هل يتجه المغرب نحو انفراج حقوقي وسياسي جديد بعد العفو الملكي؟

محطة القطار الرباط المدينة شارع محمد الخامس بالرباط (26)
شارع محمد الخامس بالرباط (الجزيرة)

خاص – المغرب

تلقت الأوساط السياسية والحقوقية بالمغرب عفو الملك محمد السادس عن عدد من الصحفيين والنشطاء الحقوقيين بالترحيب.

ورأى البعض أنه بداية انفراج سياسي وحقوقي مهم بالمملكة التي تواجه جملة من التحديات الاجتماعية والاقتصادية.

وأصدر الملك المغربي محمد السادس بمناسبة الذكرى الـ25 لتوليه العرش أمرا بالعفو عن عدد من السجناء، من بينهم الصحفيون توفيق بوعشرين وعمر الراضي وسليمان الريسوني، بالإضافة إلى إسقاط المتابعة بحق المؤرخ والناشط الحقوقي المعطي منجب وإعلاميين آخرين.

وكان الصحفيون الثلاثة قد اعتقلوا بتهم عدة في قضايا مختلفة قالوا إنها "قضايا مفبركة" و"تهم لا أساس لها من الصحة"، وإنه تم الانتقام منهم بسبب انتقاداتهم المستمرة للسلطات، لكن جهة الادعاء أكدت أن محاكماتهم لا علاقة لها بحرية التعبير، بل حوكموا على جرائم تتصل بالقانون العام.

3: عبد الحفيظ اليونسي أستاذ العلوم السياسية بجامعة الحسن الأول بسطات
عبد الحفيظ اليونسي: العفو الملكي يمثل لحظة حقوقية بامتياز تلاقت فيها إرادة ملك البلاد ومطالب الحقوقيين (الجزيرة)

وخلال فعالية نظمتها جمعيات حقوقية بالرباط أمس السبت احتفاء بالصحفيين المفرج عنهم بموجب العفو الملكي، دعا سليمان الريسوني أحد المستفيدين من المبادرة الملكية إلى تضافر جهود الجميع من أجل عدم تكرار ما حدث، مشددا على أن اعتقاله كان "تعسفيا".

وأكد الريسوني في كلمة بالمناسبة تمسكه وثباته على المواقف نفسها التي كان يؤمن بها قبل دخول السجن، مطالبا بتضافر جهود الجميع من أجل إطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين ونشطاء الحراك الاجتماعي، معتبرا أن الفرحة تبقى "منقوصة في ظل استمرار اعتقالهم".

وهاجم الريسوني ما سماها "صحافة التشهير"، مؤكدا أن الدولة مطالبة بالقطع معها وإيقافها بشكل نهائي، ولافتا إلى أنها تختص بتدمير صورة الصحفيين وتشويه سمعتهم.

مكاسب العفو

ورأى أستاذ العلوم السياسية بجامعة الحسن الأول بمدينة سطات عبد الحفيظ اليونسي أن العفو الملكي يمثل "لحظة حقوقية بامتياز تلاقت فيها إرادة ملك البلاد ومطالب الحقوقيين المغاربة بخصوص طي مجموعة من الملفات التي بت فيها القضاء نهائيا ويعتبرها جمهور الحقوقيين المغاربة ملفات تشوبها بعض الخروقات في مختلف مراحل تدبير الملف".

4: نبيل الأندلوسي رئيس منتدى الكرامة لحقوق الإنسان
نبيل الأندلوسي: استبشرنا خيرا بالقرار كمقدمة لحدوث انفراج حقوقي شامل (الجزيرة)

وأشار إلى أن بعض الأشخاص المشمولين بالعفو كانوا "موضوع مطالب مؤسسات حقوقية دولية حكومية وغير حكومية بإعادة النظر في ملفاتهم؛ خصوصا أن أغلب هذه الملفات مرتبطة بما يعتبرونه تضييقا على حرية التعبير وحرية الصحافة".

