محللون: مناظرة هاريس وترامب تشبه نهائي بطولة كرة القدم الأميركية

مجددا، تعيش الولايات حالة سياسية استثنائية تتمثل في الانتخابات الرئاسية التي تتنافس فيها نائبة الرئيس المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس والمرشح الجمهوري دونالد ترامب. وتأتي هذه الانتخابات في ظل ظروف داخلية ودولية ربما تكون أكثر تعقيدا من سابقتها التي لا يزال ترامب يرفض الاعتراف بخسارته فيها أمام الرئيس الحالي جو بايدن.

وفي هذه الساعات، يترقب الناخبون المناظرة الرئاسية الأولى بين هاريس وترامب التي تقول وسائل إعلام محلية إنها ستحدد مصير نائبة الرئيس السياسي التي لا يعرفها كثيرون، مقارنة بخصمها الرئيس السابق المتمرس في هذه المناظرات.

فقبل شهور قليلة تمكن ترامب من التفوق بشكل ملحوظ على بايدن في مناظرة جمعتهما، مما دفع الأخير إلى التخلي عن فكرة خوض السباق الانتخابي وإتاحة الفرصة لنائبته لعلها تنقذ حظوظ الحزب الديمقراطي في الاحتفاظ بالبيت الأبيض.

ويمثل الناخبون المترددون شريحة كبيرة من الأميركيين في الانتخابات الرئاسية المقبلة، وتلعب المناظرات الرئاسية دورا كبيرا في تحديد توجهات هذه الشريحة التي تحاول التعرف على أطروحات المرشحين وتقييم شخصيتيهما.

ورغم أنها ليست العامل الحاسم، فإن المناظرات مهمة كونها تعتبر الفرصة الوحيدة لمقارنة كل مرشح بخصمه من خلال أجوبته على الأسئلة نفسها. وهي أيضا تمنح كلا المرشحين فرصة الوصول إلى ملايين الأميركيين، كما يقول تقرير أعده للجزيرة عمر عبد اللطيف.

هاريس تواجه أصعب امتحان في تاريخها

ووفقا لمراسلة الجزيرة وجد وقفي، فقد استعدت هاريس جيدا لهذه اللحظة الفارقة في تاريخها حيث زارت الإستوديو الذي ستعقد فيها المناظرة وقضت 5 أيام في مكان يشبهه تماما داخل أحد فنادق بنسلفانيا، وواجهت شخصا يلعب دور ترامب الذي يكيل لها الاتهامات دون توقف.

كما قالت هاريس في مقابلة إذاعية يوم الاثنين إنها تتوقع مستوى متدنيا غير مسبوق من منافسها خلال المناظرة.

وفي حين تقول وقفي إن المرشحة الديمقراطية تواجه أصعب مهمة سياسية في حياتها أمام منافس شرس ومتمرس مثل ترامب، فإنها ستركز غالبا على قضايا داخلية كالإجهاض وحقوق المرأة وغيرها من الأمور التي قد تجتذب شريحة كبيرة من الناخبين.

مناظرة غير اعتيادية

في المقابل، يقول مراسل الجزيرة فادي منصور إن المناظرة المرتقبة ليست اعتيادية بالنظر إلى شخصية ترامب الذي لا يمكن توقع ما إذا كان سيلتزم بنصيحة مستشاريه والتركيز على القضايا التي تهم الجمهور، مثل أمن الحدود والتضخم وغيرها أم إنه سيواصل الهجوم على شخص منافسته.

ومن المتوقع -حسب منصور- أن يحمل ترامب نائبة الرئيس المسؤولية عن كل الإخفاقات التي حدثت خلال فترة جو بايدن، خصوصا فيما يتعلق بوصول التضخم إلى 9% وزيادة نسبة المهاجرين وتراجع الموقف الأميركي خارجيا في عدد من الملفات.

ووفقا لمراسل الجزيرة، فإن ترامب يستهدف من خلال هذه المواجهة للقضاء على هاريس كما فعل مع بايدن في المناظرة السابقة أو على الأقل تقريب الفوارق بينهما، التي لا تزال تميل لصالحها بشكل طفيف وفق استطلاعات الرأي.

وتشير أحدث استطلاعات للرأي إلى مواصلة هاريس التقدم على ترامب لكن بفروق بسيطة، حيث تحظى بدعم 48.4% مقابل 47.3% لترامب، غير أن هذه النسبة لا تعني حسم النتيجة في المجمع الانتخابي كما حدث في انتخابات سابقة، آخرها بين ترامب ومنافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون عام 2016 عندما فاز بأصوات المجمع الانتخابي رغم خسارته لأصوات الناخبين.

