائيل.

وأكد المسؤولون -وفق ما نقلته وسائل إعلام محلية- أن إدارة الميناء ليست معنية بمحتوى الشحنات الدولية المعاد شحنها، مشددين على التزام الميناء بالإجراءات المعتمدة.

ورغم النفي الصادر عن الشركة المشغلة ومصادر رسمية وإعلامية فإن الحكومة المغربية لم تصدر حتى الآن أي بيان رسمي بشأن السفينة، الأمر الذي يبقي باب التأويلات والتكهنات مفتوحا ويغذي استمرار التوتر في الشارع، في ظل الزخم الشعبي الكبير الذي تحظى به القضية الفلسطينية في المغرب.

إعلان
المصدر : الجزيرة + الأناضول

إعلان