وخلص المتحدث ذاته إلى أن هذا العفو "خطوة مهمة نحو طي ملفات أخرى مشابهة وبالتالي تحسين صورة المغرب الحقوقية داخليا وخارجيا".

وسجل اليونسي أن المكاسب الداخلية التي حققها المغرب أساسا تتمثل في استعادة الثقة في المؤسسات وإعادة إحياء البعد الحقوقي في تدبير الشأن العام بالمغرب.

أما على المستوى الخارجي، فبيّن المحلل السياسي ذاته أن العفو من شأنه تحسين صورة المغرب الحقوقية، خصوصا أنه يرأس لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة.

إفراج ناقص

ورأى رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان السابق أحمد الهايج أن العفو الذي تم بموجبه إطلاق سراح عدد من المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي "شيء إيجابي ولا يمكن إلا أن نعبّر عن إشادتنا به".

لكنه استدرك، في تصريح للجزيرة نت، أنه كان مفترضا أن يقطع المغرب نهائيا مع جميع أشكال الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان منذ تجربة هيئة الإنصاف والمصالحة، وأن توفر الدولة "جميع الضمانات التشريعية والقانونية التي تكفل لجميع المواطنين أن يمارسوا حقوقهم وحرياتهم دون أي تقييد، إلا ما يفرضه القانون، وهو ما ينسجم مع القانون الدولي لحقوق الإنسان ومع المعايير الدولية المعتمدة سواء في مجال حرية التعبير أو حرية الصحافة أو غيرها من الحريات".

كما رأى الحقوقي أن المغرب "لم يلتزم بتوصيات هيئة الإنصاف والمصالحة ولم يقطع قطعا نهائيا وبشكل بات مع الانتهاكات التي سجلت أيام الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان"، مؤكدا أنه لذلك جاء إطلاق سراح المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي "ناقصا وغير مكتمل".

2: أحمد الهايج الرئيس السابق للجمعية المغربية لحقوق الإنسان
أحمد الهايج: المغرب راكم إنجازات حقوقية مهمة لكن وقعت بعض الأخطاء (الجزيرة)

استدراك للتراجعات

من جهته، قال رئيس منتدى الكرامة لحقوق الإنسان نبيل الأندلوسي إن العفو الملكي عن عدد من الصحفيين والنشطاء الحقوقيين التفاتةٌ ملكية ذات بعد إنساني وحقوقي بمناسبة الذكرى الـ25 لتولي العاهل المغربي الحكم، مؤكدا ترحيب الحركة الحقوقية بهذا القرار الملكي وتثمينه.

وأضاف الأندلوسي في تصريح للجزيرة نت "استبشرنا خيرا بالقرار كمقدمة لحدوث انفراج حقوقي شامل يعالج الملفات الحقوقية التي ما زالت عالقة، ومنها ملف حراك الريف الذي لا يزال بعض قادته يقضون عقوبات سجنية متفاوتة".

وأكد رئيس منتدى الكرامة لحقوق الإنسان أن المغرب الحقوقي في عهد الملك محمد السادس راكم "إنجازات حقوقية مهمة، لكن وقعت بعض الأخطاء والتراجعات التي يجب أن تستدرك"، معتبرا أن العفو الذي وصفه بـ"النوعي" يمكن أن يكون "مقاربة حقوقية متجددة لطي صفحة الإخفاقات وتعزيز الإنجازات بما يصون المكتسبات ويحصنها، خاصة أن بلادنا تترأس هذه السنة مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة".

وكانت جل الهيئات السياسية والمدنية قد ثمنت العفو واعتبرته خطوة أولى تمهد الطريق نحو تصفية باقي الملفات الحقوقية العالقة، وعلى رأسها ملف قادة حراك الريف وفي مقدمتهم ناصر الزفزافي، الذي تتعالى الأصوات بين الفينة والأخرى مطالبة بالإفراج عنه وإنهاء الملف الذي يشكل مصدر إحراج للمملكة في الساحة الحقوقية الدولية، وفق النشطاء.

المصدر : الجزيرة

إعلان