ولايات الحسم

لكن شراسة ترامب واعتماده على الأكاذيب -كما تقول وسائل الإعلام الأميركية- ليست وحدها المعضلة الوحيدة التي تواجه هاريس في هذه المنافسة التاريخية لها وللولايات المتحدة عموما، فهناك أيضا الولايات المتأرجحة التي تذهب التوقعات إلى أنها ستكون كلمة السر في اختيار من سيخلف بايدن في البيت الأبيض لـ4 سنوات مقبلة.

لذلك، فإن الأنظار كلها تنصب على الولايات السبع المتأرجحة (جورجيا، ميتشيغان، بنسلفانيا، ويسكونسن، كارولينا الشمالية، نيفادا، أريزونا)، التي التي يتنافس المرشحان على 93 صوتا بالمجمع الانتخابي.

ودخلت كارولينا الشمالية إلى قائمة الولايات المتأرجحة مؤخرا بعد ميلها لصالح الديمقراطيين، وهي التي كانت ولاية جمهورية تاريخيا. ووفقا لاستطلاعات الكبرى، فإن هاريس تتقدم بشكل طفيف في 3 من هذه الولايات السبع (ميتشيغان، ويسكونسن، نيفادا) بينما يتقدم ترامب بشكل طفيف أيضا في كارولينا الشمالية وجورجيا وإيريزنا.

لكن ولاية بنسلفانيا التي ستقام فيها المناظرة المرتقبة تمثل بيضة القبان على ما يبدو في هذه الانتخابات، لأنها الأكبر من حيث عدد الأصوات بالمجمع الانتخابي (19 صوتا)، فضلا عن أنها تشهد احتداما غير مسبوق، لأن كلا المرشحين يحظى بنسبة التأييد مماثلة فيها (47.6%).

ووصف السيناتور السابق عن الحزب الديمقراطي ديفيد كارلوتشي المناظرة المرتقبة بين هاريس وترامب بأنها "مثل نهائي بطولة كرة القدم الأميركية"، واستدرك قائلا إنها مناظرة أهم من سابقاتها.

وخلال نافذة تقدمها الجزيرة، قال كارلوتشي إن حظوظ ترامب أقل من هاريس، لأنه لا يحضر جيدا للمناظرة لإقناع الناخبين رغم أنه متمرس أكثر من غيره. وأضاف "أعتقد أنها ستكون مناظرة حاسمة وفرصة لإيصال الرسائل للناخبين الذين لا يبحثون عن شخص محبوب وإنما شخص لديه خطط".

ولفت إلى أن الناس لن يشاهدوا التسعين دقيقة ولكنهم سيتداولون مقاطع منها فيما بينهم للتعرف على كل مرشح و"هذا أمر سيؤثر جدا في الناخبين المترددين والمستقلين".

بدروه أعرب مارك فيفال -المستشار السابق للأمن القومي والمسؤول عن الاتصالات للرئيس جورج دبليو بوش- عن قناعته بأن الولايات المتحدة أمام مناظرة تاريخية لأنها قد تكون الوحيدة في هذا السابق.

وقال فيفال إن هاريس لديها أفضلية كونها مدعية عامة سابقة لكنها في الوقت نفسه أمام مواجهة شفيهة وليست بصدد دراسة قضية، مشيرا إلى أن على ترامب أن يتحدث كرئيس وأن يتخلى عن لغته الشعوبية التي يخاطب بها الحشود في المؤتمرات الانتخابية.

ويعتقد فيفال أن قضايا الاقتصاد والمهاجرين ستكون أساسية في حديث ترامب، لكن السؤال هو كيف سيطرحها دون أن يبدو معاديا للمهاجرين؟

وعن الملفات الخارجية، قال كارلوتشي إن ما يجري في قطاع غزة وما جرى في أفغانستان سيكون حاسما في المناظرة لو تم التركيز على القضايا الخارجية، بينما ستكون قضايا الإجهاض والتضخم هي الأهم لو تم التركيز على القضايا الداخلية.

وأضاف "لو تم التركيز على القضايا الخارجية فإن هاريس لن تترك ترامب يبسط الأمور ويقول إن ما يجري في أوكرانيا وغزة وأفغانستان ما كان ليحدث لو كان هو رئيسا، ولكنها ستجبره على قول ما الذي كان سيفعله".

أما فيفال، فقال إن هاريس لها تاريخ مهني طويل يجعلها متساوية مع ترامب، لكن سيظل عليها إدراك أنها ليست في محكمة وأن تبحث عن الأمور التي تعلق في أذهان الناخبين.

وبحسب استطلاع رأي أجرته مؤسسة غالوب قبل بضعة أشهر، فإن 49% من الناخبين في الحزبين الديمقراطي والجمهوري أو عدد كبير منهم هجروا الحزبين في عهدي بايدن وترامب، وتحولوا إلى ناخبين مستقلين.

المصدر : الجزيرة

إعلان